بقلم: أماني موسى
قرأت اليوم خبر بإحدى الجرائد الإلكترونية مفاده أن سكان برلين قد رفضوا في استفتاء الأحد إعادة إدراج دروس في الدين في مدارس العاصمة الألمانية، مفضلين الاستمرار في دروس "الأخلاق" الإلزامية حالياً لجميع التلامذة بعيداً عن أصولهم الدينية وانتماءاتهم، حيث رفض 51.3% من المشاركين في الاستفتاء تلقي التلاميذ لدروس الدين مفضلين تلقيهم لدروس الأخلاق.
وراودني تساؤل هام: هل هذا القرار صائب أم لا؟ وأيهما أهم لغرسه في نفوس تلك الأجيال الناشئة الدين أم الأخلاق؟؟ وماذا عن تلاميذنا بمصر ونظم التعليم المتبعة؟ وهل هي حقاً نظم علمية تعليمية ناجحة قادرة على تخريج أجيال على قدر من الوعي والفهم أم العكس صحيح؟؟
والواقع إن الإجابة على تلك التساؤلات كانت مؤسفة ولعل جميعنا يعرفها، فبنظرة سريعة لحال التعليم في مصرنا الحبيبة ستجد أنه تعليم فاسد من أخمص القدمين حتى قمة الرأس، فمعطياته ضعيفة ومحدودة وفاشلة ومن ثم كانت مخرجاته تتسم بنفس الصفات وأهمها وأوضحها الفشل لتجد خريجيه يتسمون بحالة متميزة وفريدة من الخواء العقلي والفكري.
فلطالما تلقن تلاميذنا الدروس التي تصيبهم بتحجر فكري وتوقف للنمو العقلي وتحصر كل قدراتهم ومهاراتهم في القدرة على الحفظ فقط، ولا تطوّر أو تنمي من قدرات الفرد ولا تتعامل مع كلاً حسب قدراته ومهاراته لاستثمارها وخلق جيل متكامل من الأفراد الذين يتمتعون بمهارات مختلفة تصنع منهم في النهاية منظومة متكاملة من العاملين والمنتجين كلاً منهم مبدع في مجاله!!
هذا عن طريقة التعليم ومنتوجها الطلابي الفاشل، فماذا عن دروس الدين وحصصه وماذا أخرجت لنا؟؟ هل حقاً جيل متدين حقاً يحمل قدراً من الأخلاق أم جيل منحط أخلاقياً وسلوكياً؟؟
فنحن شعوب لا تهتم فقط بالدين بل تدمنه وتستنشقه مع كل نسمة هواء، وما أكثر حصص الدين في مدارسنا وفي خلالها يتم ممارسة أكبر أنواع التمييز حيث يجلس الطلبة الذين يحملون صفة الأغلبية في فصلهم معززين مكرمين ليتلقون دروس الدين ويخرج باقي الطلبة ممن يحملون صفة الأقلية شبه مطرودين من فصلهم للبحث عن مكان لأخذ حصة الدين، وعليهم بالبحث جيداً عن فصل فاضي إذا كان حظهم حلو، ولكن في الغالب يكون (الحوش) هو مأواهم بغض النظر عن حرارة الجو والشمس أو برودته القارسة مع بعض قطرات المطر –وهذا طبعاً لإفاقة الطلبة وكنوع من تغيير الجو مش تمييز ولا حاجة لا سمح الله-!!
ألا ترون معي أنه من الأفضل إلغاء تدريس الدين بالمدارس ومن ثم إلغاء ممارسة التمييز ضد بعض الطلبة والاقتداء ببرلين وبلاد الفرنجة المنحلة والاكتفاء بتدريس مادة لغرس القيم والأخلاق في النشء الصغير بغض النظر عن الدين أو المعتقد، فكل دين له مفرداته وتعاليمه الخاصة به ولذا ليس من المجدي تعميمها ولكن الأخلاق مفاهيم وقيم إنسانية يمكن تعميمها على كل الأديان، ولنجعل لكل مقام مقال ولكل شيء مكانه المناسب، فللدين أماكنه الخاصة به لنتعرف عليه من خلال المؤسسات الدينية سواء جامع أو كنيسة أو حتى معبد يهودي، والعلم نأخذه ونستقيه من مكانه المخصص لذلك وكذا بقية أمور حياتنا لنكون شعوب قادرة على النجاح والإبداع وكفانا خلط الأوراق ببعضها. |