CET 00:00:00 - 06/06/2009

مساحة رأي

بقلم: عماد توماس
رغم تعدد مرات التصفيق التي رصدها بعض من محبي الأرقام والإحصائيات إلى 25 مرة للرئيس الأمريكي أثناء إلقاء خطابة التاريخي بجامعة القاهرة والذي وجّهه للعالم الإسلامي صباح الخميس الماضي، إلا أن حالة من اللمس والغمز صاحبة التعليقات على الخطاب من قِبل بعض وسائل الإعلام المختلفة لأن الرئيس الأمريكي تحدث عن الأقباط في إشارة اعتبرها البعض عابرة وآخرون يرون أنها مقصودة.
فلا شك أن خطاب قُدم في 55 دقيقة تمت كتابته في عدة أيام أو أسابيع وتمت مراجعته وإعادة صياغته لأكثر من مرة، وكما يقولون أن الخطاب كان موزونًا بالذهب فعندما يذكر الرئيس الأمريكي في معرض خطابه كلمة "الأقباط" مع "الموارنة" في لبنان الذين تعرضوا للاضطهاد ومقاربة الموت في العهدين المملوكي والعثماني، لا شك أن هذا يحمل دلالات جديرة بالتأمل والتعليق.

كان أوباما يتحدث عن موضوع الحرية الدينية وأكد على أن  التسامح تقليد عريق يفخر به الإسلام، مستشهدًا بتاريخ الأندلس وقرطبة خلال فترة محاكم التفتيش، بالإضافة إلى خبرته الشخصية عندما كان طفلاً يعيش في إندونيسيا الدولة ذات الأغلبية المسلمة وكيف كان المسيحيون يمارسون طقوسهم الدينية بحرية، واستطرد أوباما قائلاً "إن روح التسامح التي شاهدتها هناك هي ما نحتاجه اليوم، إذ يجب أن تتمتع الشعوب في جميع البلدان بحرية اختيار العقيدة وأسلوب الحياة القائم على ما تمليه عليهم عقولهم وقلوبهم وأرواحهم بغض النظر عن العقيدة التي يختارونها لأنفسهم...".

أنها رسالة واضحة ومحددة وموجهه لجميع الدول أن تعمل على ترسيخ مبدأ حرية العقيدة، فالتعددية الدينية هي ثروة يجب الحفاظ عليها والحرية الدينية هي الحرية الأساسية التي تمكن الشعوب من التعايش المشترك.
ومثلما دافع الرئيس الأمريكي على حرية ارتداء المسلمات للحجاب وندد بمنع بعض الدول الغربية لبعض المسلمين عن التعبير عن إيمانهم، ودافع عن جمع التبرعات الخيرية من أموال الزكاة، أشار أيضًا إلى حق الموارنة في لبنان والأقباط في مصر في حرية المعتقد والتعددية الدينية.
المدهش إن بعض الإعلاميين سيما في التلفزيون الرسمي في برنامج "البيت بيتك" خرجوا علينا بأنه لا يصح لأوباما أن يأتي بسيرة "الأقباط" في حديثة على اعتبار أن هذا شان داخلي!

ونسوا أو تناسوا إننا نعيش في عصر القنوات الفضائية والإنترنت والسموات المفتوحة، فلا يوجد ما يسمى بالشأن الداخلي والخارجي وهذه المصطلحات التي عفا عليها الزمن، فالحرية الدينية وحرية المعتقد لم تصبح شأنًا داخليًا لكنها ضمن مواثيق حقوق الإنسان التي صدقت عليها مصر وأصبحت ملزمة بكل بنودها، لقد اعترفت الأمم المتحدة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي اعتمد عام 1948 بأهمية حرية الديانة أو المعتقد في  المادة 18 التي تنص على أن (لكل إنسان حق في حرية الفكر والوجدان والدين ويشمل ذلك حريته في أن يدين بدين ما، وحريته في اعتناق أي دين أو معتقد يختاره).
احترام الحرية الدينية جزء مكمل لحقوق الإنسان الأساسية والقيود التي تضعها بعض الدول ضد حرية اختيار المعتقد تعتبر إهانة للكرامة الإنسانية وإهانة شديدة لمن يقوم بهذا الفعل الشنيع.

وما نراه الآن من تعنت واضح من وضع العراقيل للمتحوّل للمسيحية السيد "ماهر الجوهري" وقبله السيد "محمد حجازي" يؤكد كلام أوباما في خطابه التاريخي أن "ثمة توجّه مزعج في أوساط بعض المسلمين ينزع إلى تحديد قوة عقيدة الشخص وفقًا لموقفه الرافض لعقيدة الآخر".
حسنًا فعل القضاء المصري بإعطاء البهائيين حق الحصول على هويتهم في الأوراق الثبوتية وننتظر أن يحصل المتحولين من دين لآخر لحقهم في اعتناق الدين أو المعتقد الذي يرغبونه.
إننا إذ ننادي بالحرية الدينية، ننادي بها للجميع بلا تفرقة ولا نعتقد أن الدين القوي والأمة الشجاعة تخشى من تحوّل فرد لدين آخر... اطلقوا حرية الدين والمعتقد فمن يقف على صخرة معتقده لا يخشى الأمواج الهائجة.

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٤ صوت عدد التعليقات: ٥ تعليق