على مدار الساعة يتابع الرئيس المصري حسني مبارك بنفسه الجهود الرامية لمكافحة إنتشار وباء إنفلونزا الطيور الذي أصبح هاجساً يسيطر على مختلف الأوساط.
ومن جانبه يحرص رئيس الوزراء الدكتور أحمد نظيف على تقديم تقريرين يومياً لقصر الرئاسة بشأن تطورات القضية.
وقد ترددت أنباء حول ظهور عدد جديد من الإصابات في بعض المدن شمال القاهرة، غير أن الجهات الطبية لم تعلن حقيقة الأمر بعد.
وفي سياق متصل تتواصل في مختلف أنحاء المدن والقرى المصرية الجهود من أجل مقاومة وباء إنفلونزا الطيور. وفي خطوة تكشف عمق الأزمة والهلع المسيطر على الحكومة المصرية قررت السلطات للمرة الأولى الإستعانة بجنود الشرطة من أجل ضبط واعتقال الدجاج الذي يوجد فوق أسطح المنازل حيث صدرت الأوامر بمصادرة كافة أنواع الطيور الداجنة وعدم إعادتها للأهالي حتى لو إتضح خلوها تماماً من الفيروس المسبب للانفلونزا.
غير أن ملايين الأسر في الريف المصري والتي تنظر لتلك الطيور باعتبارها ثروتها الحقيقية خاصة تلك التي يعتمد عليها النساء أو الرجال الذين لايعملون في الحكومة وجدت نفسها في مواجهة مع الدولة المصرية بكل مؤسساتها مما سبب حالة من الهلع بين المواطنين.
وقد سقطت الدهشة فوق رؤوس القرويين الذين وجدوا أنفسهم على مدار اليومين الماضيين أمام جنود شرطة مدججين بالسلاح جاؤوا للسؤال عن الطيور والقبض عليها.
ولم يكن من السهل على قرى بأكملها تمثل لها تجارة الطيور العمود الفقري في مواجهة أعباء الحياة تسليم ثرواتهم التى أنفقوا عليها ما يملكون للحكومة التي لا يثقون فيها ويعتبرونها سبب كل بلوى تسقط فوق رؤوسهم.
وقد لجأت السلطات لتحطيم العديد من أبواب المنازل التي تمرس خلفها المواطنون لمنع الشرطة من القبض على الفراخ. وشهدت العديد من القرى والمدن مواجهات بين أهالي غاضبين وموظفين ودرك بسطاء صدرت لهم الأوامر بملاحفة كل ما يسير على الأرض من طيور وحمله الى داخل سيارات لإخضاعه للفحص.
وفي حالة ثبوت أن الدواجن حاملة للفيروس يتم إعدامها على الفور، أما في حالة خلوها فإن مالكها ليس أمامه من خيار إلا ذبح الطيور على الفور والإحتفاظ بها بعد تجميدها، وكلا الخيارين مر بالنسبة للفلاحين والفقراء الذين يمثل لهم الدجاج مصدر رزق من خلال بيع البيض الذي ينتجه.
وقد لجأت العديد من ربات البيوت لحيل غريبة من أجل إخفاء ما لديهن من طيور، فبينما لجأت نسوة لوضع الفراخ والبط داخل غرف النوم وتحت الأسرة قامت أخريات بتهريب الطيور للمزارع التي يمتلكنها حتى إنتهاء حملة المداهمات التي تقوم بها السلطات على مدار الساعة.
وقد قررت السلطات فرض عقوبات على تجار الدجاج المنتشرين وأجبرتهم على إغلاق محلاتهم في عموم المدن، واكتفت بالسماح فقط لباعة اللحوم المجمدة بممارسة نشاطهم.
غير أن النظام المصري الذي وجد نفسه أمام عدو غير مرئي متمثل في الفيروس الحامل للعدوى ليس أمامه من سبيل للنجاة من خطر فرض حظر صحى عليه من قبل منظمة الصحة العالمية سوى التعامل بنفس العقلية التي يتعامل بها حينما يبحث عن نشطاء المعارضة، وإن كان الهدف المطلوب إعتقاله الدجاج والبط والحمام.
أما وزير الصحة حاتم الجبلي الذي يعد أحد أشيك المسؤولين المصريين على الإطلاق، والذي يمتلك أحد أهم مستشفيات النخبة في الشرق الأوسط فقد وجد نفسه على مدار اليومين يقضي الكثير من وقته داخل عدد من مزارع الخنازير للإطلاع على الموقف عن كثب شديد، وقد إتخذ قراراً بنقل عدد من أصحاب تلك المزارع الموجودة في تجمعات سكنية الى خارج المدن للحيلولة دون إنتشار الفيروس الذي تحور من الدجاج للخنازير.
وتعيش محافظات الدقهلية والغربية والمنوفية والقليوبية والفيوم حالة من التوتر لكونها تأتي في مصاف المحافظات المنتجة للحوم البيضاء بكافة أنواعها، وقد شهدت العديد من المزارع قرارات مفاجئة بالإغلاق الفوري مما ساهم في إزدياد عدد العاطلين عن العمل.
وتقدر الإستثمارات في تلك الصناعة بما يزيد على خمسة مليارات جنيه.
وفي سياق متصل نفت الكنيسة المصرية أمس وجود حظائر لتربية الخنازير داخل الأديرة التابعة. لها وشدد الأنبا مرقص مدير الإعلام وأسقف شبرا بأن ما يتردد من معلومات تشير إلى وجود خنازير داخل الكنائس والأديرة لا أساس له من الحقيقة.
وأشار مرقص في تصريحات لـ"القدس العربي" الى ان الخنازير موجودة في أحياء بعيدة كل البعد عن الكنائس والأماكن الموجودة بها لايمارس فيها أي نوع من أنواع العبادة.
جدير بالذكر أنه بالرغم من التقارير التي تحذر من مزارع الخنازير وتطالب بإغلاقها على الفور باعتبارها مصدر خطر بالنسبة للمواطنين إلا أن الحكومة المصرية تبدو حتى تلك اللحظة مترددة في إتخاذ قرار في هذا الإتجاه خشية غضب الأقباط الذين سيترجمون القرار باعتباره إضطهاداً موجهاً لهم. |