CET 16:39:27 - 19/06/2011

أخبار وتقارير من مراسلينا

كتب: عماد توماس

دعى مركز "القاهرة لدراسات حقوق الإنسان" -في مذكرة لرئيس مجلس الوزراء- إلى سحب مشروع القانون الموحد لبناء دور العبادة، الذي طرحه مجلس الوزراء للمناقشة على دوائر الرأي العام، والمؤسسات الدينية المعبرة عن الأديان والمذاهب المعترف بها رسميًا.

وقال المركز أن المشروع المطروح أخفق تمامًا في تبديد أسس ومشاعر الغبن الذي تستشعره الأقليات الدينية وبخاصة الأقباط، الذين تطلعوا إلى تيسير إجراءات ترخيص بناء دور عباداتهم أو ترميمها أو توسيعها، أسوة بأقرانهم من المسلمين، وبدا واضحًا أن المشروع بدلًا من أن يحد من القيود، اتجه إلى فرض قيود تعجيزية على بناء دور العبادة، تقود إلى إهدار حق المصريين بمختلف انتماءاتهم الدينية في ممارسة الشعائر الدينية، حتى لو طبقت هذه القيود دون تمييز على أساس المعتقد الديني.

وشدّد المركز على ضرورة سحب المشروع برمته، محذرًا من أن إقراره أو تعديله بشكل جزئي، من شأنه أن يفاقم من حدة الاحتقان الديني والطائفي، وهو ما تبرهن عليه الانتقادات واسعة النطاق التي سجلت رفضا لنصوصه، سواء من جانب الأقباط الذين يعانون غبنًا تاريخيًا في هذا الإطار، أو حتى من جانب المسلمين الذين لم يكن لديهم من قبل مشكلة في بناء دور عبادتهم أو ممارسة شعائرهم الدينية، حتى خارج إطار المساجد أو الزوايا، أو داخل الميادين والطرقات العامة والدواوين الحكومية والمنازل.

وقال المركز إنه ينطلق في رفضه لمشروع القانون من الاعتبارات التالية:

أولًا: إن المشروع –خلافًا لهدفه المعلن- يرسي عمليا انتهاك مبادئ المساواة، ويقيم أساسًا "قانونيًا" لخرق قيم المواطنة وللحق في المساواة، وللحرمان من حق ممارسة الشعائر الدينية داخل دور عبادة مرخص لها قانونًا. حيث خص مشروع القانون المخاطبين بأحكامه من الطوائف الدينية المعترف بها في البلاد، وهو ما يعني أنه لا يقيم اعتبارًا لممارسة تلك الحقوق من قبل أتباع الديانات أو المذاهب أو الطوائف الدينية غير المعترف بها، سواء طبقًا لفقه الشريعة الإسلامية السائد، أو طبقًا لما ترتأيه المؤسسة الدينية الرسمية السنية، أو ممثلي الكنائس القبطية المعبرة عن المذاهب أو الطوائف المسيحية المعترف بها داخل مصر. ومن ثم فإن القانون لا يقر بحق المنتمين لديانات مغايرة للأديان السماوية المعترف بها، مثل البهائيين في ممارسة شعائرهم الدينية بحرية، وربما يؤول في التطبيق إلى فرض وصاية الأزهر على حق الأقلية الشيعية في بناء دور عبادتهم، مثلما قد يقف حائلًا دون حق طوائف مسيحية قد تنشق عن أي من الكنائس المعترف بها، ويحرمها من حقها في إقامة دور عبادة خاصة بأتباعها.

ثانيًا: فرض المشروع قيودًا تعجيزية على الترخيص بالبناء لدور العبادة، لن يسمح عمليًا ببناء الكنائس -والمساجد أيضًا- إلا خارج كردون المدن، وربما يستثنى من ذلك المدن الجديدة فقط. حيث حظر مشروع القانون الترخيص بالبناء لأي دور عبادة تقل مساحة الأرض المخصصة له عن 1000 متر، وهي مساحات يصعب توافرها داخل مدن وأحياء كثيرة، فضلًا عن التكلفة الباهظة لشراء أرض بهذه المساحة والبناء عليها. وقد فاقم من هذا القيد اشتراط ألا تقل المسافة بين أي دور عبادة وأخرى عن 1000 متر، الأمر الذي يكاد يحول نهائيًا دون بناء دور عبادة جديدة في الأحياء والمناطق السكنية التقليدية، ويجبر الراغبين من أبناء أي قرية في بناء دور عبادة، على اختيار مكانها خارج نطاق القرية، ومن ثم تضحي ممارسة الشعائر الدينية، سواء للمسلمين أو الأقباط تستوجب قطع مسافات كبيرة لممارسة هذه الشعائر.

ثالثًا: إن مشروع القانون قد فوض المحافظين –كل في نطاق محافظته- في مباشرة الاختصاص بالترخيص ببناء دور العبادة أو هدمها أو إحلالها أو تجديدها أو توسيعها أو ترميمها، بعد أخذ رأي الجهة الإدارية المختصة بشئون التخطيط والتنظيم، وفقا للاشتراطات البنائية. لكن نصوص القانون التي أجازت للمحافظ أن يرفض طلب الترخيص، لم تفصح عن أية معايير واضحة يبني عليها قرار الموافقة أو الرفض. ومن ثم تظل قرارات المحافظين في هذا الشأن غير محصنة من الخصوع للأهواء والضغوط والموائمات السياسية والدينية، التي يجوز في ظلها التيسير أو التعقيد على طالبي الترخيص.


وأكد مركز القاهرة على دعوته لرئيس مجلس الوزراء إلى سحب مشروع هذا القانون، فإنه –وإلى حين اعتماد قانون مناسب وفعال- يشدد على سرعة وضرورة اتخاذ التدابير غير التشريعية الواجبة، لتذليل مختلف المشكلات ذات الطابع القانوني أو الإجرائي أو الإداري أو الأمني، التي ما زالت تشكل عائقًا سواء أمام بناء دور عبادة جديدة للأقباط على الأقل، أو لا تسمح بإعادة تشغيل أو افتتاح كنائس قائمة بالفعل، أو تم تعليق العمل بها بناء على تعليمات أجهزة أمن الدولة في العهد السابق، سواء تحسبًا لضغوط التيارات الإسلامية المتعصبة، أو بدعوى أن أعمال بناء هذه الكنائس قد جرت بالتحايل على القانون.

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٠ صوت عدد التعليقات: ٢ تعليق