سعى التيار السلفي في مصر إلى طمأنة الأقباط بعد تصريحات لأحد دعاته طالب فيها "الأقباط الرافضين للدولة الإسلامية بترك مصر والهجرة إلى الخارج"، مؤكدا أن الدولة الدينية التي يريدها السلفيون لا تنتقص شيئا من حقوق الأقباط في العقيدة والفكر.
وقال الشيخ محمد حسان أحد أشهر الدعاة السلفيين في مؤتمر صحفي أمس بمقر قناة "الرحمة" التي يترأس مجلس إدارتها، إن إجماع علماء الإسلام قطع بحماية الأقباط وأهل الذمة الذين يعيشون في الدول الإسلامية، وحقهم في ممارسة عقائدهم.
غزوة الصناديق
وكان الداعية السلفي محمد حسين يعقوب قد أثار جدلا واسعا عندما اعتبر في أحد دروسه أن تصويت أغلبية كبيرة لصالح التعديلات الدستورية هو "انتصار للإسلام والدين"، وانتقد اتفاق الأقباط على رفض التعديلات باعتبار أنها تمنح الإسلاميين فرصة لصعود سياسي سريع وفرض دولتهم الدينية.
وأضاف أن "الشعب قال نعم للدين، واللي يقول البلد ما نعرفش نعيش فيها أنت حر، ألف سلامة، عندهم (يقصد الأقباط) تأشيرات (سفر إلى) كندا وأميركا"، وأوضح يعقوب أن السلفيين قد كسبوا ما سماه "غزوة الصناديق" في إشارة إلى تحقيق أغلبية في الاستفتاء على التعديلات الدستورية.
"
وقال حسان إن السلفيين لم يفرضوا على أحد التصويت بنعم لكنهم تبنوا هذا الاختيار باعتباره حقا ديمقراطيا لهم ووفق رؤية صيغت بعد مناقشات مع فقهاء دستوريين وسياسيين.
وأضاف "هناك ناس من الشعب والنصارى والدعاة قالوا لا ولديهم حججهم، ولا أرى سببا للهجوم على الشيوخ بسبب تبنيهم خيار الموافقة على التعديلات، في وقت كانت منابر إعلامية تدعو الناس صراحة إلى قول لا، ومنهم رجل الأعمال المسيحي نجيب ساويرس الذي نشر إعلانين بتكلفة نصف مليون جنيه في جريدة خاصة لدعوة المصريين للتصويت بلا".
فزاعة السلفيين
وشدد على أن "حلم الدولة التي تعمل بشريعة الإسلام" لا يتعارض مع حقوق الأقباط وغير المسلمين، ولا يميز ضدهم في حقوق التعليم والصحة والأمن وكافة حقوق مواطني الدولة، وحذر من الوقوع في "فخ فزاعة السلفيين التي بدأ الترويج لها في منابر إعلامية مختلفة" منتقدا اختزال الدولة الإسلامية في مسألة "تطبيق الحدود".
واعتبر أن الدولة التي يريدها السلفيون هي "دولة مدنية بشرعة الله"، مؤكدا أنه في حال تطبيق المادة الثانية من الدستور التي تقر بأن الإسلام دين الدولة وأن مبادئ الشريعة هي المصدر الرئيسي للتشريع فإنه "لن يكون هناك خلاف على المسمى بين دولة إسلامية أو مدنية أو دينية".
وذكر الأقباط بأنهم يعيشون في أمان في ظل الدولة المصرية المسلمة، وأن ما تكشف بعد ثورة 25 يناير "أكد أن من كان يوقع بين المسلمين والأقباط في مصر ومن يزكي التعصب الطائفي هو النظام السابق، الذي يتردد أنه دبر تفجيرات استهدفت كنائس النصارى لإثارة الفتنة".
"
ومع رفع القيود الأمنية عن التيارات الإسلامية بعد الثورة، تصدر الدعاة السلفيون المشهد الإعلامي واعتلى بعضهم منابر المساجد الكبرى في القاهرة والمدن المصرية، كما استعان بهم الجيش في احتواء الأزمة الطائفية بمركز إطفيح بحلوان الذي شهد هدم كنيسة بعد خلاف طائفي.
ليست حزبا
وأوضح حسان أن السلفية ليست حزبا ولا جماعة وإنما هي "منهج لفهم القرآن والسنة بفهم السلف الأم"، معتبرا أن السلفية "صمام أمان لكل العالم"، وقال إن الاختلاف بين أتباع المنهج السلفي أمر طبيعي وموجود منذ أيام الرسول صلى الله عليه وسلم، لافتا إلى أن "المسلم يأخذ الحكمة أيا كان قائلها أو اتجاهه طالما لا تتعارض مع شريعته ودينه".
وحول قرار السلفيين دخول معترك السياسة الذي قاطعوه طويلا، قال حسان إنهم يعترفون بعدم امتلاكهم خبرة العمل السياسي، وإنهم سيؤيدون من يرونه ملتزما بشرع الله وأجدر بالمسؤولية وأفيد للمجتمع, موضحا أن "السلفية لا تعرف المراوغة ولا الكذب ولا الخداع في السياسة، وسنغير مفهوم السياسة إلى السياسة الشرعية المنضبطة".
وأكد الداعية السلفي اتجاه السلفيين إلى تشكيل حزب سياسي تكون "الدعوة السلفية في الإسكندرية" -وهي أهم الجماعات السلفية المصرية- النواة الرئيسية له، موضحا أن الحزب يعمل على قاعدة "تولية الأجدر وليس شرطا الدعاة، ويؤكد أن الحرية في الدين والتوجه مكفولة للجميع".
ونفى حسان أي نية لديه للترشح لأي منصب سياسي أو حزبي، وقال إنه يحب العمل الدعوي ويجد نفسه مرتاحا له، ويأمل أن يكمل ما تبقى من عمره في خدمة الدعوة والإسلام. |