CET 00:00:00 - 27/11/2010

حوارات وتحقيقات

* من المسئول عن إضعاف الحياة الحزبية وإسكات صوت الأحزاب وشراء أصوات الناخبين؟!
* لماذا يتقاتلون على رئاسة الأحزاب؟ وأين دور الدولة فى توفير المناخ الحزبى الآمن؟!
* النظام يطالب الأحزاب بتفعيل مواقفها ووجودها السياسي، ورؤساء الأحزاب يردون: "الدعم لا يكفى لتأجير مقرات للحزب"!
* وزراء يستغلون المرافق العامة ودور العبادة، والوطني يدعمهم من خلال الإدارة المحلية والمحافظين.
* د. "نادر عطية": الحزب الوطني يسيطر على مجموعة الأحزاب الكرتونية ويعقد معها الصفقات المشبوه.
* "عبد الغفار شكر": الانتخابات البرلمانية تحوَّلت إلى تجارة وسوق يقوم البائعون بعرض أصواتهم للمشتري الذي يقوم بشرائها، ويدفع مقابلها.
* "نبيل بدوي": كيف يمكن الحصول على رخصة لحزب سياسي، واللجنة التى تمنحها تابعة للحزب الوطنى؟!!
 
تحقيق: محمد بربر

منذ بدأت تجربة التعددية الحزبية كانت غالبية أحزاب المعارضة "مهمشة" ومنقسمة على نفسها، تشارك سياسيًا على استحياء شديد، واتسمت بصغر حجم أعضاءها، وقد أثر هذا الحجم المحدود على فعالية وحجم تلك الأحزاب في الساحة الحزبية المصرية، الأمر الذي أدى إلى عدم وجود مرشحين لها على مستوى المنافسة مع الأحزاب الكبرى، وعلى رأسها "الحزب الوطني" الذي انفرد بنصيب الأسد، واعتلى الساحة وحيدًا، إضافة إلى  نقص التمويل اللازم لحملات الدعاية الانتخابية، بما فيها برامج الحزب وقياداته وأنشطته، حتى أن بعض السياسيين أطلقوا مسميات ساخرة على هذه الأحزاب مثل "أحزاب كرتونية"، و"أحزاب أنابيب" على غرار تجربة أطفال الأنابيب، أو أحزاب "السح الدح امبو"!
 
لكن السؤال الذى يطرح نفسه وبقوة: "لماذا لا تدعم الدولة الأحزاب المصرية ومن ثم الحياة السياسية؟ ولمصلحة من هذا الخجل الحزبي المرفوض؟!" ثم كم هي الفروق الواسعة الشاسعة بين فرص وطرق دعم وتمويل الحزب الوطني ماديًا وإعلاميًا، والأحزاب السياسية الأخرى بما فيها "الوفد"، و"التجمع"، و"الناصري".
 
"الأقباط متحدون" تكشف عن حقيقة الأحزاب المصرية.. أين تذهب أموال الأحزاب، وهل تكفى للمشاركة في الحياة السياسية؟! ومن أين يأتى الحزب الوطني بكل هذه الأموال؟ وما هي أوجه التمييز بين الوطني والأحزاب الأخرى؟ ثم السؤال الأهم: لماذا يتقاتلون على رئاسة الأحزاب؟ ولماذا لا تتدخل مؤسسات الدولة لفض تلك النزاعات التي تؤثر – قطعًا– على الحياة الحزبية فى مصر؟!.. وأسئلة أخرى نطرحها في السطور التالية..
 
ضعف الأحزاب المصرية... لمصلحة من ؟
وكأن الأحزاب تحوَّلت إلى علامة تعجب كبيرة وأصبحت مجرد حبر على ورق، يستعين بها النظام لإثبات وجود حياة سياسية شكلية، بعيدًا عن المناخ الحزبي المنوط بتلك الأحزاب توفيره والمنافسة من أجل استمراره، كما على مؤسسات الدولة حمايته ودعمه، وبعيدًا عن هذا كله، اكتشف النظام والأحزاب على السواء؛ ضعف المشاركة في العملية الانتخابية من جانب الناخبين، فرفعت بعضها شعار "احمي صوتك" في محاولة لحث الناخبين على المشاركة، وفي الوقت ذاته وجد الشباب في حركات الاحتجاج المعارضة للنظام والمؤيدة للتغيير المناخ الأفضل، والساحة التي يعبر هؤلاء فيها عن أرائهم وأفكارهم بكل حرية، وبدون تقيد بنظام حزبي معين، أو لوائح حزبية تمنعهم من المشاركة في أحداث الوطن بشكل أو بآخر.
 
في البداية، قال الدكتور "نادر أبو عيطة": إن الشعب المصري يحمل من الوعي ما يؤهله لاتخاذ قرارًا مناسبًا بشأن الانضمام للأحزاب، والمشاركة السياسية. مضيفًا أنه يرى عدم وجود فائدة تُذكر لأحزاب كرتونية يسيطر عليها الحزب الوطني ويوجهها إلى حيث يشاء، ويعقد معها الصفقات المشبوهة، لتمرير قانون هنا أو هناك، وتعيين عدد معين محدود من النواب لرسم صورة نمطية جميلة عن تواجد الأحزاب المصرية، غير أنها –وللأسف– صورة وهمية تفضح غياب الديمقراطية، وإتباع مبدأ التزوير، وعدم احترام صوت المواطن الذي يدلي بصوته في الانتخابات.
 
وأشار "نبيل بدوي"– محاسب– بأصابع الاتهام للحزب الوطني الذي يحتكر الحياة السياسية، ويعمل دائمًا على إضعاف الأحزاب المصرية، في سبيل انفراده بمجريات الأمور. وتساءل –في لهجة ساخرة– "كيف يمكن الحصول على رخصة لحزب سياسي، واللجنة التي تمنح مثل هذه الرخصة هي لجنة "شئون الأحزاب" التابعة للحزب الوطني، ويترأسها "صفوت الشريف" أمين عام الحزب الوطني؟!
 
العصا والجزرة
وأكّدت "إسراء علي"- الناشطة اليسارية- أن الحزب الوطني أدمن الانفراد بالقرارات والتنظيمات والمؤتمرات، وحين خرج شباب الحركات المعارضة مثل حركة "كفاية" و"6 أبريل" و"الجمعية الوطنية للتغيير" لتشارك بقوة في العمل السياسي، تعامل معها الحزب بكثير من العصبية، واعتقل العديد من الشباب، وألقى بالتهم على آخرين؛ لمجرد أنهم عبَّروا عما بداخلهم من آراء وقناعات شخصية، وهذا يدل على أمرين هامين؛ أولهما أن "الحزب الوطني" استطاع أن يضع الأحزاب في حظيرته، وعمل طوال الوقت على تسييسها، والثاني أنه (الوطني) ينزعج من أى تيار سياسي حقيقي، حتى وإن كان عدد أعضاءه لا يتجاوز أعضاء الحزب الوطني في قرية واحدة، ومن ثم تربكه حركات التغيير، فلا يجد سوى العصا القاسية، بعد أن منح الجزرة للأحزاب المستأنسة.
 
مظاهر التمييز بين دعم الحزب الوطني ودعم الأحزاب الأخرى
جاء فى المادة (18) من قانون الأحزاب السياسية لعام 2005 ما نصه: "يتم تقرير دعم مالي تقدِّمه الدولة للأحزاب السياسية تُدرج اعتماداته السنوية بموازنة مجلس الشوري, وتتولي توزيعه لجنة شئون الأحزاب مقداره (100) ألف جنيه سنويًا لمدة عشر سنوات. وحتى يستمر هذا الدعم، يُشترط أن يكون للحزب مقعد واحد علي الأقل فاز به أحد مرشحيه في أحد المجلسين التشريعيين، وخمسة آلاف جنيه عن كل مقعد يفوز به مرشَّح الحزب في الانتخابات بحد أدني نصف مليون للحزب الواحد".. النص السابق يجعلنا نتساءل– بحيادية تامة – هل تكفى هذه النقود حتى يتسنى لحزب سياسي المشاركة بفعالية وقوة فى الحياة الحزبية من خلال تقديم برامجه عبر وسائل الإعلام والإلتحام بالجماهير، وعقد الندوات والمؤتمرات والأنشطة التى تؤهله للعمل السياسي وتجعل الجماهير تختاره دون سواه؟! ثم هل تكفى لتأجير مقراته بالمحافظات المختلفة وتأسيسها؟ ثم هل من تفعيل قانون يساوى بين الأحزاب فى حجم إنفاقاتها؟ وهو ما تنبهت له كتلة أحزاب المعارضة التي تضم أحزاب "الجمهوري" و"الشعب الديمقراطي" و"الاتحادي" و"الأمة" و"مصر العربي" التى تقدَّمت ببلاغ إلى وزير الإعلام تطالب بوقف إعلانات حزب الوفد بالتليفزيون والفضائيات خلال فترة الدعاية الانتخابية حفاظًا علي سقف الانفاق المالي، حيث أشار البلاغ إلي أن حزب الوفد رصد (٠٢) مليون جنيه لحملته الإعلانية بالمخالفة للسقف الإعلاني الذي نصَّ عليه قانون مباشرة الحقوق السياسية (٠٠٢) ألف جنيه  لكل مرشح.
 
ومن جانبه، أوضح "وحيد الأقصري"- رئيس حزب مصر العربي الإشتراكي- أن الدعم لا يكفى لتحركات الحزب وتغطية نفقات أنشطته، وأنه لا توجد موارد أخرى للحزب تمكنهم من دعمه، وهو ما جعل الدعم أزمة مزمنة تعيشها الأحزاب المصرية بخلاف الأحزاب الغنية. مشيرًا إلى أنهم كثيرًا ما طالبوا بزيادة الدعم لتفعيل نشاط الحزب، ولكن بلا جدوى. هذا بالإضافة إلى أنه فى كثير من الأحيان يتأخر صرف الدعم.
 
وقال "سامى حجازي"- رئيس حزب الأمة: إن مطالبة الأحزاب السياسية بتفعيل دورها شيء من التناقض، لأن الدعم لا يكفى فى الإنفاق حتى على الأمانة المركزية وليس لإيجار المقرات وتحقيق النشاط المطلوب. ولابد من تحقيق التوازن بين المشاركة السياسية للأحزاب والدعم الكافى لتطبيق هذا على أرض الواقع.
 
 بينما أكّد اللواء "عادل القلا" – أحد المتنازعين على رئاسة حزب مصر العربى الإشتراكي– أن هناك عدد من رؤساء الأحزاب السياسية المعروفة التى تحصل على دعم الحكومة للأحزاب، يضعون هذا الدعم فى جيوبهم الخاصة. موضحًا أن النظام هو الذى يختار رئيس الحزب، وأنه قد حصل على (9) أحكام قضائية من مجلس الدولة تقضى برئاسته للحزب، إلا أن لجنة شئون الأحزاب لم تعتد بها، رغم تأييد وتوقيع (6) آلاف عضو بالحزب يعتدون به رئيسًا. مشيرًا إلى أن ذلك صنع حالة من الغليان والتوتر فى الشارع المصرى، انطلق معها الشباب إلى الشارع يتظاهرون ويعبِّرون عن غضبهم بعد أن أصبحت الأحزاب- وهى المكان الملائم لإحتواء عقول وطاقات الشباب– حسبما يرى القلا – حبيسة مقراتها.
 
وأشار "محمود عمران"- المتنازع على رئاسة حزب العدالة الإجتماعية، وصدر له عدة أحكام ضد "محمد عبد العال" لم تنفذ- إلى أن الدولة يجب أن تمنح الدعم الكافى للأحزاب، وأن تتابع أحوالها بشفافية ونزاهة، وتقضى على كل من يحاول هدم التجربة الحزبية فى "مصر" بدلا من أن تعقد معه الصفقات.
 
الكبار يسيطرون واستغلال للعقيدة والسلطة.. منهج الوطنى فى الانتخابات
وأوضح "عمران" أن المواقف المثيرة التى شابت العملية الإنتخابية، بداية من مرحلة الدعاية وصولاً إلى تقديم المرشحين لبرامجهم عبر مؤتمرات ولقاءات جماهيرية، كان بطلها الأول الحزب الوطني، وطبقًا لما رصدته المراكز الحقوقية وجاء فى تقرير مركز "شفافية"، كشف اختفاء أى دعاية للمرشحين المنافسين للدكتور "زكريا عزمي"، و"مصطفى عبدالوهاب"، مرشحي الحزب الوطني على مقعدى الفئات والعمال فى دائرة "الزيتون". بالإضافة إلى وجود لافتات دعاية لـ"عزمى" فى دور العبادة، والجمعيات الأهلية، ومراكز الشباب، والمستشفيات، والشركات الموجودة فى المنطقة الصناعية بـ"الأميرية". كما رصد التقرير أيضًا الدوائر الأخرى التى وقعت فيها أحداث عنف ومصادمات، ومنع مسيرات، وتمزيق اللافتات الانتخابية للمنافسين، واستخدام المرافق العامة فى الدعاية بالإضافة إلى الشعارات الدينية.
 
وفى النهاية، أكَّد "عبد الغفار شكر"- القيادي بحزب التجمع- أن الانتخابات البرلمانية تحوَّلت إلى تجارة، وسوق يقوم البائعون بعرض أصواتهم للمشتري الذي يقوم بشرائها، ويدفع مقابلها. منتقدًا   أعضاء الحزب الحاكم ورجال الأعمال لاستخدامهم المال في شراء أصوات البسطاء، ودعم الحزب الوطني لوزرائه من خلال مساندة مؤسسات الدولة بما فيها الإدارة المحلية والمحافظين.

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٤ صوت عدد التعليقات: ٢ تعليق