CET 00:00:00 - 17/05/2009

المصري افندي

بقلم: جورج رياض
يلعب الإعلام دورا رئيسيا فى مواجهة الأزمات التى تواجه المجتمع بشتى أشكالها، لكنه ربما يكون دوره معاكسا فى إلقاء مزيد من الجدل حول هذه الأزمات وقد يتسبب ذلك فى فشل جهود التصدى للأزمة، وخلال السنوات الماضية إتجهت الدولة إلى إستغلال سلاح الإعلام فى القيام بحملات إعلامية وإعلانية لمواجهة بعض الأوبئة، مثل حملة محلول معالجة الجفاف الشهيرة فى الثمانينيات والتى قامت بها الفنانة الكبيرة كريمة مختار ولاتزال الناس تتذكر عبارتها الشهيرة "إن جاله جفاف ... إديله محلول" وأيضا حملة مكافحة شلل الأطفال وكذلك الحملة الناجحة للقضاء على مرض البلهارسيا، وهو المرض الذى هاجم الفلاح المصري لإعتياده علي الاستحمام وغسيل الملابس والأواني وقضاء الحاجة في مياه الترع والمصارف، وشارك فى الحملة الفنان الراحل محمد رضا ولا تزال عبارته الشهيرة فى هذه الحملة (اعط ظهرك للترعة) يتذكرها المواطنون حتى الآن.

ولاقت هذه الحملات نجاحا لافتا وقتها، وإستطاعت إلى حد بعيد المساهمة فى القضاء على هذه الأمراض والأوبئة وزيادة وعى الناس لكيفية التعامل معها والوقاية منها ... لكن على العكس لم تلق حملة إنفلونزا الطيور الأخيرة النجاح المنشود وفشلت فى مواجهة المرض أو حتى التقليل من آثاره، ولاتزال الطيور الحية تباع فى محال الدواجن بالشوارع، ولاتزال السيدات تقوم بالتربية المنزلية للطيور مما يشكل بالطبع ناقوص خطر على الصحة العامة.

ونفس الأمر حدث بالنسبة للتعامل الإعلامى مع قضية أنفلونزا الخنازير فظهر ذلك منقوصا ومبتورا، فلم تتطرق وسائل الإعلام إلى قضية التوازن البيئى الذى تحدثه الخنازير بغذائها على نسبة كبيرة من مخلفات القمامة فى القاهرة، ولم يطرح الإعلام أو المسئولين تصورا بديلا عن هذا بعد ذبح الخنازير، وكذلك لم يهتم الإعلام كثيرا بإنتقادات منظمة الصحة العالمية بأن الحيوان لاينقل المرض بشكله الجديد بل ينتقل من إنسان لآخر.

كل هذا بالإضافة إلى الطرح الإعلامى الطائفى للقضية، وتصوير الأمر على إنه إنتصار دينى تاريخى، وهذا واضح بالطبع من خلال العنواين والمانشيتات المثيرة وتحريض الأجهزة التنفيذية والمواطنين على الفتك بالخنازير حتى لو إستوجب الأمر قتلها حية بأبشع الطرق وأكثرها قسوة وهناك من المشاهد المقززة التى عرضتها بعض القنوات ما يوضح ذلك من إفتقاد الرحمة والتعامل مع الخنازير وكأنها أهداف لمحرقة نازية جديدة.

ربما أرى الحسنة الوحيدة فى التخلص من الخنازير هى عدم إتهام الأقباط مستقبلا بالمسئولية عن قدوم المرض إلى مصر – والمرض قادم لامحالة من خارج الحدود – ووقتها كانت ستسن الأقلام والحناجر وتشدد على أن المسيحيين مربى وآكلى الخنازير هم الذين أدخلوا البلاء والكارثة إلى البلاد.

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ١ صوت عدد التعليقات: ٠ تعليق