بقلم: عساسي عبد الحميد
من العبارات المؤثرة والجديرة بالاهتمام التي جاءت في خطاب البابا "بندكتوس" هذا الخطاب المليء بالمعاني الإنسانية النبيلة والحكمة الفريدة وذلك على هامش زيارته الأخيرة للأراضي المقدسة دعوته لمسيحيي الشرق الأوسط للتشبث بموطنهم والاستمرار في مساهماتهم التنموية والإشعاعية لبلدانهم.
فمسيحيوا المنطقة يعرفون نزيفاً مهولاً، فقد كانت نسبة مسيحيي لبنان تفوق 50 في المائة من سكان البلاد في خمسينيات القرن الماضي لتتراجع إلى حدود 19 في المائة في الوقت الراهن وفي إسرائيل وأراضي السُلطة الفلسطينية أصبحت نسبة المسيحيين لا تتعدى 2 في المائة بعد أن كانت 17 في المائة قبل 1948!!
أما مسيحيوا العراق فقد بدأ عددهم يتناقص بوتيرة مخيفة بسبب استهدافهم بصورة واضحة هم ومواطنيهم من الصابئة المندائية والأيزدية... وفي سوريا يشكل المسيحيون 9 في المائة من الساكنة بعد أن كانوا يشكلون ثلث السكان في أواسط القرن الفارط، أما في مصر فهناك مخطط وهابي مفضوح للقضاء نهائياً على الوجود المسيحي.
ويظهر هذا المخطط في أشكال شتى من التضييق تتجلى في الأسلمة واختطاف البنات وحرق المحلات التجارية لمالكيها من الأقباط وشراء ذمم المسئولين الأمنيين والترويج للفكر الوهابي العنصري الإقصائي والذي وصل تأثيره إلى القضاء "قضية التوأم ماريو وأندرو نموذجاً".
لقد جاءت زيارة البابا لتؤكد حضور رسالة الــســلام وإمكانية التعايش بين مكونات جميع أبناء المنطقة بما فيهم المسلمين شريطة أن يتأنسنوا وينبذوا ثقافة العنف والإيمان بخزعبلات على رأسها فتح روما عاصمة الطليان وملحمة الحجر الناطق الذي سيشهد إبادة جنس اليهود وسبي نسائهم وذراريهم...
إن أنسنة العرب تتطلب تدخل جَدي للمجتمع الدولي برمته من أجل تأهيلهم لينخرطوا في مشروع المجتمعات الحداثية الديمقراطية.
إن الأمر ليس صعباً وليس سهلاً في نفس الوقت نظراً لترسب ثقافة الجهل طيلة خمسة عشر قرناً الشيء الذي يتطلب برنامجاً حقيقياً ومتكاملاً من أجل إنقاذ الملايين من البشر من ثقافة ظلامية قاتلة بائدة تسببت في فرملة وقتل ملكات الإبداع والخلق لدى الكثير من الشعوب.
قد يقول قائل أني أبالغ وأحمل الأشياء أكثر مما تستحق، فإن كان هذا صحيحاً فما علينا إلا القيام بعملية جد بسيطة، فلنختر عينة من مواطني شمال أفريقية والشرق الأوسط بطريقة عشوائية حتى وإن كانوا من المقيمين بالمهجر وليكن عدد العينة مائة شخص، ولنسأل كل واحد هذا السؤال: هل تريد لعاصمة من عواصم الغرب واشنطن أو باريس أو لندن أو كوبنهاغن أن يحل بها التدمير والحرق أو ضربة صاعقة كتلك التي عرفتها الولايات المتحدة الأمريكية في سبتمبر أيلول 2001؟
وسوف نرى النتيجة التالية: أكثر من 90 في المائة سيتمنون هذه الضربة وسيكونون في قمة الفرحة والنشوة إن فجر انتحاري نفسه بين الأبرياء والمدنيين العُزّل في حاضرة أوروبية أو أمريكية.
فهل لدى المجتمع الدولي هذا الإحساس بضرورة إنقاذ أمة المليار ونصف المليار من أنفلونزا العنف الأسود المتغلغل؟؟ وهل بمقدورنا كسب هذا الرهان؟؟ إن الأمر يتطلب إرادة، شجاعة، وصبراً..
Assassi_64@hotmail.com |
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع |
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك
أنقر هنا
|
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر
أنقر هنا
|