بقلم: مدحت قلادة
تجبت كثيراً بعد قرائتي لمقال كاتب أخواني كان بعنوان "ماذا لو غاب الإخوان" بالطبع استفاض الكاتب في الحديث عن الأخوان ودورهم الرائد في مصر والدفاع عن العقيدة ضد الكفرة والملحدين والاستعمار الإنجليزي.. وربما لولا انقطاع التيار الكهربائي عن كمبيوتر الكاتب لسرح بعقول القراء ووجدناه يقول ضمن اجابته على سؤاله "ماذا لو غاب الإخوان"!! إن الشمس لن تشرق.. والشعب سيموت.. ومياه النيل ستجف.. وتصبح مصر مرتعاً للرجاسة والنجاسة وأعمال الشيطان.. هذا سيحدث فقط بالطبع في حال غياب الأخوان عن الساحة السياسية بدليل أن مصر قبل عام 1928 كانت مقراً لإبليس وشياطين الإنس والجن..
المنطق يؤكد على السائل طرح السؤال فقط!! وعلى القارئ الإجابة.. ولكن الكاتب تفضل مشكوراً بالإجابة.. ففي عُرف الأخوان الشعب قاصر وغير محصن وعرضة للفتنة، وقد أجاب سيادته بدلاً من القارئ..
ولكني سأجيب بقدر دراستي لتاريخ الأخوان على هذا السؤال السهل جداً ماذا لوغاب الأخوان؟.. لو غاب الأخوان لمِا قُتِل الشيخ الذهبي، ولمِا اغتيل محمود النقراشي باشا رئيس الوزراء، ولمِا اغتيل المستشار أحمد بك الخازندار، ولمِا تمت محاولة اغتيال إبراهيم عبد الهادي باشا، ولمِا قُتِل أعضاء حزب مصر الفتاة "اعترافات محمد عسَّاف" الذي أسهب في الحديث عن علاقة الأخوان بالأمريكيين، ولمِا فُجِرت أقسام البوليس في الموسكي والأزبكية والجمالية ومصر القديمة والسلخانة بمدينة القاهرة عام 1962، ولمِا حرقت سيارات هيكل باشا رئيس حزب الأحرار والنقراشي باشا رئيس حزب السعديين في آن واحد، ولمِا فُجِرت محلات شيكوريل والشركة الشرقية للإعلانات... ، ولمِا حُرِقَ فندق الملك جورج، ولمِا تمَّت محاولة اغتيال النحاس باشا، لماِ سُرِقَ بنك مصر.. بمصر الجديدة، ولمِا تمَّت محاولة اغتيال جمال عبد الناصر في المنشية عام 1954 على يد محمود عبد اللطيف عضو التنظيم السري، لمِا حدثت تفجيرات العباسية، لمِا نُسِفَ قطار الإسماعيلية، لمِا رأينا إباحة القتل باسم الله، لمِا اغتيل حق الله على الأرض بقتل هذا وتكفير ذاك، لمِا رأينا وجود للأم الحاضنة لجميع المنظمات الإرهابية العالمية "الأخوان المسلمين"، ولمِا قيس الإيمان باللحية والجلباب ولا بمدى اتساع علامة الجبهة وقتامة لونها، ولمِا قُسِمَ الشعب إلى أخوان وأعداء..
فالأخوان المسلمين "أخوان" والباقي أعداء، ولما فسدت الحياة السياسية ممثلة في الأحزاب وتعاونت مع تيار ديني متطرف، ولمِا فسدت النقابات المصرية، ولمِا نُجِستْ القداسة بالسياسة كخلط الدين بالسياسة، لمِا دخل في قاموس السياسة "البرجماتية الدينية" فالأخوان تارة مع الملك ضد النحاس باشا رافعين شعار (إن الله مع الملك) ووثائق الخارجية البريطانية أثبتت تلقيهم أموال من السفارة البريطانية بمصر، لمِا استبيحت أموال الغير تحت مسمى غنيمة، لمِا تمزق الجسد المصري تحت بند مسلم وغير مسلم وأخواني وغير أخواني، لمِا تحول العالم إلى قسمين دار كفر ودار إيمان، وقيست الوطنية بالانتماء أولاً لمصر وشعبها الطيب... وليس لماليزي أو تركي، ولمِا صرح الأمير نايف بن عبد العزيز (اعتقدنا أنهم سبب عزاء ولكنهم كانوا سبب بلاء)، لمِا مُجِّدْ إرهابي بالشعر كمثل: (إن للإخوان صرح كل ما فيه حسن.. لا تسل من بناه إنه البنا حسن)، ولمِا سمعنا شعارات ظز في مصر وأبو مصر واللي في مصر.. وكنا رأينا الخطاب السياسي خطاب سياسي خالص لم تُستخدم فيه التقية للوصول للحكم، لمِا صدرت وثقية التمكين ووثيقة فتح مصر... ولمِا سمعنا عن منظمات إرهابية ترى النور على الأرض مثل الشوقيين والجماعة الإسلامية والتكفير والهجرة والقاعدة... ومن الأمور المثيرة للسخرية فقد ذيَّل الكاتب مقاله بهذه المقولة (من الذي يمثل رعباً دائماً للفاسدين والمستبدين والتغريبيين أكثر من الأخوان؟..) ونحن نؤكد على عدم صدق الكاتب في ما ادعاه بفم مرشدهم السابق في تصريح رسمي للمهدي عاكف بقوله (اتفقنا مع شخصية كبيرة بالحزب الوطني على ترشيح 150 عضو لمجلس الشعب عام 2005!!).
أخيراً أُسطر ما كتبه الأستاذ العقاد المعاصر لحركة الأخوان المسلمين مهاجماً هذه المجموعة الفاشية باسم الدين المتلونة في كل مكان وزمان مصرحاً بعمالة الأخوان للنظم الفاشية فيقول في كلمته بجريدة الدستور عام 1939: (مصر دعوة دكتاتورية ليس في ذلك جدال، والذين يقومون بهذه الدعوة ويقبضون المال من أصحابها هم الذين يشنون الغارة على الدول الديمقراطية ويثيرون الشعور باسم الدين دفاعاً عن سوريا وفلسطين، بينما يسكتون على غزو الألمان والطليان لألبانيا وبرقة وطرابلس والصومال، ويسير بعدما تقدم أن نعرف من أين تتلقى هذه الجماعات المتدينة أزوادها ونفقاتها)... ثم اختتم عباس محمود العقاد مقاله قائلاً: (إن سيادة الدكتاتورية لن تنتهي إلى سيادة الإسلام ولا إلى سيادة المسلمين وإنما تنتهي إلى ضياع المسلمين).
بالطبع الإجابة على سؤال الكاتب بعد كل المعطيات إن غياب الأخوان سيجعل مصر أفضل ويعيش شعبها الطيب متحابين ولن ينتشر فكر الولاء والبراء، ولن يُقَسَم العالم لدار حرب ودار كفر وستكون مصر أفضل سياسياً واقتصادياً وعلمياً وسلوكياً واجتماعياً ووطنياً.
السؤال الأهم تُرى متى تنتهي الحركات الفاشية الدينية من مصر والعالم؟؟.. |
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع |
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك
أنقر هنا
|
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر
أنقر هنا
|