CET 00:00:00 - 10/10/2010

الأقباط والإسلام السياسي

مع تناقص عدد المسيحيين في الشرق الأوسط مهد ديانتهم، دعا البابا بنديكت الأساقفة الكاثوليك في المنطقة إلى مؤتمر لمناقشة سبل إنقاذ أقلياتها المسيحية، والنهوض بالوئام بين المسيحيين وجيرانهم المسلمين.

وسيناقش الأساقفة على مدى أسبوعين، بدءًا من يوم الأحد، المشاكل التي يتعرض لها المسيحيون في الشرق الأوسط، مثل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، والعنف في العراق، والتشدد الإسلامي، والأزمة الاقتصادية، والانقسامات بين كنائس المنطقة الكثيرة.

وينتمي الأساقفة إلى الكنائس المرتبطة بالفاتيكان، لكن النزوح المتواصل لكل المسيحيين من كاثوليك وأرثوذكس وبروتستانت، دفعهم إلى الأخذ بنظرة واسعة تدرس التحديات التي يتعرض لها كل المسيحيين هناك.

وتتباين الظروف التي يعيش فيها المسيحيون من بلد إلى آخر، إلا أن الصورة العامة تنطوي على تغير مذهل، فقد كان المسيحيون يمثلون قرابة 20% من سكان المنطقة قبل قرن، ولا يمثلون الآن إلا زهاء 5% وما زالت النسبة تنخفض.

وقال الأب سمير خليل سمير، وهو قس يسوعي مصري مقيم في بيروت ساعد في وضع وثائق العمل التي ستعرض على مؤتمر الأساقفة: "إذا استمرت هذه الظاهرة فسيختفي المسيحيون في الشرق الأوسط". وأضاف للصحفيين في باريس: "هذا ليس افتراضا غير واقعي، فقد انخفضت نسبة المسيحيين في تركيا من 20% في أوائل القرن الـ20 إلى 0.2% الآن".

وتابع: إن نزوح المسيحيين من العراق منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003م قد يؤدي إلى اختفائهم من هناك.

وبدلاً من الاكتفاء بالدعوة إلى تقديم مزيد من المساعدة للكاثوليك في الشرق الأوسط، يدعو الخبراء الذين أعدوا للمؤتمر، إلى تغييرات اجتماعية شاملة للنهوض بإقامة دول ديمقراطية علمانية، والتعاون بين الديانات المختلفة، والحد من التشدد الإسلامي.

وقال سمير الذي شدد على أن معظم المسيحيين والمسلمين في المنطقة عرب، لا فرق بينهم في ذلك، "المعني هنا هو تجديد المجتمع العربي".

وأضاف أنه عندما واجهت المجتمعات في الشرق الأوسط تحدي الحداثة على النمط الغربي، لجأ أبناء كثير منها إلى الخلط بين هويتهم كعرب وهويتهم كمسلمين؛ الأمر الذي ضيق هامش الحرية الدينية للأقليات غير المسلمة.

وجاء في وثيقة العمل "ينبغي للكاثوليك وكذلك غيرهم من المواطنين المسيحيين والمفكرين والإصلاحيين المسلمين أن يكونوا قادرين على دعم المبادرات الرامية إلى البحث الدقيق في مفهوم العلمانية الإيجابية للدولة، فهذا يمكن أن يساعد في القضاء على الصبغة الدينية للحكم، ويسمح بمزيد من المساواة بين المواطنين من مختلف الديانات، ويعزز بذلك عملية النهوض بديمقراطية راسخة ذات طبيعة علمانية بشكل إيجابي".

وتنحي الوثيقة بأغلب اللوم في نزوح المسيحيين على التوتر السياسي في المنطقة، إذ تقول "الهجرة منتشرة على وجه الخصوص الآن، بسبب الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وما ينتج عنه من عدم استقرار في شتى أنحاء المنطقة".

وهي تشير إلى عوامل أخرى تساهم في نزوح المسيحيين من المنطقة، من بينها "الوضع الاجتماعي المنذر بالخطر في العراق"، حيث هاجر قرابة نصف المسيحيين الذين كان عددهم يقدر في عام 2003م بنحو 850 ألفًا؛ فرارًا من العنف والاضطهاد، ومن بينها كذلك "عدم الاستقرار السياسي في لبنان".

وهي تضيف أن صعود الإسلام السياسي منذ السبعينيات، ولاسيما أشكاله العنيفة، يهدد المنطقة كلها، وتقول: "هذه التيارات المتطرفة تمثل بوضوح خطرًا على الجميع مسيحيين ومسلمين على السواء، وتتطلب عملا مشتركا".

وقد أضعفت المسيحيين في المنطقة كذلك الانقسامات القديمة بينهم، فالكاثوليك منقسمون بين كنائس كاثوليكية غربية وقبطية ومارونية وكلدانية وأرمينية وسريانية وكاثوليكية رومية، وبرغم كل هذا التعدد فالعدد أكبر فيما يخص الكنائس الأرثوذكسية.

والبروتستانت حاضرون أيضًا في الطوائف الأقدم التي أسسها المبشرون في عصر الاستعمار أو في الجماعات الأنجليكانية الأحدث التي تنشط في التبشير بدعم، في كثير من الأحيان، من الكنائس الأمريكية المحافظة؛ الأمر الذي أدى إلى رد فعل معاكس من السلطات المسلمة.

وتحث وثيقة مجمع الأساقفة الكنائس الكاثوليكية التي تتنافس فيما بينها في بعض الأحيان على أن تعمل معا، ومع المسيحيين الآخرين على أن يكون صوتهم مسموعًا في مجتمعات الشرق الأوسط.

وهي تنصح الكنائس الكاثوليكية كذلك بالانفتاح على الكنائس والديانات الأخرى وتبسيط طقوسها القديمة، والتوسع في استعمال اللغة العربية في شعائرها، وتماثل هذه النصائح الإصلاحات التي بدأتها الكنيسة الكاثوليكية العالمية في المجلس الثاني للفاتيكان في الستينيات.

وفي خطوة تبرز هذا الانفتاح، دعا مجمع الأساقفة رجل دين إيرانيًّا كبيرًا ممن يحملون لقب آية الله، ومسلمًا لبنانيًّا، وحاخامًا من القدس؛ لحضور الاجتماعات والتحدث أمام المشاركين الذين يبلغ عددهم 250.

وقال الأب ديفيد جيجر، وهو قس فرانسيسكاني ومن كبار الخبراء الكاثوليك في شؤون الشرق الأوسط: "لا أعتقد أن الناس في الغرب يقدرون مدى الجدية التامة لموضوعات اجتماع مجمع الأساقفة بالنسبة إلى جانب كبير من الكنيسة في الشرق الأوسط".

وأضاف- متحدثًا لتلفزيون "رويترز" في روما-: "المناقشة الخاصة بالواجب المدني للمسيحي هي برمتها جديدة تمامًا بالنسبة إلى المنطقة ككل، فعلى مدى 13 قرنا جُعل المسيحيون في الشرق الأوسط يعيشون في نوع من الجيتو الاقتصادي الاجتماعي".

وقد لخص سمير الأمر بقوله: "إن كان بوسعنا أن نقوم بشيء مع المسيحيين الآخرين فهذا أفضل من أن نقوم به وحدنا، وإن كان بوسعنا نحن المسيحيين أن نقوم بشيء مع المسلمين فهذا أفضل وأفضل".

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ١ صوت عدد التعليقات: ٨ تعليق

خيارات

فهرس القسم
اطبع الصفحة
ارسل لصديق
اضف للمفضلة

جديد الموقع