بقلم :محمود الزهيري
عن البطلان والفسخ والإنفساخ لعقد الزواج لم يرد في كتب الفقه , أو كتب التفسير أي دليل نقلي أو عقلي يحرٍم رؤية كلا الزوجين للآخر الرؤية الكاملة , حتي رؤية ماتم التعارف عليه فقهاً بالعورات سواء للرجال أو النساء , ومن ثم كان حديث الفقهاء أو العلماء في التحريم أو التحليل أو الإفتاء بالكراهية حديث هراء يري في الناس أنهم جهلاء أغبياء يتوجب علي كل رجل وامرأة أن يكون معهم ليلة الزواج الأولي فقيه وفقيهة ليعلما الزوجين المحرمات والمباحات في رؤية كل شخص للآخر ليلة الزواج الأولي وكأن الفقيه والفقيهة يمتلكان مقاييس لمعرفة حدود العورة لدي الرجل ولدي المرأة , وهذا من المستحيلات عقلاً وديناً !!
ولما كان الأمر كذلك فماهي الدواعي لإستجلاب هذه الفتاوي وطرحها وإذاعتها علي مسامع ومشاهد الناس وتعرض رجال الدين ونساء الدين إن كان للدين رجال أصلاً , وجب أن يكون له نساء حتي تكتمل الصورة المشوهة من الأساس بمصطلح رجال دين , ونساء دين , وكأن هناك رجال دنيا , ونساء دنيا !!
الأمر في غاية السفاهة والخجل والتخلف لأناس جهلوا أنفسهم وجهلوا الناس , وحركتهم خيالاتهم الجنسية المريضة والمشوهة, ولايروا في الناس إلا أنهم مجرد أعضاء جنسية تحركهم , وكأنهم حيوانات تحكمها الغريزة وفقط , من غير أن يكون هنك أي إعتبار للعقل والشرف العقلي علي الإطلاق , ولسان حالهم يكاد ينطق وكأنهم يعيشوا في مرحلة ماقبل الدولة حيث القبيلة والعشيرة , بل القبائل والعشائر قد تكون أرقي في تنظيمها وتناولها لهذه الأمور ممن أسميناهم رجال دين وأعطيناهم رواتب ومهايا وبدلات من جيوبنا وخالص أموال ضرائبنا وثرواتنا القومية , ولا دور لهم سوي التكريس للتخلف والرجعية والبحث في فتاوي فقه سد فتحات الجسد ومراقبة العورات .
وهؤلاء كأنهم تناسوا أن هناك قوانين للأحوال الشخصية للمسلمين ولغير المسلمين تنظم حالات الزواج والطلاق وبطلان عقود الزواج وفسخها وانفساخها , ويكون هذا من شأن المحاكم الخاصة بالأسرة وشئون الأسرة , والتي يقضي فيها قضاة يصدروا أحكاماً قضائية واجبة النفاذ علي المتقاضين .
كان الأجدر والأولي بمن يتم سؤاله عن مسألة تخضع للقانون أن يحيل صاحب المسألة أو الفتوي لمحاكم الأحوال الشخصية أو محاكم الأسرة ليصدر بشأنها حكماً قضائياً واجب النفاذ حال كون الفتاوي غير ملزمة قانوناً لأياً من طالب الفتوي أو الذي صدرت الفتوي لغير صالحه , خاصة وأن الفتوي تصدر لطالبها في غيبة الطرف الآخر الشريك في الفتوي في غالب الأحوال , ولايتم سماعه أو مناقشته .
ومادامت هناك محاكم بكافة درجاتها وكافة أنواعها من محاكم الأسرة , والمحاكم المدنية والتجارية والجنائية والإدارية , بل والمحاكم الإقتصادية , فما هو دور الفقيه أو الفقيهة , أو المفتي أو المفتية في هذه الحالة ؟ لا أري أي دور سوي التزيد والتقعر والتفيهق في مجال خلص إليه القانون وفسره وأوله وصفه في نصوص قانونية محددة واجبة التطبيق والنفاذ في حق جميع أبناء المجتمع حال كون القاعدة القانونية قاعدة عامة مجردة تتصف بالجزاء حال مخالفتها .
ما أثارني لكتابة هذه السطور تلك الفتوي التي تناولها العديد من الفقهاء والتي ذهبت إلي تحريم التجرد كلياً من الملابس خلال المعاشرة الزوجية , وذهبت هذه الفتوي إلي أن التجرد من الملابس أثناء المعاشرة الجنسية يبطل عقد الزواج !!
وهذه الفتوي صدرت من عميد سابق لكلية الشريعة والقانون بمصر التي إختزلت مواهبها الترويج للجهل والجهالة , وعملت بكل طاقاتها من أجل الفاشيات الدينية والفاشيات السياسية الخادمة للطغيان السلطوي والفساد والإستبداد الذي تخرس ألسنة رجال الدين ونساء الدين عن الحديث فيه أو عنه , وكأن الحديث عن الطغيان والفساد والإستبداد كبيرة من الكبائر تدخل صاحبها أو صاحبتها النار !!
الغريب في الأمر أن هذه الفتوي تأتي في تاريخ متزامن مع حصول مصر علي ترتيب متخلف حسب تقرير التنافسية العالمي للعام 2010 ــــ 2011 حسبما أشار التقرير إلي أن استغلال مصر للمواهب يعد الأفقر وهى بذلك تحتل المركز 133 عالميا في قائمة استغلال المواهب التي تشمل 139 دولة.
أظن ان مصر السلطة والنظام إن ظل الوضع علي ماهو عليه ستحصل علي الرقم الأخير في تقرير التنافسية العالمي لتصير الدولة رقم 139 , ليظل المجتمع المصري أسير للفتاوي المجانية وأصحابها .
وأقول لأصحاب الفتاوي المجانية : إرحلوا لا أثابكم الله !! |