بقلم: محمد يسر سرميني
نرجو أن لا يتهمنا أحد بالطائفية لأننا سنذكر الأمور كما هي لكي نحاول أن نوضح للقارئ الصورة الكاملة عن حزب الله والأسلوب الذي يتبعه للسيطرة على لبنان ومحاولة حُكمه من قِبل طائفة واحدة وهي الطائفة الشيعية مثلما تحكم سوريا من قبل الطائفة العلوية والاستعانة بدمىَ من باقي الطوائف لا يمثلون إلا أنفسهم يكونوا خاضعين للطائفة الحاكمة بشكل مطلق وكل سياساتها تخضع لمصالح الطائفة بغض النظر عن مصلحة الوطن أو المواطن.
إن الصراع في لبنان ليس كما يتصوّر البعض هو فئة مع المقاومة وفئة أخرى ضد المقاومة، الصراع الحقيقي في لبنان هو مع طائفة تريد الاستيلاء على لبنان كاملاً وحكمه على طريقتها الخاصة وجر لبنان إلى موقع بعيد عن انتمائه العربي ومحيطه لتنفيذ مصالح فارسية تسعى للسيطرة على المنطقة خدمة لأهدافها التوسعية ومحاولة لإعادة تصحيح التاريخ من وجهة نظرها وحسب مفهومها لهذا التاريخ.
لقد كان أمام حزب الله عدد من التجارب لكيفية الاستيلاء على الحكم في لبنان وكان لابد له من إتباع أسلوب الطائفة العلوية في سوريا بقيادة عائلة الأسد وتنفيذه في لبنان نظرًا لإمكانية تطبيقه لأنه يبتعد عن العنف المباشر ولقدرته على خداع الشعب اللبناني لأنه سيكون حكم للطائفة الشيعية في لبنان بقيادة حزب الله ولكن بأسلوب ديمقراطي لبناني وهذا ما سنشرحه لاحقًا.
ممكن للكثيرين أن يردوا علينا بان حزب الله باستطاعته السيطرة على لبنان عسكريًا بأيام قليلة إن كان يريد فعلاً حُكم لبنان ونحن نقول والكل يعلم بأن هذا شبه مستحيل فعند دخوله بيروت في السابع من أيار والسيطرة عليها خلال ساعات كان لسبب بسيط وهو إن الطائفة السنية بقيادة تيار المستقبل وسعد الحريري كان قرارها عدم جر لبنان إلى حرب طائفية وليس بسبب قوة حزب الله العسكرية ممكن.
يستطيع حزب الله دخول الكثير من المناطق في لبنان خلال ساعات ولكن لو قرر الطرف الآخر القتال فكم باستطاعته البقاء في هذه المناطق؟
كان يوجد أمام حزب الله تجربة الثورة الإيرانية بقيادة الخميني عندما خرج الشعب الإيراني وثار ضد حُكم الشاه واستمرت الثورة حتى سقوط الشاه.
وهذه التجربة من الصعب تطبيقها في لبنان من قبل حزب الله رغم إن الشعب اللبناني مع (المقاومة) ولنضع كلمة (المقاومة) بين قوسين أي ليس مع حزب الله ولكن مع المقاومة ومن كان يقاوم بغض النظر عن دينه وعرقه.
ممكن للشعب اللبناني أن يتظاهر دعمًا (للمقاومة) ولكن لن يتظاهر لإسقاط النظام اللبناني دعمًا لحزب الله وحلفائه في إيران وسوريا.
وكان يوجد أمام حزب الله تجربة طالبان في أفغانستان التي حاولت السيطرة بقوة السلاح على أفغانستان ولكنها لم تستطيع ولا في أي يوم من وجودها في الحكم أن تسيطر على كل أفغانستان فالمعارك كانت مستمرة بشكل يومي ضد الآخرين.
نظرًا لطبيعة لبنان وتركيبته الطائفية من المستحيل نجاح التجربة الطالبانية في لبنان ولو استمرت الحرب مئات السنين وليس عشرات السنين، لذلك كان أمام حزب الله وحلفائه تجربة الطائفة العلوية في سورية وطريقة استيلائها على السُلطة واستمرارها في الحكم بقيادة حافظ الأسد ووريثه من بعده بشار الأسد.
لنشرح تجربة الطائفة العلوية في سوريا وطريقها إلى الحكم وكيفية حكم هذه الطائفة لسوريا رغم إنها لا تتجاوز بأحسن الأحوال 15% من عدد سكان سوريا.
نعلم أنه يوجد الكثير من الكتب التي تحدثت عن مسيرة الطائفة العلوية بقيادة حافظ الأسد لحُكم سوريا ولكننا هنا سنتكلم بأسلوبنا نحن البسطاء من الشعب السوري وبأسطر قليلة ونقارنه بأسلوب حزب الله الذي يتبعه في لبنان.
كانت تجربة الطائفة العلوية في سوريا تقوم على ثلاث خطوات رئيسية للاستيلاء على الحكم في سوريا والاستمرار في كرسي الحكم.
أولاً: تفريغ الحياة السياسية من أي رمز وطني أو حزبي غير علوي وذلك بإتباع أسلوب الاغتيالات داخل سوريا وخارجها ولا يوجد هنا مجال لتعداد من اغتالتهم الطائفة العلوية في طريقها إلى الحكم أو خلال وجودها في الحكم.
ثانيًا: السيطرة على الجيش السوري من خلال إفراغه من قياداته الغير علوية وذلك عن طريق الانقلابات والانقلابات المضادة وحملات التصفية والإعدامات و السجن والاغتيالات.
ثالثًا: السيطرة على الشعب السوري بالحديد والنار ومن خلال جرائم القتل والإبادة الجماعية التي استعملها النظام العلوي في سوريا بقيادة حافظ الأسد ومن بعده وريثه بشار الأسد.
وكانت النتيجة الطبيعية لهذه الممارسات من قبل الطائفة العلوية في سوريا، أحزاب تضمها الجبهة الوطنية في سوريا عبارة عن دمىَ تابعة للنظام الطائفي ولا تملك إلا الهتاف والتصفيق لهذا النظام الطائفي، ومجلس وزراء لا يملك شيء إلا إتباع أوامر سيده الحاكم العلوي بصرف النظر عن مصلحة سوريا والشعب السوري، وجيش تقوده الطائفة العلوية لا غاية له إلا حماية النظام وضباط كبار (غير علويين) لا يستطيعون تدريب جنودهم والسيطرة عليهم، وأجهزة أمنية لا عمل لها إلا التجسس على المواطنين والقيام بحملات اعتقال وتعذيب واغتيال بشكل دوري لإرهاب الشعب السوري.
ويستطيع أي عنصر مخابرات علوي أن يأمر أي مسئول في أجهزة الدولة المدنية أو العسكرية غير علوي ليفعل له ما يريد.
ولذلك لم يكن الأمر غريبًا عندما كان الجيش اللبناني يتبع تعليمات ميليشيا حزب الله عندما اجتاحت هذه الميليشيا بيروت فهي على طريقة النظام السوري.
ولن ننسى إن حافظ الأسد عندما سيطر على الحكم في سوريا بشكل كامل عام 1967 بلغ من الذكاء أنه لم يظهر علنًا لحكم لسوريا بل انتظر ثلاث سنوات حتى تخلص من كل شخص يشك في ولائه أو معارضته لحكم الطائفة العلوية بهذه الطريقة ووضع خلال هذه السنوات بعض الدمىَ في الحكم يعملون بأمره إلى أن استتب له الأمر بشكل مطلق في عام 1970 فقام بانقلابه الشهير الذي أسماه الحركة التصحيحية.
وكانت عندها الساحة السورية قد سئمت الانقلابات والحروب والاغتيالات ولم يكن يعلم الشعب السوري أن هذا النظام القادم كان وراء أكثر الانقلابات والاغتيالات والحروب وكانت الساحة السياسية فارغة من الأحزاب الوطنية ورجال السياسة لأنه اغتيل من اغتيل وسجن من سجن وشرد خارج سوريا من شرد. لنراجع الآن ما حدث في لبنان أثناء وجود الجيش السوري والأجهزة الأمنية.
أولاً: محاولة تفريغ الحياة السياسية من رجال السياسة والقادة الوطنيين من خلال الاغتيالات السياسية والنفي والسجن التي يعرفها الجميع ولكن عظمة لبنان والنظام اللبناني هو استطاعته إنتاج رجال سياسة وقادة شعبيين بشكل مستمر.
ثانيًا: محاولة السيطرة على الجيش اللبناني رغم تركيبته الطائفية وذلك من خلال وضع كل مَن يخضع لحزب الله وسياساته في المراكز المهمة وبلغت ذروة هذه السيطرة بفرض قائد الجيش لحود رئيسًا للبنان نظرًا للخدمات التي كان يقدمها لحزب الله وحلفائه من النظامين (الإيراني والسوري) وكنا نشاهد لحود وهو ينتظر تعليمات النظام السوري وحزب الله ليقرر أين يقف وأي قرار يتخذ.
ثالثًا: السيطرة على الشعب بقوة الرعب والخوف من الجيش والمخابرات السورية وميليشيات حزب الله من اختطاف وتعذيب وقتل وسجن لكل مَن يجرؤ أن يتكلم أو يعارض أو يفضح هذا المخطط.
وكانت الانتخابات في لبنان إعادة لسيناريو الانتخابات في سوريا تأتي النتائج بأغلبها لصالح الأتباع والموالين لهم لا يرون مصالح لبنان بل مصالح سيدهم النظام السوري وبالتالي حزب الله للسيطرة على الحكم، وكان المخطط يسير على قدم وساق لولا ارتكاب حزب الله والنظام السوري غلطتهم القاتلة باغتيال رفيق الحريري الذي لم يكن قائدًا سنيًا وحسب بل قائدًا وطنيًا له شعبية كبيرة لدى الطوائف الأخرى وقامت ثورة الأرز التي أخرجت القوات السورية والأجهزة الأمنية التابعة لها من لبنان والتي عرقلت مخطط حزب الله لحين ولكن كما نرى الآن ولبنان ذاهب إلى الانتخابات يوجد الكثير من الذين لا تهمهم مصلحة لبنان وشعبه يسيرون في مخطط حزب الله للسيطرة على لبنان -وإن كان يظن بعض المسيحيين إن حزب الله سيحفظ لهم خصوصيتهم فهم مخطئون- فالنظام السوري لم يحتمل مقال صغير لميشيل كيلو الذي يبلغ من العمر السبعينيات ووضعه في السجن لسنوات.
ولننظر إلى المسيحيين في الوطن العربي حتى عند الأنظمة التي تسمي نفسها علمانية فلن تراهم إلا ديكورات لتزيين الأنظمة يعيشون بلا حقوق ولا كرامة وإن كان البعض يظن أن حزب الله سيحافظ على الديمقراطية في لبنان فلينظر إلى تجربة طالبان في الحكم، فهل كان يرى غير طالبان وهل كان يوجد غير رأي طالبان؟
ولينظر إلى حماس في غزة فهل يرى غيرهم وهل يرى حرية لغيرهم؟ولينظر إلى إيران فهل يرى غير العمائم؟وغيرهم الكثير من حاملي مثل هذه الأفكار وهذه الصومال إسلاميين لم يستطيعوا أن يتعايشوا مع بعض فهل يستطيعون أن يتعايشوا مع الآخر.
مَن يظن إن حزب الله سيسلم سلاحه إلى الدولة عن طريق المفاوضات هو واهم هل توجد دولة في العالم تلغي نفسها وحزب الله دولة داخل لبنان ويظن نفسه اكبر من لبنان ومخططه السيطرة على كل لبنان وحكمه بالحديد والنار على الطريقة السورية الإيرانية والأحزاب الإسلامية.
نحن لا نكره الطوائف ولكننا ضد حكم طائفة على حساب باقي الطوائف وضد حكم الأحزاب الدينية مهما كان دينها أو عقيدتها.
الوطن لجميع أبنائه لذلك يجب عدم استخدام أي دين أو عقيدة أو عرق لفرض نفسه على باقي أبناء الوطن.
mohmeduaser@yahoo.com |
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع |
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك
أنقر هنا
|
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر
أنقر هنا
|