CET 00:00:00 - 10/05/2009

مساحة رأي

بقلم: نشأت عدلي
أعظم شيء في مسيحيتنا هو الخروف المذبوح.. فإيماننا الذي ننعم به مبني على فداء وبذل هذا الخروف من أجلنا فما أعظم أن يبذل الإنسان نفسه لأجل الآخرين.. لا يستطيع أي إنسان عادي أن يموت فداء إنسان آخر بل أمام هذا الموت الكل هاربون، ولكننا نستطيع أن نبذل أنفسنا لأجل الآخرين.
من الطبيعي أن نصاب بجروح عديدة وربما بطعنات بالغة العمق ويكون الألـمّ في قوته أضعاف عمق جروحنا كثيراً ومع ذلك يتحملها الإنسان الذي يملك الحب الصادق في قلبه برضاء شديد بل ببهجة نفس لأن عمق المحبة تنسيه عمق الجرح وقوة ألآمه.

جميل أن تكون حياتنا ملك للآخرين، نعطيها برضاء النفس والقلب معاً تمتد أيادينا لمن يحتاجها دون أي تردد أو مفاوضة مع العقل، نتشبه بهذا الخروف الذي بذل نفسه لأجلنا دون أي تردد منه وعندما واتته الفرصة لينجو صمت ولم يتكلم، لم يدافع حتى عن نفسه وكان يمكنه ذلك لكن مقدار الحب الذي بداخله هو الذي حرك أحشائه لفدائنا.. سجن نفسه على خشبة لأجل حريتنا.. كان صوته صارخ بالحق.. ولم يخشى حتى الموت من أجل إظهار هذا الحق بل هو أتى ليموت فداء عنّا وها نحن أمامه متحجرين.. ليس لنا إلا أن نهتف ونقول (إن كنت ابن الله خلص نفسك وانزل من الصليب.. عجيبة هي أفكارنا المحدودة وعقلياتنا المتحجرة وقلوبنا المائتة.. ها هي يديه ممدودة ليحتوي الكل في أحضانه ونحن ننظر إليه في سخرية غير عابئين به بل ننظر وكأنه فعل هذا لأجل نفسه.. لم تكن لنا الجرأة لنعترف أنه بذل نفسه لأجلنا نحن... بذل نفسه لأجل الحب الكبير الذي ملأ قلبه من جهتنا.

فكل حب كبير له أعماله الكبيرة التي تتناسب مع هذا الحب وربما يكون الحب أكبر من الفعل نفسه فيظل يعطي ويبذل إلى أخر الرحلة الحياتية ويشعر أنه لم يستطع أن يعطي شيء بعد -على المستوى الإنساني أتكلم- فالكلمات الرقيقة الخارجة بعمق إنساني من القلوب المحبة بصدق تجد لها صدى في القلوب المتعطشة ومع ذلك يشعر أنه لم يعطي شيئاً وكم تمنى أن يكون له المزيد ليعطي المزيد  ولن ينقص شيء مما بداخله بل كلما أعطى... يجد لديه المزيد منها بداخله لا يفرغ ولا ينضب بل في ازدياد مستمر.
وها نحن في هذا الزمن نجد الكثير من الخراف المذبوحة على أرض الحب.. فهويتنا كأقباط وكطبيعة أكسبناها من فادينا العظيم لا نعرف إلا أن نُحب.. ونحب بصدق وبداخلنا استعداد للعطاء والبذل حتى أرواحنا نحسبها رخيصة فداءاً للوطن الذي أحببناه بل حملناه داخل قلوبنا نحتضنه بعشق كما الداء.

نسعى بكل ما فينا من قوة الحب لكي يبقى ويكون... مستمدين قوتنا منه.. دائماً فخورين بأننا ننتسب لهذا الوطن الحبيب.. نجابه به كل مشاكلنا فإذ به يحمل وراء ظهره خنجر مسموم وحينما نُقبل إليه بكل الأمل والحب... يشهر لنا هذا الخنجر مشككاً في هويتنا.. في إخلاصنا.. بل في انتمائنا.. مهدراً أحقيتنا في كل حق لنا.. بل مُنكر علينا كل هذه الحقوق.
لقد سحب من علينا غطائه الذي يدفئنا وحوّل أشعة شمسه لجهات أخرى تنيرها وتدفئها دون أدنى اهتمام ببرودة سرت في كل أوصالنا ورعشة جسد ارتمى في طل ثلوج قلبها المائت ومدَّ لنا أياديه الطويلة شاهراً لنا سكينته المملوءة دماً طرياً يقطر منها.
أقسم أن لا يجف ورؤوس ضحاياه تخرج من قبورها وهي صارخة كلما شرعت في بناء بيتاً ليدفئني يمد يده بسكينة ويذبحني.   

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٢ صوت عدد التعليقات: ١٢ تعليق

الكاتب

نشأت عدلي

فهرس مقالات الكاتب
راسل الكاتب

خيارات

فهرس القسم
اطبع الصفحة
ارسل لصديق
اضف للمفضلة

مواضيع أخرى للكاتب

خراف مذبوحة

نــوبة صحيــان

ثقافات غائبة

لحظة في حياة الإنسان

الــــــــمـحـنّ

جديد الموقع