بقلم: مجدي جورج
عجبت كل العجب للاستجابة السريعة التي استجاب بها مجلس الشعب للنار التي أشعلتها الصحافة الُمغرضة والمتطرفة حول أنفلونزا الخنازير والاستجابة الأسرع للحكومة لقرار مجلس الشعب بالتخلص من الخنازير وإعدامها رغبة منهم كما يقولون فى حماية المصريين من الخطر الداهم الذي يعيش بينهم مع ان الأمر لا يمثل لي إلا وسيلة جديدة لإفقار المفقر وتهميش المهمش من الأقباط.
فمربي الخنازير هؤلاء الذين يعانون الأمرّين من أجل توفير لقمة عيش لأسرهم هم أولى وأحق باهتمام الحكومة من فئات أخرى كثيرة، ولكن حكومتنا تركتهم لأن هؤلاء أقباط والأقباط ليسوا على سلم أولويات هذه الحكومة الرشيدة، رغم أن بعض هؤلاء مهجرين ومهاجرين من أماكن أخرى كثيرة بالجمهورية شهدت صدامات طائفية لم يجدوا إلا هذه العشوائيات لتضمهم وتضمن لهم لقمة عيش، وبعضهم قدموا من أماكن ضيقت فيها مصادر الرزق لعدم الإهتمام بها اقتصادياً وتنموياً وأصبحت هناك انتقائية رهيبة وعدم عادلة تام فى توزيع الوظائف، فلم يجد هؤلاء مفر إلا الهجرة إلى هذه البيئات العشوائية والتكدس فيها من أجل لقمة العيش ولسان حالهم يقول :إيش رماك على المر قالوا اللي أمر منه.
وحتى لا يتهمني أحد بالطائفية بسبب كلامي هذا فإنني سأورد بعض الحقائق الهامة التي توضح أن هذه الهبّة الصحفية والإستجابة السريعة لها من المجلس والحكومة ليست بغرض حماية المصريين بل لأغراض أخرى في نفوس هؤلاء:
1- إن أنفلونزا الخنازير هي أنفلونزا بشرية تنتقل بين البشر ولا تنقل بسبب أكل الخنازير كما صرح بذلك جوزيف دومينيتش كبير الأطباء البيطريين في منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) وأن إعدام الخنازير قرار خاطئ على حد قول هذا المسئول.
2- إن القرار المصرى بإعدام الخنازير لم تصدر مثله أي دولة أخرى في العالم، خصوصاً في الدول المنتشر بها تربية الخنازير وعلى رأسها المكسيك التي بها أكبر عدد من الوفيات.
3- وتذكرت أيضاً أن حكومتنا الرشيدة التي أنشأت لجنة خاصة لمعالجة الأزمات والكوارث لم تستطع إلى الآن التخلص مثلاً من الطيور المسببة لأنفلونزا الطيور، رغم إصدارها قرار في بدايات أزمة انتشار فيروس أنفلونزا الطيور يحمل هذا المعنى، ورغم أن مصر أصبحت الدولة الأولى عالمياً في عدد الوفيات بسبب أنفلونزا الطيور، ورغم ذلك فشلت في التخلص من الطيور لأن هناك مافيا تجار الطيور تمنع ذلك ولأن هذه التجارة لا يمثل الأقباط إلا نسبة بسيطة فلا يمكن أن تنفذ مثل هذه القوانين.
بينما أنفلونزا الخنازير لم تتسبب في أي حالة وفاة في مصر إلى الآن إلا أن التربص والتعنت في سرعة إصدار مثل هذا القانون واضحاً وجلياً لأن المضارون منه هم فقراء الأقباط، فلا بد من زيادة إفقار الفقير القبطي وزيادة تهميش هذا المهمش حتى يتم القضاء عليه تماماً.
4- إنه في الأزمات المماثلة عالمياً مثلاً عندما اجتاح العالم حمى جنون البقر فلا بريطانيا التي كان منتشر بها هذا الوباء ولا أي دولة أخرى قررت إعدام كل الأبقار لديها بل أعدمت المصاب منها فقط وكذلك فعلت بقية دول العالم بينما مصر لم تحرك ساكناً قائلة أن الأزمة بعيدة عنها، فلماذا لم تخاف مصر من جنون البقر وخافت من أنفلونزا الخنازير؟
5- أخيراً فإنني أقول أما كان الأجدر بالحكومة ومجلس الشعب قبل إصدار وتنفيذ مثل هذا القانون أن تبحث عن الأمصال المناسبة لعلاج حالات أنفلونزا الخنازير هذا إن ظهرت حالات مصابة في مصر لا قدر الله!!؟؟
وأما كان منها لو كانت النيات سليمة أن توفر عمل مناسب للآلاف من هؤلاء مربي الخنازير بدل من القضاء على لقمة عيشهم؟!! وقد تعلمنا في دراستنا أن توفير فرصة عمل واحدة منتجة قد يتكلف عشرات الآلاف من الجنيهات فلماذا تقضي الحكومة على المتاح من الفرص وهى لم توفر البديل؟ أم أنها تكرر نفس خطأها السابق عندما خصصت المصانع وباعتها بأبخس الأثمان لمجموعة من رجال الأعمال وسرحت معظم العمال وعوضت كل عامل ببضعة آلاف من الجنيهات لم تنفعه بل أنفقها وبقى فريسة للبطالة.
وفي النهاية فإن سرعة إصدار القرار في أيام معدودة من مجلس شعب يحبس في أدراجه مجموعة من القرارات والتوصيات (توصيات لجنة العطيفى ومشروع القانون الموحد لبناء دور العبادة وغيرها) منذ سنوات طويلة يدل على الرغبة في إيذاء الأقباط وضرب مصادر الدخل الخاص بهم. |
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع |
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك
أنقر هنا
|
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر
أنقر هنا
|