بقلم: أماني موسى
تبدأ الحكاية من كل بيت مصري تقريبًا، فيه الآن معسكرات ودوريات وكمان حظر تجوال ودة طبعًا عشان مذاكرة العيال وخصوصًا اللي في الثانوية العامة عشان امتحاناتهم ومستقبلهم عشان ياخدوا في الأخر صابونة يتزحلقوا عليها كلهم، هما ووالديهم.
ودة مش تريئة ولا شتيمة لا سمح الله لكنها الحقيقة، فبعد ما الطالب تطلع عينه في الكتب والمذاكرة وتطلع جيوب أبوه خالية الوفاض من مصاريف الدروس الخصوصية وبعد ما الأم طول السنة تفضل تدبر في الميزانية ولا كأنها ميزانية دولة، يخرج الطالب لا حول له ولا قوة ولا عارف هو درس إيه ولا إيه استفاده طول سنين الدراسة دي، وعشان كدة الوزارة بتكافئه بإعطاء كل طالب صابونة بعد ما ينتهي من امتحانات الثانوية العامة، وطبعًا هو حر في استخدامها كيفما يشاء، إما استخدامها للتزحلق من سوق العمل وطرحه خارجًا لعدم كفاءته العقلية والدراسية، وإما لاستخدامها لأغراض النظافة الشخصية –ودي مهمة جدًا للطالب خصوصًا دلوقتي الجو حر وصيف وأنتوا عارفين الباقي-، وإما لاستخدامها لتنظيف ما تبقى في عقله من شوائب دراسية منتهية الصلاحية.
المهم أن معظم الطلبة في الأخر بيتزحقلوا على نفس الطريق المحتوم وهو البطالة قدامك والقهوة تحت بيتك والسيجارة في أيدك وسلاحك كمان في أيدك –مش في مخك طبعًا-، وألف مبروك على شبابنا الثانوية العامة، وألف مبروك على الأباء المصاريف اللي بقت عاملة زي الغُمة، وطبعًا مبروك على المدرسين فلوس الدروس الخصوصية.
ومش عارفة حقيقي ليه كل القلبان دة عشان الثانوية العامة والمصاريف دي كلها وفي الأخر النتيجة محتومة ومعروفة؟؟ كله في الأخر ماشي في نفس الممر، واحد بياخده حظه وقدرته على الحفظ لكلية بيقولوا عليها كلية قمة والتاني بياخده حظه لكلية قاع لكن في النهاية كله بيبقى بشمهندس أد الدنيا، فالسباك والحلاق ومصلح الأجهزة الكهربائية بيبقى بشمهندس وأحسن من خريج الكلية أو المعهد –ماديًا وليس بالضرورة اجتماعيًا- .
وتلاقي الطالب من دول داخل الامتحان وكأنه رايح برجله لمثواه الأخير، وعلى وشه علامات الحزن وأهله بيودعوه على باب اللجنة كأنهم بيودعوه للآخرة، ويدخل الطالب الامتحان وأول ما يقرا الورقة يبدأ بالدعا على واضعي الامتحانات ثم المدرسين من المرحلة الابتدائية وحتى الثانوية ثم وزارة التربية والتعليم ثم المراقبين وبعدها يبدأ يحل الأسئلة لعل الله يستجيب لتظلمه، ويشعر وكأنه في معركة مع واضعي الامتحان وأنهم وضعوا الامتحان للانتقام منه.
وتدور الدايرة هكذا كل عام دون نهاية دراسة وحفظ ودروس خصوصية وحالات تأهب قصوى في البيوت المصرية ثم توتر وامتحانات وأمراض نفسية ثم نتيجة يأما مفرحة يأما محزنة كالأغلبية ثم دخول الكلية وينتهي المطاف باللا عمل واللا هدف واللا مسئولية.
عادي في بلادي: يطارد شبح الثانوية العامة الأسر المصرية كل سنة ولذا اقترح بالاستغناء عنها لرفع الضغوط النفسية والاكتفاء بإقامة ذكرى (ثانوية) (عامة) في كل أنحاء الجمهورية للمرحومة. |