كتب: ميرفت عياد
صدر عن لجنة الآثار بالمجلس الأعلى للثقافة، كتاب بعنوان "ندوة الآثار القبطية"، من إعداد د. "جاب الله علي جاب الله". وهو عبارة عن سلسلة الأبحاث التي قدَّمها العديد من الباحثين المتخصصين في الفنون والآثار في المؤتمر الذي عُقد على مدى يومين عن آثار مصر القبطية؛ وذلك ايمانًا من المجلس الأعلى للثقافة بأهمية التراث المصري المسيحي، ومحاولة لتعريف المثقفين بحقبة حضارية هامة في تاريخ "مصر".
وينقسم الكتاب الذى يقع في حوالى (300) صفحة إلى ستة فصول، هم: تأثير الفنون المسيحية المصرية على الفنون الأوروبية خلال عصر الهجرات للباحث "أشرف سيد محمد"، والأشكال غير التقليدية في الفن القبطي للباحث "جمال هيرمينا بطرس"، و"أدوات الزينة ومعدات التجميل القبطية" للباحثة "شيرين صادق الجندي"، والأيقونة في مصر دورها ودلالاتها للباحث "عزت زكي حامد"، وأهم مناظر السيد المسيح في الفن القبطي من القرن الرابع إلى القرن الثالث عشر الميلادي للباحثة "ماري ميساك"، والتخطيط المعماري الثلاثي والعناصر المعمارية بالعمائر الإسلامية والقبطية في العصر الفاطمى للباحث "محمود أحمد درويش".
بداية التقويم القبطي
وأشار د. "جاب الله" في مقدمة الكتاب إلى أن المسيحية عندما دخلت "مصر" كانت البلاد ترزح تحت نير الحكم الروماني، والذي تحوَّل بعد ذلك إلى الحكم البيزنطي، وهو الحكم الذي ظل قائمًا حتى الفتح العربي لـ"مصر" على يد "عمرو بن العاص" عام 641 م. مما يعني أنه أثناء بدء المسيحية بـ"مصر"، لم تكن أمورها بيد أبنائها، وإنما كانت في يد حفنة من الأباطرة الرومان؛ وقد سبَّب هذا تعرُّض المسيحيين المصريين لكل ضروب الاضطهاد والهوان على أيدي بعض هؤلاء الأباطرة، حتى بلغ الاضطهاد ذروته على يد "دقلديانوس" عام 303 م، لدرجة أن مسيحيي "مصر" اعتبروا هذا التاريخ بداية التقويم القبطي.
شعبية الفنون والعمارة القبطية
وأوضح "جاب الله" أنه ترتب على ما سبق، عدة أمور، وهي:
أولاً: إن كتاب التاريخ لم يفردوا حقبة بعينها تسمَّى مثلاً العصر المسيحي في "مصر" أو العصر القبطي، وذلك على غرار العصر البطلمي أو العصر الإسلامي على سبيل المثال. مشيرًا إلى أن الازدهار الفكري والحضاري الذي أنجزه أبناء "مصر" من المسيحيين، ثم في ظل الحكم الروماني والبيزنطي والحكم العربي الإسلامي.
ثانيًا: إن الإنتاج الحضاري القبطي، سواء منه الفكري أو المادي، لا يمثِّل انتاجًا رسميًا؛ حيث أنه لم يحظ في أي مرحلة من المراحل برعاية الدولة أو عنايتها. فالعمارة القبطية- الدينية منها والدنيوية- والفنون بمختلف أنواعها التشكيلية والتطبيقية كلها شعبية؛ كونها نمت وازدهرت بين أحضان طبقات الشعب المصري وبأيدي أبنائها، ولذلك تتميِّز بحيويتها الشعبية المدهشة، وتقدِّم تعبيرًا صادقًا عن روح أهلها وظروف زمانها.
من مصر دعوت ابني
وأكّد الكتاب أن علاقة "مصر" والمصريين بالمسيحية، بدأت من قبل التبشير بهذ العقيدة، وذلك حسبما ورد في إنجيل "متى"، أنه بعد ميلاد السيد المسيح بقليل، ظهر ملاك الرب لـ"يوسف النجار" وخاطبه قائلاً: قم خذ الصبي وأمه واهرب إلى "مصر"؛ لأن هيرودس مزمع أن يطلب الصبي ليهلكه. مشيرًا إلى أن "مصر" كانت هي المأوى والملاذ من الخطر، وقد ظلت العائلة المقدسة في أرض "مصر" لمدة تقارب الأربع سنوات حسبما يرى علماء الكتاب المقدس، ثم اُستدعيت لتعود إلى "فلسطين"؛ لكي تتحقق النبوة "من مصر دعوت ابني". أما متى دخلت المسيحية ذاتها أرض "مصر" فهو سؤال يصعب الإجابة عليه يقينًا، فالتقليد المأخوذ عن الآباء الأوائل للكنيسة، يشير إلى أن "مصر" عرفت المسيحية قبل نهاية القرن الأول الميلادي، عندما بشَّر بها القديس "مرقس الرسول" في مدينة "الإسكندرية". مما يشير إلى أن أهل هذه المدينة هم أول من عرفوا الدين الجديد، ومنها راح ينتشر رويدًا رويدًا في أنحاء "مصر". ومنذ ذلك الحين، قُدِّر لمسيحيي "مصر" أن يلعبوا أدوارًا مؤثِّرة وفعَّالة في مجالات الفكر المسيحي. وقال: يكفي أن نذكر مثالاً واحدًا وهو نظام الرهبنة والأديرة الذي نما وترعرع في "مصر"، ومنها انتشر في العالم أجمع. |
|
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك
أنقر هنا
|
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر
أنقر هنا
|