بقلم: مجدي ملاك
انتهت مناقشات الحزب الوطني تقريبًا بتخصيص ما يقرب من 56 مقعد للمرأة داخل مجلس الشعب تتوزع على مستوى محافظات الجمهورية وهو ما يعتبره الحزب الوطني بداية حقيقية لتفعيل دور المرأة في المجتمع، ونحن بشكل مبدئي بالطبع نؤيد تلك الخطوة التشجيعية التي سوف تساهم في دمج المرأة في الحياة السياسية وهو مطلب كنّا نطالب به منذ فترة كبيرة حتى نُحسن من قدرة المرأة على تمثيل مصالحها بشكل أفضل، وهو ما كان يتطلب زيادة التمثيل النسبي لهم على النحو الذي يسمح بذلك وهو ما جاء في الاقتراح الأخير للحزب الوطني وهو الاقتراح الذي طالما ظل الأقباط ينادون به في التمثيل وكان البعض في تلك اللحظة يتهمنا أننا نريد تقسيم المجتمع على هذا الأساس، وها هو الحزب الوطني بنفسه يأخذ بتلك الفكرة في محاولة منه لزيادة تمثيل المرأة على المستوى الوطني.
إذًا من حيث المبدأ لا توجد أدنى مشكلة من أجل اتخاذ التمثيل النسبي كمرحلة من مراحل التطور للعمل على دمج فئة معينة في الحياة السياسية وبما يساعد على تقبل المجتمع لهم في ممارسة دور سياسي فاعل يساعد على وجودهم بشكل طبيعي في الحياة السياسية مما يسمح فيما بعد بإمكانية دخولهم في الحياة السياسية دون أدنى مشكلة في مسائل تتعلق بانتخابهم كونهم أقباط، حيث سيكون المجتمع قد تعود على وجودهم في الحياة النيابية بشكل طبيعي ومن ثم سيمثل الانتقال بالأقباط لتلك المرحلة واحدة من أهم الخطوات التي في الحياة السياسية المصرية.
وربما يحاول البعض أن يقول إن ما تم مع المرأة لا يمكن أن يتم مع الأقباط لأن الإسلاميين لن يسكتوا إذا ما تم تخصيص مقاعد معينة للأقباط في الانتخابات التشريعية وربما سيطعنون بعدم الدستورية، وهناك رد على هذه النقطة أيضًا حيث يمكن وضع الأقباط في قوائم بدلاً من تخصيص عدد معين من القوائم وبحيث يكون هناك التزام من جانب جميع الأحزاب وفي مقدمتهم الحزب الوطني أن يتم وضع لا يقل عن خمسة أقباط في كل قائمة من القوائم التمثيلية ومن ثم نضمن حد أدنى من التمثيل للأقباط، وفي هذه الحالة لا يمكن للإسلاميين أن يعترضوا على هذا الإجراء لأن الانتخاب بالقائمة هو أحد النظم الانتخابية المستخدمة في عدد من الدول الديمقراطية.
الإرادة السياسية هي الفاصل في تلك القضية الهامة التي يجب أن يلتفت لها الحزب الوطني كما التفت لقضية تمثيل المرأة، فالإرادة السياسية للحزب الوطني وللقيادة السياسية في النظام المصري هي الوحيدة القادرة على اتخاذ تلك الخطوة من أجل إعطاء شعور عام بالجدية نحو الأقباط في قضية التمثيل السياسي، بالإضافة أن حل قضية التمثيل السياسي سيفتح معه الباب لحل عدد من القضايا الشائكة الأخرى الخاصة التي تخص الأقباط مثل بناء الكنائس والوظائف وغيرها من الأمور العالقة والتي تتخذ منه الدولة موقف سلبي، ذلك لأن زيادة تمثيل الأقباط سيعطي قدرة لهؤلاء من أجل مناقشة أوسع لكافة القضايا التي تخص الأقباط على المستوى الوطني وعلى مستوى مجلس الشعب وهو ما سوف يُزيد من إحساس المسئولين بتلك القضية التي ظلت كم مهمل طوال الفترات السابقة.
كما ستساهم مشاركة الأقباط في الحياة السياسية في زيادة مساحة الديمقراطية داخل المجتمع المصري ومن ثم سيتحول المجتمع المصري من مجتمع أحادي التمثيل من خلال أعضاء الحزب الوطني فقط سيتحول إلى مجتمع ذو تعددية سياسية حقيقية سوف تساهم في مزيد من التطور، لأن التعددية السياسية هي التي تخلق حالة من التقدم والتطور في المجتمع بخلاف الأحادية الحزبية التي تخلق حالة من التبلد، وعدم الاهتمام بالقضايا الجماهيرية الأكثر إلحاحًا، ومن ثم فعلى الدولة أو لنظام المصري أن يتخذ خطوات فعلية وأن يستغل تلك الفرصة التي سوف يمرر من خلالها زيادة تمثيل المرأة في البرلمان ليحاول أن يزيد أيضًا من تمثيل المرأة، فكلاهما مهمشان في الحياة السياسية وكلاهما يستحق خطوة سياسية جادة نحو مزيد من التمثيل المُشرّف لهم. |