الإجازة الصيفية بدأت والبحر ملجأ الفلسطينيين الوحيد

شواطئ غزة .. حلم المواطنيين بالفرح يسكنه الخوف من القذائف
مع إزدياد حرارة الشمس الساطعة فوق سماء غزة، بدأت الأسر الفلسطينية بالتوجه نحو شاطئ البحر، الملاذ الوحيد الحالي لهم، في ظل حصار إسرائيلي محكم عليهم.. لكنها محفوفة بالمخاطر، فلا زالت صورة هدى غالية، تلك الطفلة التي بكت جراء قذيفة إسرائيلية سقطت بالقرب من أسرتها فقتلتهم جميعا مرسومة في مخيلة الكثير من أهالي غزة.
عيون تترقب أفق البحر الممتد من شاطئ رفح، جنوبي قطاع غزة، إلى أقضى شماله، تخوفاً من بوارج إسرائيلية قد تطلق أسلحتها بأي وقت، في وقت لم يكترث الأطفال ما تخفيه الساعات القليلة التي يمضونها كوقت إستجمام لهم ولأسرهم.
وبدت الخيام بألوانها المختلفة تزين شواطئ غزة في إنتظار مصطافيها، على أمل أن يكون صيفاً هادئاً كغير العادة. وقال رفيق أبو حلية، صاحب إستراحة على شاطئ البحر، وسط قطاع غزة، أنه يأمل بتحسن الوضع أكثر بعد إكمال طلاب وطالبات الثانوية العامة إمتحاناتهم التي ستبدأ غدٍ الإثنين".
وأضاف لإيلاف "أستعديت كثيراً لهذا الصيف تحديداً، خاصة وأن الإغلاق شديد هذا العام، وبالتالي لا مفر أمام الناس هنا سوى الذهاب للبحر، كونه الملاذ والمتنفس الوحيد لهم".وحكي أبو حلية عن مبلغ تجاوز الـ 10 الاف دولار خصصه لترميم إستراحته التي إستاجرها من بلدية غزة بـ 2000 دولار في العام الواحد.

وقال "ننتظر إنتهاء إمتحانات الثانوية العامة بفارغ الصبر، كي نعوض ما خسرناه في هذه الإستراحة من ترميم وعمال نظافة وغيرها، ونأمل أن تكون الأمور جيدة هذا الصيف".
لكن الخطر الآخر يأتي من عمق البحر، حسبما قال وليد عبد الرؤوف. وقال لإيلاف "إسرائيل لا تتهاون عن ضرب القذائف وقتما شاءت، دون مراعاة لأطفال أو لمدنيين".
وأضاف "الحقيقة انه لا يوجد غير شاطئ البحر كمتنفس وحيد لأطفالي وزوجتي، لكنني أجلس طوال الساعات التي نقضيها على الشاطئ، بترقب وحذر شديد، خوفاً من أي أمر مستجد".
وتجلس طفلته ريم (5 سنوات) بجوار والدها تلعب في رمال الشاطئ الحارة دون إكتراث لما يقوله والدها. لكنها قالت أنها سعيدة جداً وهي تلعب في الرمل.
ولم تقتصر الاستعدادات على أصحاب الاستراحات فقط، بل شملت بلدية غزة التي تعطي الرخص لهذه الاستراحات وتتابع عمل المنقذين المنتشرين على الشاطئ.

وأكد مدير التخطيط الحضري في بلدية غزة مؤنس فارس، أن بلدية أجرت مسحاً شاملاً للشاطئ وأزالت جميع التعديات من أكشاك وخيام غير مرخصة. وقال لإيلاف "ندرك أن الحصار أثر كثيراً على أصحاب الإستراحات، لذلك نراعي وضعهم في دفع المستحقات التي عليهم".
أمنيات كثيرة تملئ أصحاب الإستراحات على وجه التحديد، والأسر الغزية بشكل عام، لصيف هادئ عسكرياً، ليمكن أصحاب الأمنيات الأولى من رزق يعود عليهم بالنفع لباقي العام، ومن الآخرين بشهري إستجمام يدخلون بعدها في عام دراسي جديد
وأكد محمد صرصور، صاحب إستراحة أن الربح لهذا العام "ليس مضموناً في ظل الحصار". وقال "لقد دفعت أكثر من 15 ألف دولار لأعمل إستراحة جميلة، وأحلم بأن أسترد هذا المبلغ، لكن حتى اللحظة الوضع غير مطمئن لي".

ويعتمد هؤلاء الناس على فصل الصيف خاصة من الناحية المادية، ليقضوا باقي الفصول الثلاثة من أرباح هذا الفصل. ويستعين صرصور بأكثر من 10 عمال، كغيره من أصحاب الإستراحات، لتقديم أفضل الخدمات للمصطافين على شاطئه. لكن، حسب ما قال لإيلاف "كل هذا يشكل عبئاً عليّ كوني أدفع نفقات كثيرة لهؤلاء العمال ولترميم الإستراحة بإستمرار".
ويجلس رائد عياش وأسرته على رمال الشاطئ، بعيداً عن الإستراحات، وبجانبه إبريق شاي وبعض طعام زهيد. وقال لإيلاف "أجرة السيارة للبحر تكلفني 4 شيكلاً (10 دولار)، وهذا مبلغ عالي جداً، خاصة وأنني أعمل أجير في مصنع بملغ 800 شيكل شهرياً فقط"
وأضاف "ليس من الضروري أن اجلس داخل إستراحة وأدفع مبالغ إضافية، نحن بحاجة لها داخل المنزل".