CET 10:04:35 - 29/05/2009

مقالات مختارة

بقلم: سليمان جودة

كيف يمكن لمسؤول يعنيه الأمر فى هذا البلد، أن ينام، وهو يعرف أن عندنا ١٠٠٠ قرية، هى الأشد فقراً، بين غيرها من القرى على امتداد الجمهورية؟!.. كيف يمكن أن يطاوعه النوم، وهو يعلم أن هذه القرى الألف، ليست فقط فقيرة، وإنما شديدة الفقر؟!

قد يرد واحد ويقول، إن جمال مبارك زار ٤ أو ٥ منها، وأنه فى طريقه لزيارة عدد آخر، وإن القرى التى زارها قد تغير حالها للأحسن، وأنه.. وأنه..

وهو كلام صحيح، لولا أنه ليس الطريقة الأفضل مطلقاً، التى يجب أن تتعامل بها الدولة، مع عار يتمدد فى ألف مكان، من الإسكندرية إلى أسوان.. نريد أن يقال لنا بوضوح، متى بدأ العمل فيها إذا كان قد بدأ، ومتى ينتهى، وكيف، ومن أين سوف تأتى الميزانية، ثم وهذا هو الأهم، من المسؤول بالضبط عن هذا الملف، حتى يمكن أن يحاسبه ويسائله الناس؟؟!

وإذا لم تكن كل هذه الأسئلة، عليها إجابات جاهزة الآن، فليس أقل من أن يخطف المسؤول عن الملف، رجله إلى تونس، ليرى هناك كيف تصرفوا مع ملف مماثل تماماً، فانتهوا منه فى عشر سنوات.. نعم فى عشر سنوات!

وقد كان العدد لديهم، ليس فقط ألف قرية، وإنما ٤٦٠٠ منطقة، كانت تعيش فى قرون مضت، وكان بعضها لا يمكن الوصول إليه بين الجبال والأحراش، إلا بالطائرات، وكان بعضها لا يذكر أبناؤه آخر مرة شاهدوا فيها سيارة تسير على أربع عجلات!!

ومع ذلك، فعندما جاء الرئيس زين العابدين بن على، إلى الحكم عام ١٩٨٧، أدرك أن بقاءه فى قصر قرطاج، فى العاصمة، لن يكون له طعم ولا معنى، إذا ظلت هذه المواقع على بؤسها، فكان قراره الأول، أن يكون هناك رجل واحد مسؤول عنها أمامه، ويتبعه مباشرة، دون أى وسيط، ثم كان القرار الثانى أن يبدأ العمل فيها عام ١٩٨٨ دون تردد لحظة واحدة،

ثم كان القرار الثالث أن يطلق عليها «مناطق الظل».. لا الذل، كما كنت قد كتبت أنا عنها، منذ عدة أيام، ولم يكن هناك فارق، على كل حال، بين أن يغرق الناس هناك فى الظل أو الذل، فكلاهما من حيث حصيلته واحد!!

ولم يشأ الرئيس أن يضيع وقته، فى سؤال دول العالم، لتعطيه قروضاً يشتغل بها، فهو يدرك أن قروضاً من هذا النوع، سوف يكون لها مقابل لا يقبل هو أن يدفعه، فكان القرار الرابع بأن يكون تمويل إخراج هذه المناطق من الظل، أو الذل، قائماً على التبرعات الوطنية، أولاً، ثم عائد الحفلات العامة ثانياً، ثم عوائد فرض ضرائب على الأغنياء وصلت إلى ٤٠٪ فى بعض الأحيان..

وفى عام ١٩٩٧، لم تكن فى تونس منطقة ظل واحدة.. ولا ذل طبعاً.. وكانت، ولاتزال، تجربة تشير إلى أن أى حلم يتحقق على الفور، إذا كانت وراءه رؤية، ثم عزيمة وإرادة.. وإذا لم نشتغل بهذه الطريقة وحدها، فسوف يأتى علينا عام ٢٠١٩، لنفاجأ بأن الألف قرية صارت ٢٠٠٠!!.. وأن الخيبة فيها، أصبحت خيبتين!!

نريد ابتكاراً فى المواجهة، كما ابتكرت تونس!
نقلا عن جريدة المصري اليوم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٠ صوت عدد التعليقات: ٠ تعليق

خيارات

فهرس القسم
اطبع الصفحة
ارسل لصديق
اضف للمفضلة

جديد الموقع