لا يحمل سوى شهادة في الإسعافات الأولية ويقصده الناس للاستشارة
أهالي "البرشا" يحكون تجاربهم مع الطب الشعبي
كتبت : تريزه سمير
"رحبعام معزوز ملك".. يعرف أهل قرية "دير البرشا" بملوي (المنيا) هذا الاسم جيدًا، فهو ومنذ 45 عامًا يعمل على تخفيف آلامهم.. لم يحصل سوى على شهادة في الإسعافات الأولية، ولذلك هو يعترف أنه لا يمارس الطب، ولكنه يساعد المرضى على الوصول إلى الطبيب المتخصص، ويقوم بمداواة البعض.. هو نموذج للطبيب الشعبي، أو تطور للـ"مجبراتي" أو "حلاق الصحة" ذو الشهرة الواسعة.
بدون شهادة
في البداية يتحدث عم "رحبعام": لم أحصل على أية شهادة، إلا شهادة تمريض في الإسعافات الأولية، وعملت بها في مستشفي "رأس التين" البحرية، ومن خلالها اكتسبت العديد من الخبرات التي جعلتني أقوم بتشخيص المرض، حتى يتوجه المريض إلى الطبيب المختص، وفي البداية تعلمت كيفية الحقن في العضل والوريد وتحت الجلد.. قريتنا فقيرة والناس "غلابة"، ولا يهتمون بصحتهم ولا يزوروا الطبيب إلا بعد تدهور الحالة، وأكتر حالات معرضة للأمراض أو لأي حدث هم الأطفال، لذلك كنت دائمًا أُقدم للأهالي النصائح من خلال قراءتي الدائمة، وبعدها بدأت تتوافد عليَّ حالات كانت هناك ضرورة لعلاجها، كنت أقوم بتنظيف العين والأذن أو الجروح، لم أعالج المرضى بشكل كامل، ولكنني كنت أوجههم للطبيب المختص، ففي حالات الحميات يأتي المريض وتكون درجة حرارته مرتفعة، وبطنه منتفخة، أقوم بتحويلة إلى مستشفى الحميات، ومن خلال خبرتي مع الناس والمرض، شخصت حالات كثيرة بشكل صحيح مثل التيفود، والحمى الشوكية، ولهذا أصبح هناك ثقة عند الناس، لأني أقدم لهم الخدمة بحب، فتوافد عليَّ مرضى القرى المجاورة والمدن أيضًا (كالبياضية ودير الملاك وعزبة شحاتة).
قلت له: سمعت عنك من المتعلمين والمثقفين، ليس فقط من الناس البسطاء، والجميع يعترف بفضلك في إنقاذ الكثيرين من المرضى، وتقديم الاستشارات.
ابتسم رحبعام قائلاً: فعلاً هناك كثيرون يزوروني من المتعلمين وغير المتعلمين، وهناك الكثير من الحالات التي تتطلب سرعة إنقاذ المريض، هذا بالإضافة أن هناك حالات لا تستطيع انتظار فترة 15 يومًا بعد الحجز عند الطبيب المعالج، مثل مرضى العيون الصديدي، فإذا لم يتم تنظيف العين بشكل دائم، يؤدي هذا إلى العمى، فأقوم بتنظيف عين المريض.
رحبعام بين الناس
سألنا الناس عن عم "رحبعام"؛ ومنهم "عادل كمال" فيقول: "ربنا فتح بصيرته علشان الناس الغلبانة". ويروي تجربته قائلاً: كان عندي زائدة دودية، وذهبت لأطباء عدة، ولم يتمكنوا من التشخيص الحقيقي للمرض، وعندما ذهبت إلى عم "رحبعام" قام بتحويلي فورًا إلى طبيب بالمنيا، وعندما ذهبنا عرفت أن الزائدة كانت على وشك الانفجار، فبفضل عم "رحبعام" تم إنقاذي.
ويحكي "كامل عبد الخالق" قصته مع عم "رحبعام": "كانت ابنتي تعاني الجفاف، وذهبت بها إلى سبعة أطباء، ولم يتم التشخيص السليم، وعندما رأها عم "رحبعام" عرف أنها أعراض الجفاف، ووجهني لطبيب أفضل.
ويقول "إبراهيم باسليوس"- مدرس بالثانوي: "عانت ابنتي آلامًا بالأذن ولم تستطع أن تسمع جيدًا، فذهبت بها إليه فقام بتنظيف الأذن، وأصبحت تسمع جيدًا. وأضاف تجربة أخرى: قمت بخلع ضرس عند طبيب أسنان، وحدث لي أعرض من السخونة والالتهاب في مكان الضرس، وفي امتحانات الثانوية الأخيرة عانيت مرة أخرى من نفس الألم، وكان لابد من خلع ضرس آخر، فكنت في حالة من الضيق بسبب عدم استعدادي وصعوبة أخذ إجازة، فذهبت إليه يوم الخميس بعد الامتحان وقام بخلع هذا الضرس، ومن الغريب أنه لم يحدث مضاعفات، على عكس المرة الأولى التي كانت بواسطة طبيب مختص، ومن ذلك الحين وأنا اثق في قدرات هذا الرجل. |