CET 00:00:00 - 20/11/2010

أخبار وتقارير من مراسلينا

* الإنسان بذهابه إلى الأديرة يتجدد ويغسل قلبه من هموم المشاكل والأحزان.
* شجرة مارافرام السرياني رمز للطاعة.
* مشاهدة الجداريات الأثرية تذكِّرنا بالفنون القبطية القديمة.
* الغزوات المتلاحقة أبادت الكثير من أديرة وادي النطرون التى بلغت نحو المائة.
* دير السريان لم يتعرض للخراب أو لأي اعتداء فى أي عصر من العصور.

أديرة وادي النطرون.. وهروب من ضجيج وقسوة الحياةكتبت: ميرفت عياد

فى وسط صخب المادة وضجيج الحياة، يحتاج الإنسان أن يسمو بروحه فوق كل تلك الأمور الدنيوية المؤلمة. ولعل زيارة الأماكن المقدسة والأديرة المترامية الأطراف في أنحاء الصحراء، يساعد على إضفاء هذا الجو من النقاء على النفس البشرية التى تشعر بصفة مستمرة أنها محتاجة إلى تلك اللحظات التى تخلو فيها إلى روحها، مع ربها، لتستمد منه العون على احتمال الضيقات والآلام التى تعج بها الحياة.. ولعل هذا ما يدفع الكثيرون إلى القيام بزيارة سريعة لمدة يوم واحد إلى أديرة وادى النطرون، ولذلك لقربها إلى حد ما من "القاهرة"، هذا إلى جانب أنها أديرة ذات طابع روحي وأثري يمتد إلى القرون الأولى من المسيحية، وذلك يجعلها تتمتع بثراء معماري وفني وروحي كبير. وتشمل الجولة، دير العذراء براموس، ودير السريان، ودير أبو مقار، ودير الأنبا بيشوي. وخلال تلك الجولة تحدَّثت إلى العديد من زوَّار هذه الأديرة والرهبان القاطنين بها.

قدسية وسمو يحتاج إليهما الإنسان
قالت "كريمة"- موظفة: إن أديرة وادي النطرون تنقلك فى خلال ساعتين من "القاهرة" المزدحمة والمتكدِّسة بالمشاكل إلى براح متسع، وصحراء مترامية الأطراف، وقدسية وسمو يحتاج إليهما الإنسان؛ ليتجدد ويغسل قلبه من هموم المشاكل والأحزان التي تلاحقه فى كل مكان..

معك يا رب لا أريد شيئًا
ورأت "ماريان"- طالبة جامعية- أن أديرة وادى النطرون لها قدسية خاصة عند المسيحيين؛ لأن العائلة المقدسة أثناء هروبها من وجه
"هيرودس" الملك مرَّت بهذا الوادي. موضحةً أنه منذ القرون الأولى للمسيحية ذهب العديد من النسَّاك والمتوحدين للعيش فى هذا المكان فى كهوف وقلالي منفردة فى الصحراء، يتعبدون إلى الله زاهدين فى كل أمور الدنيا، ولسان حالهم يقول: "معك يا رب لا أريد شيئًا".. ولكن بسبب الغارات والاعتداءات التى كانت تحدث لهم من قبل البربر، قرَّروا أن يجتمعوا بقصد الاحتماء من هذه الاعتداءات، ويعيشون فى حياة الشركة فى أديرة تحميهم من تلك الاعتداءات.

العطاء والمحبة والتضحية
وقالت "أماني"- ربة منزل: إنها تذهب كثيرًا إلى زيارة أديرة وادى النطرون، وخاصة دير الأنبا "بيشوي" حيث أنه شفيعها، وابنها يحمل اسمه. مشيرةً إلى انها تستمتع كثيرًا هى وأولادها بمشاهدة هذه الأماكن الأثرية مثل المائدة الأثرية التى كان الرهبان قديمًا يجتمعون حولها، وكان أحدهم يقرأ فى الإنجيل لحين انتهاء إخوته الرهبان من الأكل، مما يوضِّح مقدار العطاء والمحبة والتضحية بين الرهبان في الأديرة.

ابن الطاعة تحل عليه البركة
أما "سيمون"- مهندس صوت- فيحب كثيرًا الذهاب إلى دير العذراء "السريان"، وخاصة شجرة مار أفرام السرياني. موضحًا أنه عندما يرى نضارتها وخضرتها الممتدة خلال تلك السنوات الطويلة، يتذكر قصة الطاعة التى جعلت من عكاز جاف شجرة مثمرة ونضرة حتى الآن. كما أنه يحب كثيرًا مشاهدة الجداريات الأثرية التى تذكِّره بالفنون القبطية القديمة، ومنها جدرية للقديس "يعقوب الرسول" موجودة بدير السريان.

التبرُّك من رفات البطاركة

وروى "كيرلس"- طالب جامعي- أنه منذ عدة سنوات كان يتمنى زيارة دير "أبو مقار" الذى يُنسب إلي الأنبا مقاريوس الكبير، ولكن كان ذلك ممنوعًا. ولكن بعد السماح بدخول الزوَّار للدير، زاره عدة مرات وتبارك من رفات العديد من البطاركة الموجودين بالدير. مضيفًا أنه يستمتع بجمال هذا الدير وخاصة كنيسة الشيوخ المدفون بها أجساد التسعة والأربعين شيخًا الذين قتلهم البربر.

أغنى أديرة الوادي
ووافقه الرأي "جورج"- محاسب- والذي كان يتمنَّى أن يزور دير أبو مقار إلى أن شاءت الظروف وتحقَّق له هذا. مؤكدًا محبته لأخذ بركة القديسة "إيلاريا" ابنة الملك "زينون" التى تنكَّرت فى زى الرجال وقامت بالحياة فى هذا الدير كأحد الرهبان، ودفنت فى تابوت رخامي. كما روى أن هذا الدير هو أغنى أديرة "وادى النطرون" لاحتوائه على العديد من الأراضى الزراعية التى تم استصلاحها بعد أن كانت صحراء جرداء، وأصبح بها العديد من المنتجات الزراعية التى تُباع، كما أنه يحتوى على مزرعة حيوانية ضخمة.

مئات الاديرة بالوادى

وأشار أحد رهبان أديرة "وادي النطرون" إلى أن "وادي النطرون" كان يزخر بأعداد كبيرة من الأديرة والقلالي التى بلغت نحو المائة، ولكن الغزوات المتلاحقة أبادت الكثير، ولم يبق منها غير أربعة أديرة هم:

- دير الأنبا "بيشوي" الذي يُنسب إلى القديس الأنبا "بيشوي" تلميذ القديس "مكاريوس" أحد أكبر النسَّاك فى الوادى، والذى تم انشاءه فى حوالي القرن الرابع الميلادي.

- والثانى هو دير العذراء "السريان" العامر، وقد اُطلق عليه اسم والدة الإله فى القرن الخامس الميلادي، ولكن اشتهر بالسريان بسبب سكنى بعض الرهبان القادمين من "سوريا". وهذا الدير لم يتعرَّض للخراب أو لأي اعتداء فى أى عصر من العصور.

رسامة البطريرك
وأضاف راهب آخر باديرة- رفض ذكر اسمه:
أما ثالث أديرة "وادي النطرون" فهو دير البراموس، الذى يعود تأسيسه إلى القرن الرابع الميلادي، وترجع شهرته إلى وجود رفات القديسن "مكسيموس ودوماديوس" به، ورفات الأنبا "موسى الأسود".

أما الدير الرابع، فهو دير "أبو مقار" الذى له مكانة مرموقة خلال العصور المختلفة، إلى الدرجة التى جعلت البطريرك الذى يتم انتخابه للكرسي البابوي، يذهب إلى دير أبو مقار لإتمام عملية الرسامة والتقديس بالدير، على حد قوله.

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٤ صوت عدد التعليقات: ٣ تعليق