نشرت جريدة ''يديعوت أحرونوت'' الإسرائيلية تقريراً مطولاً عن التحرش الجنسي التي تتعرض له العديد من النساء في الشوارع المصرية، والتي تحدث عنها فيلم ''678'' مؤخراً.
وقالت الجريدة إن عديد من المصريات يتعرضن لتحرشات جنسية في الشوارع ووسائل المواصلات العامة، وأن أغلبهن يفضلن الصمت تجاه تلك التحرشات والانتهاكات، وهو ما أشار إليه فيلم جديد عرض مؤخراً في دور العرض السينمائي المصرية وتسبب في حالة من الجدل والغضب في صفوف الجماهير.
وأضاف التقرير أن المخرج محمد دياب واجه موجة من الغضب منذ عرض فيلمه (678) الذي يتناول ظاهرة التحرش الجنسي في دور السينما الشهر الماضي، وواجه أيضا سيلاً من الشكاوى والدعاوي القضائية ضده وضد مناصري الحقوق النسوية.
وقالت يديعوت أحرونوت في تقريرها إنه بالرغم من حصول فيلم (678) على جوائز عديدة خلال مشاركته في مهرجان أبوظبي السينمائي، بينها جائزة أفضل فيلم، فمازال الفيلم يثير حالة من الجدل الصاخب لم يسبق له مثيل في شوارع القاهرة.
واشارت الجريدة الإسرائيلية إلى أن منظمات حقوق الإنسان اشتكوا مراراً من الفيلم، فيما أصر محامون على أنه يجب رفعه من دور العرض رغم النجاح منقطع النظير الذي يحققه الفيلم.
ونقلت عن المخرج محمد دياب قوله ''حققنا الكثيير من الجدل، فقط دعونا ننقل الرسالة الصحيحة ثم ننظر ماذا يقول التاريخ''.
يحكي فيلم ''678'' ثلاث قصص حقيقية لثلاث فتيات من مستويات تعليمية واجتماعية مختلفة، يتعرضن للتحرش في الشارع ووسائل المواصلات العامة، ويرصد النظرة الأمنية والتعامل القانوني مع القضية، ونظرة المجتمع للفتاة التي تجاهر بتعرضها للتحرش.
ففايزة (بشرى) سيدة متزوجة وأم لطفلين من الطبقة وهي موظفة معدمة تنتمي لمنطقة شعبية، ترتدي ملابس عادية ''غير جذابة'' كل صباح، وهي في طريقها لعملها مستقلة اتوببيس نقل عام ''ميني باص'' حتى لاتلفت إليها الأنظار وتصل لوجهتها دون أن تتعرض للتحرش. فهي دائماً ماترتدي الفساتين الطويلة وغطاء الرأس حتى تبدو أكثر جدية.
وهناك صبا (نيللي كريم) وهي من طبقة إجتماعية مختلفة عن فايزة، التي يتحرش بها مجموعة من الشباب امام زوجها وسط زحام مشجعي كرة القدم، أما الشخصية الثالثة نيللي (ناهد السباعي) فتصر علي ملاحقة أحد السائقين وضربه ومقاضاته في اول قضية تحرش ترفع امام القضاء في مصر.
ويقوم على بطولة الفيلم النجمة بشرى التي حازت على جائزة أفضل ممثلة في مهرجان أبو ظبي السينمائي، والنجم ماجد الكدواني الذي حصل على جائزة أفضل ممثل في نفس المهرجان عن دوره في الفيلم كضابط شرطة سيء. فضلاً عن النجمة نيلي كريم والنجم باسم السمرة.
ولفتت يديعوت أحرونوت إلى أن الفيلم يعد الأول في السينما المصرية الذي يناقش مشكلة التحرش الجنسي التي تعاني منها البلاد، فوفقاً لاستطلاع نشرته منظمة حقوقية بالقاهرة معنية بالدفاع عن المرأة هناك 20 ألف قضية تحرش جنسي واغتصاب تحدث في مصر سنوياً، وأن 83% من النساء المصريات تعرضن للتحرش، ويرتفع العدد ليصل إلى 93% من السائحات الموجودات في مصر.
وتقول الجريدة الإسرائيلية إنه برغم كل حالات التحرش هذه فإن النساء يترددن في تقديم الشكوى، وقلة قليلة هي التي تقدم على الذهاب للشرطة وغالباً مايتراجعن تحت ضغوط من العائلة والأصدقاء.
وتشير يديعوت أحرونوت إلى أن الاستطلاع الذي قامت به المنظمة الحقوقة أفاد أن 62% من الرجال الذين شملتهم العينة أقروا بأنهم تحرشوا بالإناث على الأقل في مناسبة واحدة، في حين أن 52% منهم ذكروا أن ''النساء مذنبات بسبب ملابسهن المغرية أو السلوك الاستفزازي''.
ووفقاً للجريدة، فإن هناك جدلاً ثار بشأن أن الفيلم يستند على قصصاً حقيقية، الأمر الذي أكده المخرج محمد دياب مراراً وتكراراً خلال مؤتمر صحفي عقد عقب عرض الفيلم الشهر الماضي.
وتحدث التقرير عن مخرجة الأفلام الوثائقية نها رشدي ''28 سنة''، والتي تصدرت صفحات الصحف منذ سنتين عندما لاحقت رجلاً تحرش بها جنسياً، واقتادته لمركز الشرطة.
ونقلت الجريدة قول المخرجة ''عندما اخبرتهم – في مركز الشرطة – أنه تحسس مناطق حساسة من جسدي عندما كان يقود سيارته بجواري، حدقوا بأعينهم وتسألوا عن الذي يمكن يكون؟''. وأضافت إنهم اعتقدا أني أصعد من الأمر، إلا أنهم اقتنعوا بعد أن اعتذر الرجل وأسرته، وعرضوا علي تعويضاً مالياً''، واشارت الجريدة إلى أن صناع الفيلم اتخذوا من قصة نهى رشدي محوراً لفيلمهم وأخذوا في البحث عن قصص أخرى مشابهة.
وأشارت يدعيوت أحرونوت إلى ماقالته نيلي كريم ''أي سيدة تستقل الأتوبيس العام تلعب بشرفها ''، مضيفة أنها ''تُجبر على المرور بتجربة غير سارة''. ولفتت إلى أن أنصار المرأة في الفيلم – كما نها رشدي - قررن أيضا اتخاذ التدابير من أنفسهم، فإحدهن حملت شفرة حادة وطعنت من تحرش عدة مرات.
وأضافت يديعوت أحرونوت أن أول علامات الغضب من الفيلم جاءت من منظمة حقوقية مصرية رأت أن الفيلم يحرض على استخدام المرأة للعنف، فوفقاً للمنظمة الحقوقية ''فإن أي أمراة محبطة لديها الآن رخصة بطعن أي شخص وتقل أنه تحرش بها''.
وأوضحت الجريدة أنه بجانب النقد الموجه لفيلم، فإنه نال العديد من الجوائز والتكريمات بينها تلك التي حصل عليها من الناشطة النسوية منى الطحاوي التي قالت ''حاولت كثيراً التقدم بشكاوى ضد متحرشين، لكني مع كل مرة كنت أرجع لبيت بشكل مخزٍ''.
وقالت الجريدة إن نواب البرلمان كان لهم موقف متسامح للغاية مع ظاهرة التحرش الجنسي، وهاجموا الفيلم بحجة أنه ''يسيء لسمعة مصر وربما يؤثر بالسلب على صناعة السياحة''. وردت عليه بشرى على ذلك الكلام موجهة حديثها لمن انتقدوا الفيلم ''تخبروني ما هو الأكثر أهمية: المحافظة على سمعة مصر أو استمرار المتحرشين في تصرفاتهم أو حشد القوى لاقتاع الظاهرة من جذورها في ظل صمت القانون''. |