بقلم / أماني موسى
المرة اللي فاتت أتكلمنا عن عم سعيد مسعد أبو السعد ومراته الست ابتسام أم أحلى ابتسامة، واليوم هنكمل حكايته اللي هي حكاية كل مواطن مصري.
قعد عم سعيد على مكتبه القديم المتهالك وأخذ ينظر بشرود لِما حوله من جدران متسخة ومشققة وزملائه الجالسين على مكاتبهم بجواره وعلامات التناحة تبدو واضحة على وجوههم، فمنهم مَن كان يلتهم إفطاره بنهم من شندوتشات الفول والطعمية من عم "علي ادرة"، وآخر يدفس رأسه بجرنان قديم ويحاول جاهداً إضاعة وقته بحل الكلمات المتقاطعة، وآخر يفترش الأرض بسجادة الصلاة وتلاوة الذكر طوال الوقت، عدا الست "هنية إسعافات أولية" التي كانت تملأ المكتب بالروح والبهجة والحيوية، وكانت بصراحة اسم على مسمى حيث كانت هي منقذة سيدات ورجال المكتب، فكانت هي مسئولة التوزيع للأطعمة المغلفة لزميلاتها بالمكتب فتقوم بتأوير البدنجان والفلفل وتأميع البامية والملوخية وكل ما يخطر على بالك حتى المهلبية، وهي أيضاً مسئولة المالية والمنظمة للجمعيات وإعطائها بالأولوية لصاحب الأحقية ذو الفقر المدقع والاحتياج للعملات البنكنوتية لتصريف شئونه المالية.
وكان عم سعيد مسعد أبو السعد حاسس بشوية نعاس صباحي كالعادة فنام عالمكتب شوية وفي نص النوم قام مفزوع وافتكر أن انهاردة دوره في أخد الجمعية من الست هنية والمصاريف اللي وراه كتير ومراته مستنية، فقام بسرعة وأخد الجمعية وقعد يقسمها ما بين نور وغاز ولبس وأكل وإيجار ومصاريف عياله الغير منتهية.... وراح قال (دي راحت قبل حتى ما اتهنى بيها شوية) وهنا قاله صاحبه يا عم هوّنها على نفسك وربنا يخلي لنا المنتجات الصينية أهي بتعيش وتستحمل وكلها حنية عالجيب وتفرح العيل والولية، أينعم كلها مضروبة ومش أصلية بس بتأدي الغرض لشوية.
وهنا دخلت الست هنية في الحديث لخبرتها بمجال البيع والتقسيط وقالت (فعلاً هو في زي الصين ولا منتجاتها، دي عملت لنا كل حاجة من الإبرة للصاروخ وحتى كم الجلابية، مش أحسن من المصريين اللي لا فالحين في حلوة ولا ردية؟)، راح عم فرحان الساعي قال (والاهي أنا حاسس أن مصر معمول ليها عمل من الأمريكان والصهيونية بالعجز والتخلف عن بقية البشرية،، فين مصر بتاعة زمااان، مصر الحضارة، وأيام الطربوش والمشربية)!!!!
ودقت الساعة تلاتة وجه ميعاد انصراف الكسالى من التكية وراح عم سعيد حط الجمعية في خرم شرابه عشان يضمن أنهم في أمان وخصوصاً لما يجري عشان يلحق الأتوبيس اللي هيوديه لبيته في الشرابية، وراح عم سعيد سمى واستعان عالشقا بالله وفضل واقف مستني الأتوبيس عشان يلحق دوره وعمال يدعي أنه يجي مش مزحوم وبالبشر مكتوم عشان خوفه من السرقة ويضيع منه المعلوم، أما الريحة والزنقة والخناقات والتحرشات بالستات الحلوين منهن والسيئات فدول خلاص بقيوا من العادات، وطلع الواد حسن حموقة عشان يسترزق ويبيع الفلايات ويقول عبارته الشهيرة (معايا فلاية تطلع القملاية تشوفها دكر ولا نتاية....)) واللي حفظوها ركاب الأتوبيس عن ظهر قلب (عشان لما يجور عليهم الزمن يبقى معاهم مهنة وحرفة يعيشوا منها) وجت محطة عم سعيد ونزل بسرعة قبل ما الكومسري ياخد باله ويطلب التذكرة،، وطبعاً نزل بقوة الدفع ووقع منه كيس الفاكهة اللي شايله بس شكر ربنا أنه خرج سليم وجت بس على الفاكهة.
عادي في بلادي: المواطن المصري عبد الشكور وعبد الصبور دايماً شاكر وعلى المر صابر.
|