كتبت: ميرفت عياد
أصدر مشروع "دعم القدرات في مجال حقوق الإنسان"، بالتعاون مع "برنامج الأمم المتحدة الإنمائي" و"وزارة الخارجية"، كتابًا تحت عنوان "المواطنة وحقوق الإنسان"، قام بإعداده الباحث "سامح فوزي"، وهو عبارة عن مجموعة المحاضرات التي أُلقيت في عدد من الدورات التدريبية المتخصِّصة عن مفهوم المواطنة وحقوق الإنسان، قام بها مجموعة من أساتذة الجامعات والخبراء المتخصصين، بهدف توضيح مفهوم المواطنة بتجلياته القانونية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
وينقسم الكتاب الذي يقع في (215) صفحة، إلى خمسة فصول رئيسية هي: "المواطنة.. المعنى والدلالات"، و"المواطنة وحقوق الإنسان"، و"تطبيقات في مجال المواطنة"، و"المواطنة والعمل الأمني في "مصر".
العقد الاجتماعي بين المواطن والدولة
وأوضح السفير "أحمد حجاج"- المنسِّق الوطني لمشروع دعم القدرات في مجال حقوق الإنسان- في مقدمة هذا الكتاب- مفهوم المواطنة من حيث التطوُّر، والخبرة السياسية، والنصوص القانونية الدولية والمحلية، مما يغني القارئ ويثري معارفه حول مفهوم لايزال حديثًا في الجسد الدستوري والثقافي المصري، رغم أن تجلياته ظهرت وأشرقت في النظام السياسي المصري منذ القرن الـ19 على حد قوله. مشيرًا إلى أن المواطنة تعني الانتماء والولاء والحقوق والواجبات، وهو جوهر العقد الاجتماعي بين المواطن والدولة، والذي بموجبه يتمتع المواطن بحقوق وحريات قانونية وسياسية واقتصادية وثقافية، مقابل أن يؤدِّي التزامات عديدة، من بينها: أداء الضرائب المقرَّرة، والخضوع للقانون، واحترام حقوق وحريات الأفراد، والعمل بجد واجتهاد للارتقاء بأحوال الوطن دون اعتبار للاختلاف في الجنس أو اللون أو العرق أو النوع أو المكانة الاجتماعية.
تطوُّر مفهوم المواطنة على أرض الواقع
وأكّد "حجاج" أن مفهوم المواطنة قد تطوَّر على أرض الواقع، قبل أن يكتسب الحضور الدستوري والقانوني. ففي النصف الأول من القرن الـ19 تحدَّث "رفاعة الطهطاوي" عن الوطن والمواطن، الأمر الذي تجسَّد في إلغاء الجزية، وتجنيد المصريين جميعًا بصرف النظر عن الاختلاف في الدين عام 1855، ثم نشأة مجلس شورى النواب- أول برلمان حقيقي في التاريخ المصري، كان يضم أعضاءًا من مختلفي الديانات بالانتخاب. مشيرًا إلى أن المساواة بين المصريين قد تجسّدت في دستور 1923 وما تلاه من دساتير متعاقبة، انتهاء بدستور 1971 الذي أقرَّ بمبدأ المساواة بين المصريين بصرف النظر عن الاختلاف في الدين أو اللون أو الجنس أو العرق، ثم حدثت التعديلات الدستورية عام 2007، والتي بموجبها أصبحت المواطنة المادة الأولى من الدستور.
نصيب الفرد من الخدمات العامة
وأشار الباحث "سامح فوزي" إلى أن هذا الكتاب يحوي عددًا من الدراسات في المواطنة يغلب عليها زاوية النظر القانونية، والاقتراب من العلاقة بين المواطنة والدستور، والمواطنة والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، وأخيرًا المواطنة والعمل الأمني. موضحًا أن هذه الدراسات قد أعدها باحثون مجتهدون في مجال القانون، لديهم خبرة في العمل الأمني، وهو ما جعل الدراسات المقدَّمة ثرية، وتتناول أبعادًا لم تعهدها دراسات المواطنة في المجتمع المصري، ويغلب عليها الطابع الفكري، أو التناول القانوني، أو التحليل السياسي، كما تتلامس مع العديد من الجوانب الهامة، منها ما يتعلق بالبعد الحياتي اليومي، ونصيب المواطن من خدمة الأمن والحكومة الإلكترونية والخدمات العامة، وهو ما يُعد بعدًا أساسيًا ورئيسيًا في المواطنة. وأضاف: المسألة لا تقتصر فقط على معاملة المواطن المعاملة اللائقة في المؤسسات الحكومية وأقسام الشرطة، ولكن في تقديم الخدمة التي يستحقها في وقت مناسب وتكلفة مناسبة دون عناء.
التأكيد على الحريات الدينية والسياسية
وقال "فوزي": إن المساهمات البحثية المقدَّمة في الكتاب، حاولت أن تجتهد في المربع القانوني، وتتلامس مع جوانب سياسية مهمة، إلا أن قصورها في تناول الأبعاد الثقافية، يكشف عن أن المواطنة لها جوانب متعددة يصعب الفصل بينها، وهي الجوانب القانونية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. موضحًا أن المكتبة العربية عامة والمصرية خاصة، مازالت بحاجة إلى مئات الأبحاث التي تساعد على توصيل مفهوم المواطنة فكريًا، وتجعله حاضرًا في ثنايا الحياة البحثية والفكرية في العلوم الاجتماعية كافة، وتتبع التطبيق العملي له واقعيًا، وتقدِّم الحلول للمشكلات . مشيرًا إلى الاختلاف بين منطلقين يقومان بتناول مفهوم المواطنة؛ أولهما- منطلق حقوقي يرى المواطنة تتجسد بصورة أساسية في التصدى لقضايا انتهاكات حقوق الإنسان، والتأكيد على الحريات الدينية والسياسية، ورد الاعتبار إلى المواطن بصفته فاعل أساسي في تغيير مجتمعه. والثاني- يرى أن المواطنة تتحقق بمجموعة من الإجراءات البيروقراطية والإدارية التي تجعل الخدمات تصل إلى المواطن على نحو أفضل. |
|
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك
أنقر هنا
|
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر
أنقر هنا
|