CET 00:00:00 - 19/05/2009

مساحة رأي

بقلم: د. نجيب جبرائيل
عند اقتراب زيارة الرئيس مبارك إلى واشنطن في الأسبوع الأخير من شهر مايو الجاري وقد انبرت الأقلام هجومًا على أقباط مصر الذين يعيشون في أمريكا وكندا وأوروبا تلميحًا أو تصريحًا غداة إعلان الأقباط عن تنظيم مسيرة حاشدة أمام البيت الأبيض عند زيارة الرئيس مبارك لواشنطن، حتى أن بعض الأقلام في صحيفة الأهرام القاهرية الأسبوع الماضي حاولت وبطريقة سافرة استعداء رئاسة الكنيسة على أقباط الخارج، وكتب يقول صاحب هذا القلم "أين رئاسة وقيادة الكنيسة من هؤلاء" إلى آخر ما جاء بعموده والذى يستخلص منه القارئ أن أقباط المهجر هم عصاة خارجين عن طاعة الكنيسة خائنين لوطنهم وأين قيادة الكنيسة وسيطرتها على هؤلاء الخارجين المارقين.
ويؤسفني كل الأسف أن كثيرًا من المثقفين يتناوبون غمزًا ولمزًا أقباط المهجرعندما ويلوح الأقباط لمظاهرات سلمية، ويعتقد البعض منه أن التظاهر هو حركة ضد الدولة أو لون من الخيانة طالما تم خارج البلاد ومن ثم كان لزامًا علينا أن نبين في هذا المقال:
الحق في التظاهر السلمى دستوريًا ودوليًا وكذا هل من حق شريحة من أبناء هذا الوطن أن تعبر عن حقها إذا ما رأت ان هذا الحق قد استلب أو انتقص وإلى من يعبرون عن هذا الحق، وهل يمكن أن يُلام أحد عند التعبير عن المطالبة بحقوقه ومن الذي دفع بهؤلاء للتظاهر للتعبير عن استرداد حقوقهم المسلوبة وهم خارج أوطانهم؟ وهل هناك حتمية في إحراج الدولة في هذا الشأن؟ وهل إحراج الدولة هو خيانة أم شعور وطني؟ كل تلك أسئلة لا بد من الإجابة عليها حتى تستد أفواه الذين يقولون ولا يفهمون اويفعلون ما لا يدرون.

•     أولاً من حيث الحق في التظاهر السلمي:
التظاهر السلمي هو في تعريف قانوني بسيط لون من ألوان التعبير عن الرأي أو المطالبة بحق أو استهجان شيء مناهض لهذا الحق، وتأتي هذه المطالبة بالدولة بفعل إيجابي أو الامتناع عن فعل سلبي والتظاهر مثله تماماً مثل كتابة مقال أو تقديم شكوى أو بلاغ أو الظهور في وسيلة إعلامية، فكل تلك الوسائل تجمعها العلانية في التعبير عن الرأي لكن شريطته أن يكون تظاهرًا سلميًا أي غير مقرون أو ممزوج بأي نوع من أنواع العنف، بل على الدولة أن تكفل لهؤلاء المتظاهرين الحماية القانونية والأمنية لأن حق التعبير عن الرأي هو مؤسس على الكرامة الإنسانية التي هي أولى مبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والتظاهر حق مكفول نصت عليه كافة دساتير الدول وخاصة الديمقراطية وتبناه وحماه وصانه القانون الدولي وكذا الإتقافيات والمواثيق الدولية، بل الأكثر من ذلك أن الدولة ليس عليها أن تعارض التظاهر السلمي باعتباره مظهرًا من مظاهر تقدم ديمقراطية هذه الدولة.

* اسباب ودوافع التظاهر السلمي:
والتظاهر السلمي أو التعبير عن الرأي أو المطالبة بحق من الحقوق يأتي على خلفية أن من يتظاهرون قد سلكوا طرقًا عدة لدى المسئولين والقنوات الشرعية في البلاد ولم يستجب لمطالبهم المشروعة أو هناك سكوت دون مبرر مشروع وقانوني وأيضا إذا ظل الامتناع أو عدم الاستجابة لهذه المطالب المشروعة أمدًا لا يقبله العقل أو المنطق، وهذا ما نصت عليه اتقافيتي العهد الدولي للحقوق السياسية والمدنية.
التظاهر أو التعبير عن المطالبة بالحق يكون مشروعًا طالما كان داخل الأطر القانونية ويأتي تعبيرًا عن حقوق المواطنة التي تعتبر المكون الأساسي لدساتير البلاد.

* تظاهرات أقباط المهجر في أمريكا.. أسبابها ومظهرها:
أولا : بادئ ذى بدء إن اقباط المهجر أو المصريين الأقباط الذين يعيشون في الخارج هم جزء أساسي ومكون جوهري من النسيج الوطني المصري ولا يفترق القبطي في أمريكا أو أستراليا أو أوروبا عن القبطي المصري الذي يعيش في مصر سوى بعد المسافة أو المكان الذي يعيش فيه لكن يظل وجدانهم وجوارحهم ومشاعرهم الوطنية وهمهم لوطنهم ولوطنيتهم الذي لا يستطيع أن يزايد عليه أحد إلا الناكرين والجاهلين والجاحدين ومن ثم فهم أيضًا على مستوى من المسئولية والإنتماء الأصيل لبلدهم فيما يقولوه وفيما يفعلوه.
ثانيا: إنهم ونحن في الداخل نجزل كل الاحترام لرموزنا المصرية الوطنية وخاصة رئيس دولتنا ولا يمكن بل لا نقبل ولا يقبل أحبائنا في المهجر أن يوجه أي فعل أو قول أو اشارة أو تلميحًا أو تصريحًا يحمل أي إهانة للسيد الرئيس، بل إذا ما حدث ذلك من فرد أو فردين فهم ليسوا من أقباط المهجر ونعتبر أن ذلك إهانة لنا جميعًا في الداخل والخارج..
أقول هذا حتى لا يصتاد أحدًا من بعض الكتاب المعروفين بالإثارة أي خطأ حتى لو كان غير مقصودًا.

•     ثم نأتي إلى النقطة الثالثة لماذ يتظاهر أقباط الخارج؟:
إنه كما قلنا أن التظاهر حق مشروع ومظهر قوي لتقدم ديمقراطية البلاد لكن يبدو أن البعض يقول الجملة المعتادة احتجاجاً على تظاهر أقباط الخارج "أليس كان لهؤلاء الأقباط أن يقولوا ما يشاءون أو يتظاهروا داخل البلاد الوطن الأم مصر" أقول نعم بالصواب قد تساءلت لكن بالأصوب أستطيع أن أجيبك لعلك تقتنع:
1-   إن أقباط المهجر قد اعتادوا أن يعقدوا كثير من مؤتمراتهم بالخارج بحكم تواجدهم ولمشقة السفر، لكن الحقيقة تقال وأنا كنت حاضرًا لمعظم هذه المؤتمرات كانت تتم بأجندة مصرية خالصة قد يحضرها بعض الأجانب بصفة حقوقية لكن كانت المناقشات والتوصيات تخرج في قالب مصري وطني صميم.
2-   اتهم الأقباط من بعض الغلاة والأقلام المتربصة والتي تريد الوقيعة بين أبناء الشعب الواحد بين مسلمين وأقباط بأن تلك المؤتمرات تعقد في الخارج وتعمل بأجندة أجنبية أمريكية وصهيونية، وقلنا سدًا لتلك الذرائع وغلقًا لتلك الأفواة أن ندعو إلى عقد مؤتمر يضم معظم منظمات أقباط الخارج ويعقد هذا المؤتمر في داخل مصر الوطن الأم فاستجاب لدعوتنا إثنتا عشر منظمة من استراليا وكندا وامريكا واوروبا بالإضافة إلى منظمة الإتحاد المصري لحقوق الإنسان التي أخذت على عاتقها تنظيم هذا المؤتمر في القاهرة، وعقد المؤتمر بالفعل على مدار يومين التاسع والعاشر من فبراير 2008 تحت مسمى "مؤتمر القاهرة الأول للمواطنة" بعد أخذ موافقات أمنية عديدة، بل أن هذا المؤتمر عقد بحكم محكمة بعد أن احتشد العشرات من المتشددين لعرقلته ومنع انعقاده، ولأول مرة يصدر حكمًا تاريخيًا من محكمة القضاء الإداري بأحقية الأقباط في الخارج أن يعقدوا مؤتمرًا في مصر وكانت هذه سابقة تاريخية، فانعقد المؤتمر في قاعة دي لاسال بالظاهر ووجهت الدعوة إلى كبار المسئولين بالدولة للحضور لكن يؤسفنا أن حضر بعض الشخصيات العامة ولكن بصفة غير رسمية وبعض الشخصيات الحقوقية الهامة وانتهى المؤتمر بثلاثة عشرة توصية لم تنفذ منها توصية واحدة حتى الآن، ثم نأتي إلى النقطة الرابعة وهي:

هل ما يطالب به الأقباط من مطالب هي مطالب مشروعة أم غير مشروعة؟
1-   هل يعجبك يا سيدي أن يظل الأقباط خاضعون وجاثمون في بناء كنائسهم لخط همايوني منذ أيام السلطان العثماني أصدره العزبي باشا وكيل الداخلية التركي آنذاك عام 1860، وهو ما يُعرف بالشروط العشرة في بناء الكنائس، أي مضى عليه أكثر من مائة وخمسون عاماً بينما ينعم الأخوة المسلمون في بناء مساجدهم في ظل قوانين عادية وهو القانون 106 لسنة 1976 في شان تنظيم وتوجيهة أعمال البناء، يعجبك أن يكون إيجاد مكان لبناء كنيسة يتعبد فيه الأقباط استلزام صدور قانون جمهوري أي أن الصلاة لا بد أن تكون بقرار جمهوري، وهل يعجبك أن يكون مجرد ترميم وتدعيم دورة مياة في كنيسة لا بد من صدور قرار من محافظ وكما لو كان السيد المحافظ قد أخلى نفسه من كل شواغله لكي يتفرغ لإصدار قرار بترميم دورة مياة أو حائط آيل للسقوط، هل يعجبك يا سيدي أن تكون كنيسة في إحدى قرى منيا القمح بنيت منذ أكثر من مائتي عام وقد ملأت المياة الجوفية معظم جدرانها وأصبح سقفها الخشبي يهدد المصلين بالسقوط على رؤوسهم وكاهن الكنيسة يلهث لأكثر من عشرة سنوات ما بين الوحدة المحلية لمدينة منيا القمح ومفتش أمن الدولة ملتمساً صدور قرار لمجرد الترميم وتدعيم الحوائط وكما لو كان الترميم لقلعة حربية أو أن القرار هو لغز من ألغاز الفضاء، هذا ما حدث في كنيسة أبو سيفين بقرية سلامة إبراهيم منيا القمح وتحت يدي جميع المستندات.
2-   هل يعجبك يا سيدي أن يظل مشروع قانون بناء دور العبادة الموحد الذي في نظرنا إن صدر سوف يقضي على جميع الفتن الطائفية في مصر؟ هل يعجبك أن يظل هذا القانون الذي تقدم به المستشار محمد محمد الجويلي نائب شبرا في مجلس الشعب منذ أكثر من خمسة عشرة سنة أي منذ ثلاث دورات ولم يناقش وفي كل دورة يعشمون الأقباط بمناقشته ولم ير النور بعد، وبعده أيضاً تقدم المجلس القومي لحقوق الإنسان بمشروع مماثل ولكن لا حياة لمن تنادي؟ ويقولون ويزعمون أن عام 2008 سوف يكون عام المواطنة، بل أن الحزب الوطني الحاكم في مؤتمره السنوي قبل الأخير عام 2007 ناقش مشروعات قوانين أعلنها رئيس مجلس الوزراء منها قانون البيئة وقانون المرور وقانون الطيور الجارحة وكما لو كانت الطيور الجارحة افضل وأهم من نسيج هذا الوطن بمسلمية وأقباطه.
3-   هل تتصور يا سيدي الفاضل أنه يوجد في مصر أكثر من ثلاثة وعشرون جامعة وأكثر من سبعة جامعات خاصة ولا يوجد من بينهم رئيس جامعة قبطي، وكما لو كان الأقباط وقد أصيبوا فجأة بالبلادة وهدم الريادة.
4-   هل تتصور أنه لا يوجد في جميع أقسام كلية الطب من أقصى مصر إلى أقصاها في أقسام النساء لا يوجد أستاذ مسيحي رغم عدم وجود نص في قانون الجامعات يحظر ذلك، وأتذكر الواقعة الطريفة حينما كنّا منذ عشر أعوام تقريباً نحضر ندوة لأديبنا ومفكرنا العظيم نجيب محفوظ حينما سُئل عن سبب تسميته بهذا الاسم فأجاب أن ذلك يرجع إلى أن الذي قام بتوليده من والدته هو الطبيب النساء والتوليد القبطي نجيب باشا محفوظ آنذاك.
5-   هل تتصور يا سيدي الرئيس أن يظل تهميش الأقباط في المجالس النيابية والمحلية على مستوى الجمهورية فتظل مقاعد الأقباط في مجلس الشعب أو الشورى لا تزيد على عدد أصابع اليد الواحدة وجميعهم بالتعيين بقرارات جمهورية ما خلا الدكتور يوسف بطرس غالي، رغم تعداد الأقباط الذي يصل إلى أكثر من أربعة عشرة مليون نسمة.6-   هل تتصور تجاهل الحزب الحاكم في مؤتمره السنوي الأخير في نوفمبر الماضي للأقباط تجاهلاً تاماً، رغم أنه قد ناقش أن يكون هناك تمثيل نسبي للمرأة بعدد مقعدين في كل محافظة باعتبارها أقلية ونسى أن الأقباط أيضاً أقلية عددية ودينية وأن هناك في القانون الدولي ما يُعرف بقاعدة التمييز الإيجابى للوصول إلى الحد الأدنى للتماثل مع الأغلبية.
7-   هل تتصور يا سيدي العزيز أن أكثر من ألفي قضية بما تعرف بقضية العائدين للمسيحية ما زات قابعة في ردهات محا كم القضاء الإداري دون الفصل فيها بحجة أن أحد المحامين المسلمين طعن بعدم دستورية عودة المسيحي لديانته بعد إشهار إسلامه وأن هذا يعتبر ردة، بل أن تقارير هيئة مفوضي الدولة والذي أعدها مستشارين كبار تقول أيضاً أن ذلك يعتبر ردة عن الإسلام وشرعاً يهدر دمه، وتحت يدي هذه التقارير، ويقولون أن ذلك إعمال لنص المادة الثانية من الدستور التي تنص على أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع ونسوا أن هناك مواد تسمى المواطنة وضعت في غرة الدستور بفضل التعديلات التي أجراها سيادة الرئيس مبارك راعي الوحدة الوطنية، ونسوا أن هناك مادة تسمى الأربعون والتي تنص على المساواة بين جميع المواطنين بصرف النظر عن الجنس أو اللغة أو الدين، ونسوا أيضاً أن هناك مادة تسمى السادسة والأربعون والتي تكفل حرية العقيدة ويجب أن تكون حرية العقيدة للجانبين لا لأصحاب دين على حساب أصحاب دين آخر، ونسوا على الأكثر أو تناسوا مسألة خطيرة وهي أن مصر قد وقّعت على اتفاقيات ومعاهدات دولية تنص على حرية العقيدة يجب احترامها للتأكيد على مصداقية مصر، بل أن هناك نص في المادة 151 من الدستور المصري تنص على أن جميع الإتفاقيات التي وقّعت عليها مصر تصبح في نصاً وقوانين المحلية وملزمة بعد التصديق عليها، وهكذا تظل مصالح ومستقبل أكثر من ألفي شخص موقوفة بسبب تعنت محامي واستجابت المحكمة لعدم قانون واضح يكفل حرية العقيدة رغم كونها مادة في الدستور فهناك فتيات منهن في سن الزواج وموقوف زواجهم لعدم حملهم إثبات شخصية، وهناك طلبة رفضت الجامعات قبولهم لأنهم لا بمسلمون أو مسيحيون بسبب إشهار أبوهم إسلامه، وهناك أناس مشرفون على الموت لا يعرفون هل سيدفنون في مقابر المسلمين أو المسيحيين، وهناك أطفال مثل أندرو وماريو القضية الشهيرة أجبروا على امتحان الدين الإسلامى بسبب إسلام والدهم رغم أنهم في حضانة والدتهم المسيحية، بل أن هناك أطفال دون سن بلوغ الخضانة نزعت حضانتهم من أمهاتم المسيحية بضمهم إلى أبوهم الذي أشهر إسلامه ليتربوا مع زوجة أبيهم رغم وجود أمهم المسيحية على قيد الحياة، فأي قانون وضعي أو سماوي يقول بذلك، فرغم أن قانون انتهاء الحضانة ينص على أن ينتهي سن الحضانة عند بلوغ الصغير أو الصغيرة خمسة عشر عاماً لكن هذا القانون لا يطبق في حالة إشهار إسلام الأب وتنزع حضانة الأطفال دون السن القانوني رغم عدم وجود قانون بذلك وتستند المحاكم في أحكامها إلى مجرد آراء فقهية... ثم تقولون لماذا الأقباط غاضبون وأن مشاكلهم هي مشاكل المسلمون، فهل يمكن أن ينزع حضانة طفل من أمه المسلمة إذا اعتنق أبوه دين غير الإسلام.
8-   سيدي الفاضل.. ظل التليفزيون المصري على مدى أربعة سنوات في شهر رمضان الذي ننتظره جميعاً أقباطاً ومسلمون للإلتقاء حول مائدة واحدة لتجيء مسلسلات التليفزيون لتقدم لنا نموذج واحد وفريد للوحدة الوطنية وهو زواج البطلة المسيحية من البطل المسلم دونما اعتبار لمشاعر المسيحيين وأن ديانتهم تحظر الزواج في حالة إختلاف الدين كما تحظر الشريعة الإسلامية زواج المسلم من غير المسلم، ونسى التليفزيون أن هناك ما قلت قواسم مشتركة يعيشها الأقباط والمسلمون في الأفراح والأتراح والتجارة والشراكة وغير ذلك من امتزاج الوجداني والوطني ومثال ما قدمه التليفزيون من مسلسلات تسيء إلى الوحدة الوطنية "أوان الورد – حد السكين – من لا يعيش في جلباب أبي -  بحب السيما – فيلم واحد صفر وغيره الكثير.."
9-   هاجم الإعلام المصري وعلى الأخص القومي المؤتمرات التي يعقدها الأقباط في المهجر واتهم هؤلاء بالعمالة وأنهم يعملون على أجندة أمريكية وصهيونية فقلنا لنعقد مؤتمراتنا داخل مصر وعلى مائدة مصرية وبين مثقفين ومستنرين ومثقفين مسلمين وأقباط، فدعت منظمتنا الإتحاد المصري لحقوق الإنسان إثنتي عشر منظمة قبطية في أمريكا وأستراليا وكندا وانجلترا وفرنسا والنمسا وعقدنا بالقاهرة مؤتمر للمواطنة الذي عرف بمؤتمر القاهرة الأول على مدار يومين في الثامن والعاشر من شهر فبراير 2008، ودعونا شخصيات سياسية كبيرة في مصر ولم تستجيب الدولة للمشاركة في هذا المؤتمر رغم أن أجندته أرسلت إلى الجهات المعنية، وأذكر قول الأخ وصديق عزيز سياسي ويشغل مركزاً مرموقاً جداً بل لا أخشى أن أقول أنه يشغل رئيس أهم اللجان في مجلس الشعب حينما قال لى بالحرف الواحد "إن أكبر غلطة عملتها الدولة أنها لم تشارك في هذا المؤتمر الذي عقده أقباط المهجر بالقاهرة"، ومع ذلك أصدر المؤتمر أكثر من خمسة عشر توصية معظمها لحلول لما تم عرضه سلفاً من مشاكل ولم تنفذ الدولة توصية واحدة، فكيف إذاً نلوم أقباط المهجر إذا ما قاموا بمظاهرة؟ أو وقفة احتجاجية أمام أي من سفاراتنا بالخارج أو عقدوا مؤتمرات أخرى في واشنطن أو لندن أو باريس؟
10- هل تتصور يا سيدي الفاضل ما حدث في شهر يوليو الماضي أن ترفض إحدى المحاكم المصرية شهادة المسيحي الذي أتى به صديقه الملسم ليشهد في واقعة وفاة والد صديقه المسلم والذان تربا معاً فسمعت شهادة المسلم ورفض القاضي سماع شهادة المسيحي لا لشيء إلا لكونه مسيحي، رغم أن الواقعة لم تتعلق بأنصبة ميراث أو زواج أو طلاق وإنما واقعة مادية بحتة وهي تاريخ وفاة والد صديقه المسلم ومن الذي خلفه من أولاد أو بنات أو زوجة... فهل هذا يُعقل في ظل ما ينادى به سياده الرئيس من سيادة مبدأ المواطنة وعدم التمييز بين المواطنين؟
11- هل يصح أن يحدث هجوم من الغوغائيين لأكثر من ثلاث آلاف مواطن على إحدى الكنائس بمنطقة عين شمس بزعم أنها كانت مصنعاً ولا يوجد ترخيص لها، وإنني أتساءل من هي الجهة المنوط بها غلق هذه المنشأة أو تحرير محضر بناء بدون ترخيص ومن الذي أعطى لهؤلاء استباحة هيئة الدولة من يعتقد أن ذلك حدث لشعورهم باستعلاء الأغلبية على الأقلية وطبعاً هذا الشعور جاء نتيجة وجود قوانين تمييز بين أبناء الوطن الواحد.

ثم آتي إلى النقطة قبل الأخيرة واتساءل هل تظاهر الأقباط وإحراج الدولة هو خيانة أم شعور وطني وحتمية لازمة.
لعل ما ذهب به البعض من إلقاء اللوم على أقباط المهجر عندما يتعزم الأقباط على القيام بمظاهرة سلمية عند قيام رئيس الدولة بزيارته إلى أمريكا ويرمي البعض أقباط المهجر بالخيانة أو عدم الولاء لوطنه، فأقول لهؤلاء أنتم لا تقرأون التاريخ ولا تستوعبون النظم السياسية إذ أن التظاهر لا يكون لشخص الرئيس وإنما بصفته الوظيفية فهناك في النظم السياسية والبرلمانات ما يسمى بطلبات الإحاطة والإستجواب والمساءلات وهناك أيضًا مساءلات على مستوى الدول في مجلس الأمن والأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية مثل جامعة الدول العربية والإتحاد الأفريقي ولجان تقصي الحقائق مما يستبع ذلك إحراج الأنظمة حتى يمكنها نبذ الظلم أو الحد من اضطهاد وإرساء قيم العدالة والمساواة والمواطنة وكل ذلك مبادئ دستورية معترف بها على المستوى المحلي والدولي، بل أعتقد أن الأقلام التي تعوق ذلك هى تلك الأقلام التي تحرج الدولة ورموزها بمهاجمة من يعترضون على سكوتها وتلك الأقلام هي التي تزيد من مساحة الإحتقان الطائفي بإصرارها على عدم المطالبة بحقوق المواطنة، فاللوم ليس على من يطالب بحقه إنما اللوم على من يسكت عن هذا الحق أو يمنع المطالبة به.

ثم نأتي أخيرا لنحتكم إلى العقل والمنطق والقانون ونريد من تلك الأقلام المهاجمة أن يجيبوا على الآتي:
•     بعد كل ما ذكرناه وما يعانية الأقباط وما أوصدت امامهم من أبواب هل يمكن أن تلوموا الأقباط عند قيامهم بمظاهرة سلمية عند البيت الأبيض غداة زيارة الرئيس لواشنطن؟.
وإننى كنت أفكر بل لا زلت أتمنى أن تتضمن أجندة الرئيس في واشنطن جزء من سيادته الثمن للقاء أبناء الجالية القبطية السفارة المصرية لعرض تلك المشاكل المزمنة مع افتراض أن سيادته هو أكثر علمًا بها وأن يتفضل سيادته بأن يأمر بجدول زمني لحل تلك المشاكل ولا يمكن بحال من الأحوال أن يفهم أن اقباط المهجر بذلك يمارسون ضغطًا على سيادته، فمن ذا الذي يملك هذا؟ وأنا أعتقد أن سيادة الرئيس ببصره وبصيرته يتفهم تلك المشاكل وهو الأقدر على حلها ولا يخالجني أدنى شك في أن سيادته يفكر فيها مليًا باعتبارها أن أصحابها من الأقباط هم جزء من المواطنة التي تتغنى بها مصر وأعتقد أن ذلك ليس بالبعيد أو المستحيل.
ولكن تبقى كلمة لمن يحاول أن يستدعي الكنيسة وقيادتها ويزج بها بينها وبين أبناءها بالخارج، وأقول له أن الكنيسة ورئاستها لها كل الإحترام والتقدير ولقداسة البابا شنودة الثالث كل الطاعة الأبوية لكن نحن متأكدين أن الكنيسة لا يمكن أن تفرط أبدًا في حقوق المواطنة وتحرص لأن يكون لكل مواطن مصري حقوق تكفلها الدولة، فالكنيسة ليست سيفًا مسلطًا على الرقاب بل هي خادمة للكل.

د. نجيب جبرائيل
رئيس منظمة الاتحاد المصرىلحقوق الانسان
Nag_ilco@hotmail.com

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٨ صوت عدد التعليقات: ٩ تعليق