بقلم: جرجس بشرى
في سلسلة جديدة من سلسلة الفبركة الصحفية التي تتبعها "صحيفة المصريون"، نشرت الصحيفة المذكورة خبرًا صحفيـًا مضللاً تحت عنوان: "في أحدث توابع إسلام "كاميليا".. قرار من "البابا شنودة" لجميع إبراشيات الجمهورية بإلزام زوجات الكهنة بتسوية أوضاعهن الوظيفية خلال عام، حتى لو اضطررن للاستقالة؛ مع وعدٍ بتعويض مالي مناسب من الكنيسة".
ولقد كان رد الكنيسة حاسمـًا وقاطعـًا وسريعـًا في كشف زيف وفبركة هذه الصحيفة، وذلك على لسان نيافة "الأنبا مرقس" أسقف شبرا الخيمة، ومسؤول لجنة الإعلام بالمجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، الذي أكد أن قداسة "البابا شنودة" لم ولن يصدر قرارًا بحظر عمل زوجات الكهنة.
ومَن يتأمل في الخبر الذي نشرته الصحيفة يجد أن صياغته تمت بطريقة خبيثة، تصور للقارئ -البسيط والمغيّب فكريـًا- أن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية ما هي إلا دولة داخل الدولة؛ فها هو "البابا شنودة" يصدر قرارًا بابويـًا بحظر عمل زوجات الكهنة، وأن الكنيسة ستقوم بتعويضهن ماليـًا مقابل أن يستقررن في بيوتهن!! وكأن "البابا شنودة" رئيس دولة، ووزارة مالية هذه الدولة ستعوض زوجات الكهنة عن ترك مناصبهن الوظيفية!!
والحق أقول أن الصحيفة المذكورة لم تكن هي صاحبة الرأي الأول في التعرض لمسألة ضرورة حظر عمل زوجات الكهنة، بل أن هناك أصواتـًا قبطية طالبت قداسة البابا بذلك بعد حادث اختفاء السيدة "كاميليا شحاته" -زوجة كاهن دير مواس- ومع احترامي الكامل للأقباط الذين طالبوا بحظر عمل زوجات الكهنة، وأنا لا أأأأستطيع أن أشكك في صدق نواياهم التي لا يعلمها إلا الله وحده؛ فاحص القلوب والكُلى، إلا أن مسألة حظر عمل زوجات الكهنة مسألة خطيرة للغاية -من وجهة نظري المتواضعة- وهي مسألة تقررها زوجة الكاهن نفسها بعد الاتفاق مع زوجها، الذي لا يجب أن يحجر على إرادتها وحرية الشخصية طالما أن هذه الحرية مبنية على المبادئ والتعاليم المسيحية.
كما أن مطلب حظر عمل زوجات الكهنة فيه تخوين شديد لزوجة الكاهن، بل وللمرأة المسيحية، ويهدف لعزل المرأة عن المشاركة بفاعلية في خدمة مجتمعها، ويعطي مبررًا قويـًا للمتطرفين والمتشددين الإسلاميين ليقنعوا أنفسهم بأنه لا حرية للمرأة في المسيحية، وأنها عورة لا يجب لأحد أن يراها حتى لا تدخل الإسلام بسبب مخالطتها للمسلمين.
فهؤلاء الذين يطالبون بحظر عمل زوجات الكهنة تحديدًا؛ يعطون مبررًا آخرًا لجميع المسيحيات بأن يلزمن بيوتهن ولا يبرحنها خوفـًا عليهن من الفتنة أو الأسلمة، وهؤلاء الذين يفترضون سوء النية في المرأة ينظرون إلى حوادث فردية تحدث لبعض السيدات والفتيات المسيحيات، ويتغاضون عن ذكر نماذج لسيدات مسيحيات وزوجات كهنة كثيرات خدموا أوطانهن وأزواجهن وأولادهن بإخلاص، وسعين كسفيرات للسيد "المسيح" له كل المجد، وهؤلاء منهن كثيرات جدًا.
إن الذين يطالبون بعزل زوجات الكهنة عن المجتمع، إنما يفتقرون للثقة في ذواتهم شبه المريضة بداء الوسوسة، ويقول عنهم الكتاب: "إذا كانت عينك طاهرة فجسدك كله يكون نيرًا"! ومَن يبررون عدم عمل زوجات الكهنة ليقتصر عملهن في الكنائس والخدمة، فهذا مطلب معقول وعادل، فهناك كثيرات بالفعل من زوجات الكهنة يعملن بالخدمة، وفي ذات الوقت يعملن في وظائف حكومية مرموقة، ويشغلن مناصبـًا هامة في شركات خاصة بسبب مهارتهن وكفاءتهن، ولكن لا يمكن إجبار زوجة كاهن على العمل في مستوصف أو حضانة أو مستشفى تابعة لكنيسة، قد لا تؤدي عملها فيه بكفاءة، فلكل إنسان أُعطيت موهبة حسب قياس هبة "المسيح".
وأود أن أقولها بكل وضوح، أن المرأة في المسيحية كائن حر ومُكرّم من الله، ولا تقل عن الرجل، وهناك نساء وصلن لدرجة عالية من القداسة والبر، وهناك منهن مَن تفوقن على الرجل في فن الإدارة ؛ فاتركوا المرأة المسيحية وشأنها. |
|
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك
أنقر هنا
|
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر
أنقر هنا
|