بقلم: فيولا فهمي
لم تصبح حالات استثنائية لا يقاس عليها، ولم تعد مجرد بعض التصرفات التي يحرص البعض على القيام بها تمعناً في إظهار أو الافتخار بالانتماءات الدينية، فلقد باتت ظاهرة "السيارات المؤمنة" -كما يروق لي أن أطلق عليها- تملأ شوارع المحروسة في جميع الأماكن الشعبية منها والارستقراطية.
والأمر لا يحتاج عين ناقدة أو عقلية تأملية حتى تلاحظ هذا التدين المظهري الذي أصاب وسائل النقل في مصر، فلقد استقرت الملصقات الضخمة التي تحمل الشعارات الدينية على الزجاج الخلفي للسيارات بمختلف أنواعها سواء الملاكي أو الأجرة ،وتوغلت الظاهرة لتصل إلى مترو الأنفاق الذي تحول منذ سنوات إلى أهم منابر الدعوى والخطب الدينية وكذلك الميكروباصات والأتوبيسات وغيرها.
فنادراً ما تستقل وسيلة مواصلات إلا وتجد ملصق على الشبابيك الزجاجية أو شعار ديني مكتوب بخط اليد على ظهر الكراسي أو دعاء ديني مكتوب على الأبواب، والنماذج لا تحصر على الجانبين فتجد السيارات التي يمتلكها مسلمين ملصقات مكتوب عليها "لا إله إلا الله" و"فداك نفسي يا رسول الله" و"الأقصى بينادينا هات إيدك في إيدينا" وغيرها من العبارات الدينية، بينما يكتب بعض المسيحيين على سياراتهم "لا تلف ولا تدور طول ما معاك أم النور" ويلصقوا صور القديسين ويعلقوا الصلبان داخل السيارات بشكل لافت للنظر ويدعو للاستغراب!
فلماذا هذا التدكيك غير المبرر للشعارات الدينية في وسائل المواصلات الجماعية؟! فالأمر يوحي لك أن المصريين انقسموا إلى فريقين كل منهم يريد أن يجاهر بهويته الدينية في مقابل الآخر معلنًا التحدي ومستعدًا للمبارزة دون أسباب واضحة سوى أن عناصر التطرف تحاول استخدام تلك الوسيلة لإشاعة الانقسامات والاحتقانات الطائفية التي غالبًا ما تتخذ من مظاهر التدين الساذجة سبيلاً لتفجيرها وإثارتها إلى الحد الذي سوف نسمع فيه قريبًا مصطلح الفتنة المرورية! |