CET 00:00:00 - 07/05/2009

مساحة رأي

بقلم: نشأت المصري
عندما يصاب الجسم بإحدى الأمراض يظل يقاوم حتى يعلن انتصاره على هذا المرض أو أن المرض يعلن انتصاره على الجسم فحينئذ لا مقاومة ويترك الجسم حيث مصيره المحتوم.
هكذا المجتمعات عندما تصاب بظاهرة مجتمعية خطيرة تظل تقاوم حتى تصل إلى اللا مقاومة فينهار المجتمع وتظهر أعراض العدوى المجتمعية على النظام, فإما أن يخضع الأخير لهذه الظاهرة المجتمعية أو ينهار وتخرج القيادة من كنف متبني هذه الظاهرة.
فمنذ زمن ليس ببعيد أعلنت الدولة المصرية الإسلامية من خلال إعلان الدستور أن الدين الرسمي للدولة هو الإسلام, فأخذ المثقفون وأصحاب الرؤى والمصلحين يقاومون هذا التيار وطالبوا بعزل الدين عن السياسة وعزل السياسة عن الدين بأن تصبح الدولة ليبرالية تقدس العمل والإنتاج وتنمي الاقتصاد من خلال قانون له سيادة فحدث رد فعل ناتج عن توغل الإسلام السياسي والوهابية في مصر, مما نتج عنه أنه كلما تقدمت الدولة خطوة في طريق المواطنة والإصلاح الفكري لتأثير الوهابية تراجعت خطوات, وبالتالي أصبحت الدولة في تقهقر واضح في الاتجاه المعاكس للتحضر الفكري لتنحدر إلى التخلف الوهابي.
وهذا بالطبع ليس تأليف أو تجني ولكنه واقع معاش من خلال أحداث متكررة في مواقف متعددة وأنا لا أحتاج لأدلة لهذا فالمواقع الحقوقية والقبطية والليبرالية ممتلئة بأحداث يعف عن ذكرها اللسان وأيضاً هناك ظواهر مجتمعية خطيرة تنمو في تزايد مضطرد تجاه الوهابية ولإسلام البوادي في مصر وبالرغم عن تورط الحكومة والحزب الحاكم في تنمية هذه الظواهر لكني سأكتفي بذكر الظواهر المجتمعية الخطيرة والتي تتزايد يوماً بعد يوم حتى تصل في نهاية المطاف إلى إعلان دولة مصر المتأسلمة الوهابية والتي هي معلنة فعلاً في وسط كثير من سكان المحروسة في كافة الأوساط الشعبية والحكومية:
*ظاهرة المظاهر الدينية الإسلامية الوهابية:
حتى أصبح المجتمع من حولك له طابع يختلف تماماً عن ما قبل سبعينيات القرن الماضي -وهو تاريخ تفشي الإسلام السياسي في مصر- وهذه المظاهر هي إطالة اللحية عند الرجال والحجاب والخمار للنساء حتى أن هذه المظاهر من شدة التعلق بها في جميع الأوساط الإسلامية أصبحت حق من حقوق شريحة عريضة من المجتمع المصري.
والغريب أنها ظاهرة تمييز عنصري بين فئات الشعب ولكن تجد مَن يدافع عنها كأنها حق رسمي للمسلمين مع العلم أن هذه المظاهر هي في حقيقتها أقوى إعلان لسيطرة الوهابية والإرهاب بالعقيدة والدين, كأن الذي لم يستعمل هذه المظاهر الدينية غير مسلم أو مخالف للعقيدة الإسلامية.
ضيف على هذا المظاهر اللغوية في استعمال اللغة العربية الفصحى في التحاور والتخاطب, واستعمال الشعارات الإسلامية في بداية كل حديث في الاجتماعات والندوات العلمية والأدبية كأن لابد أن يقال "بسم الله الرحمن الرحيم" مثلاً أو تكتب كرؤوس لجميع الطلبات والمخاطبات الإدارية حتى أن المسيحي الذي يقود اجتماع وجب عليه التكلم بنفس المنظومة وإلا.....؟؟
حتى طريقة السلام والتحية تم غزوها بالوهابية المتطرفة, فبدلاً من الرد في التليفون بكلمة ألو الدارجة الاستعمال بقولون الآن "سلاموا عليكم " أو "السلام عليكم" وعند نهاية الحديث يقال "السلام عليكم ورحمة الله وبركاته"، وعند المقبلات اليومية يقال الآن "سلاموا عليكم" أو "السلام عليكم" بدلاً من صباح الخير أو مساء الخير أو "صباحنا أبيض" وخلافه من المقولات السلامية التي كانت تميز الشارع المصري بأكمله عن جميع بلاد العالم, ولكننا الآن وكأننا نعيش في السعودية! ليختار كل فرد طريقة التحدث.
ولكن الطامة الكبرى تتمثل في فرز مجتمعي يبين من ينهج هذا الطريق والمختلف معه, فتقام الحدود الوهابية الإرهابية على المختلفين والمخالفين, وغير هذا من استعمال الأعلام الوهابية العدوانية لكل مخالف للدين الإسلامي، والشعارات والملصقات وغيرها من المظاهر الإسلامية.
*ظاهرة هدم أماكن الصلاة لغير المسلمين:
كانت ومنذ زمن ليس ببعيد متقوقعة في تراخيص البناء والتجديد وتراخيص الصيانة لأماكن العبادة الغير إسلامية والتي هي الكنائس، ولكن في الآونة الأخيرة تطور هذا الأمر في مقاومة وهدم بيوت الخدمات وأماكن الصلاة لغير المسلمين, فيمكن أن تخرج قوات أمن تكفي للحرب مع الأعداء لهدم بيت من بيوت الخدمات أو منزل تم فيه صلاة طقسية للمسيحيين -أي مطاردة الغير مسلم في كل مكان يمكن أن يصلي فيه- أو يحدث تقدماً كما حدث في هدم المشروعات الزراعية للأديرة أو هدم المشروعات الخيرية لبيوت الخدمات, كما أن هناك ظاهرة ربما تكون أخطر وهي مطاردة المتنصرين ومطاردة البهائيين فهذا يعتبر اتجاه من اتجاهات الإسلام الوهابي في مصر وإعلان عن تغلغله في المجتمع المصري.
*زيادة سطوة الإخوان المسلمين في مصر:
هذه الجماعة مازالت في وجهة نظر الحكومة الجماعة المحظورة فكيف هي محظورة؟؟ وكيف لها هذه السطوة العجيبة على الحكومة المصرية بل على الحزب الوطني؟؟ وربما لا أكون متجني لو قلت أن الحزب الوطني الآن مأوىَ لهذه الجماعة المحظورة.
*التحرش الجنسي في مصر:
الإسلام والمسلمين هم السبب الرئيسي في هذه الظاهرة الغير أخلاقية وكأن الغاية تبرر الوسيلة، فقد بدأت هذه الظاهرة مع ظاهرة لبس الحجاب والنقاب والخمار كعلامة للوهابيات وتطور الأمر حتى أصبحت علامة للمتدينات وتطور الأمر أيضاً حتى أصبحت علامة تمييز للمتمسكات بالدين وتطور الأمر حتى أنها أصبحت لبس رسمي لكثير من المسلمات.
ومن هنا انطلقت الشرارة الأولى للتحرش الجنسي على الغير محجبات أو الغير منقبات, وعندما تناقش هذه المشكلة يخرج الدعاة والمفكرين المسلمين بإصدار المبررات لهؤلاء الشباب المنحل خلقياً بإلقاء اللوم على ملابس الفتيات وعدم لبس الملابس اللائقة وترك شعورهن مكشوفة، وهذه المقولة هي تصريح ضمني لمطاردة غير المحجبات وغير المنقبات.
ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، فتحدث ظواهر مجتمعية مريضة أخرى تأثر على هذه الظاهرة كالبطالة والجهل الثقافي والفراغ لدى الشباب وتفشي المخدرات وطرق الإدمان فتتفشى ظاهرة التحرش الجنسي لتطول الكل المنقبات والمحجبات والغير محجبات والفتيات والمتزوجات (حتى العجائز من النساء لم ينجون من التحرش الجنسي)!! لدرجة أن ظاهرة التحرش الجنسي أصبحت مظهر من مظاهر الاحتفال بالأعياد الدينية الإسلامية في مصر وأصبحت مصر وكأنها قطعة من السعودية لا تنجو راجلة من النساء من التحرش الجنسي العلني في الشوارع.
*كيفية تعامل الحكومة المصرية مع الأزمات المرضية التي تواجه مصر والعالم كله؟
مصر وكافة الدول في العالم تواجه الآن خطر أنواع الأنفلونزا المختلفة, لكن العجيب والمختلف هو طريقة تعامل مصر مع أنفلونزا (H1N1A ) والتي تنتقل من إنسان لإنسان وليس للخنازير علاقة بها.. والتي أطلق عليها خطأ أنفلونزا الخنازير.
وفي سابقة عجيبة مختلطة بجهل من مجلس الشعب بكافة أعضائه المسلمين والإخوان وغيرهم وكأن جميعهم قد حصلوا على دكتوراه متخصصة في مواجهة هذا النوع من الأنفلونزا والذي بات مجهولاً وجديداً لدى كافة العلماء على الكرة الأرضية فبدلاً من تحويل الأمر للمتخصصين في البحث العلمي على مستوى العالم أقاموا حربهم على الخنازير والتي هي حرب مستترة ضد المسيحيين.
يا إخوة الوطن!!!! الخنزير ليس بالحيوان المقدس لدى المسيحيين لأننا لا نقدس شيء من المخلوقات الفانية حيث أن منبع القداسة والطاهرة هو الله الذي نقيم له وباسمه عبادتنا المسيحية, كما أن لحم الخنزير ليس هو المفضل لكثير من المسيحيين ولكن المسيحية لا تحرم أي أكل مهما كان نوعه أو مصدره.
لكن صناعة تربية الخنازير واستغلال القمامة في تغذيتها هي صناعة قائمة يقتات منها الكثيرين من المصريين, الأكثرية منهم مسيحيين ومنهم أيضاً المسلمين ونحن نحترم طريقة أكل عيشهم لأنهم بعملهم وكفاحهم يأكلون من عرق كدهم, فلا يجب أن يحرمهم المجتمع من صنعتهم التي احترفوا العمل فيها ولا يعرفوا أي صناعة غيرها وهم ككثير من الشعب المصري المكافح الذين يعملون في مجال المجاري وجمع القاذورات وكنس الشوارع ولا يمكن لأي مجتمع أن يستغنى عنهم أو طردهم أو يحتقر نوعية عملهم مادامت شريفة.
كان يجب الاهتمام بهم كأفراد مجتمعية قائمة بتقديم التقنيات العلمية الحديثة لتطوير عملهم وإنشاء حظائر بتقنية علمية وجودة عالية حتى يمكن الاستفادة من هذا المجال كما يمكن أن تكون مصر إحدى الدول المصدرة لمنتجات تربية الخنازير لأن الخنزير ليس لحم فقط ولكن يستغل في صناعات متعددة وأقربها هو استخلاص الأنسولين منها والذي يستعمل في علاج مرضى السكري, أم أن هناك فتوى بتحريم الأنسولين على المرضى المسلمين لأنها من لحم خنزير!!!
كما أن شعر الخنزير البري وقبل التوسع في استعمال البلاستك كان يصنع منه أغلى أنواع فرش الشعر وفرش الأسنان وغيرها الكثير من المنتجات وعجبي!!!!
هذا الهجوم الحكومي والشعبي على الخنازير والقائمين على تربيتها هو اتجاه وهابي إرهابي بحت ولم تشهده مصر في أنفلونزا الطيور أو حتى وباء الطاعون أو الكوليرا أو البلهارسيا وكافة الطفيليات, القمل بأنواعه الآن هو وباء في الصعيد المصري وفي جميع الأرياف في مصر وفي جميع المدارس ولم يلقىَ مواجهة كالخنازير المظلومة في هذه الأنفلونزا أم أن القمل حشرة مقدسة؟!!
رسالة إلى كل مثقف في مصر وخارجها الاهتمام بهذا الموضوع حتى تتجمع قوانا المنهكة ونقضي على الوهابية والإرهاب السياسي المتأسلم قبل أن يتم الإعلان الرسمي (مصر وهابية).

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٢ صوت عدد التعليقات: ٥ تعليق