CET 12:29:58 - 31/08/2010

مساحة رأي

بقلم: د. صبري فوزي جوهرة
يلتقى جمع من رؤساء الدول و الحكومات و كبار المسؤلين فى البيت الابيض, مقر رئيس الولايات المتحدة الامريكية يوم الخميس, الثانى من سبتمبر, لاعلان بدء المفاوضات المباشرة بين رئيس وزراء اسرائيل و الزعيم الفلسطينى محمود عباس بغرض التوصل الى حل للمسألة الفلسطينية.  دعى الرئيس المصرى حسنى مبارك للاشتراك فى هذه المناسبة الهامة. و من المعروف ان اللرئيس المصرى يبدى اهتماما كبيرا, لعله اهتمام سيادته الاوحد, بالشؤن الفلسطينية بقدر اهماله التام لمشاكل الاقباط التى تراكمت و تتضاعف بمعدلات هندسية تحت حكمه الميمون .
لذلك نظم اقباط المهجر وقفة احتجاج سلمية متحضرة امام البيت الابيض اثناء زيارة الرئيس مبارك لتذكير سيادته بالاوضاع المشينة المحزنة لاقباط مصر تحت رئاسته. و انه من باب اولى ان يعمل على تحسين هذه الاوضاع اولا قبل الاهتمام بقضايا الشعوب الاخرى. فمصر المنقسمة على ذاتها مهددة بالخراب. هذا ما حذر به السيد المسيح كل بيت ينقسم على ذاته. و مصر هى بيت الاقباط الوحيد.

وكالعادة تحرك نشطاء اقباط المهجر المعنيين باحوال ذويهم وقد رأوها تتدهورسريعا و بانفلات فوضوى اصبح واضحا للجميع داخل مصر و خارجها حتى اصبح يتمثل و يتكرر فى ممارسات السوقة و الغوغاء اليومية و تحديهم الوقح للقانون الغائب و لسلطة الدولة المتهاونه و المتهاوية و اهمالها المتعمد لمسؤليتها الملزمة فى حماية الاقباط. سارعت السفارة المصرية فى واشنطن بحجز اماكن التجمع امام البيت الابيض لجماعات وهمية عديدة لحرمان الاقباط الامريكيين من التجمع فيها و ابعادهم  عن انظار المجتمعين فى البيت الابيض و كافة الزوار و الماره  خارجه بالاضافة الى مختلف مصادر الاعلام العالمية المكلفة بتغطية الاحداث التاريخية الهامة الجارية داخل البيت. بذل نشطاءاقباط المهجر جهودا مضنية لدى السلطات الامريكية لحجز مكان يتظاهر فيه الاقباط امام البيت الابيض معبرين عن حزنهم و قلقهم لتردى اوضاع ذويهم فى مصريوما بعد يوم. و اكاد اقطع بان هذا الصراع المتكرر بين السفارة المصرية و اقباط المهجر على تلك البقع المحدودة امام البيت الابيض قد اصبح موضع تعجب و ربما تندر السلطات الامريكية المكلفة بتنظيم التجمعات خارج مقر رئيس الولايات المتحدة.

من الواضح ان الاقباط لا يتوانون عن الحديث عن مأساتهم فى بلادهم. و قد تعددت وسائلهم فى التعبير عن هذا الوضع الحزين بين مواقع الانترنت و ربما صحيفة ورقية ذات طابع قبطى و اخيرا عن طريق فضائيات تبث من خارج مصر ولكنها تخاطب الاقباط انفسهم و كأنهم على غير وعى بما يعانون من اضطهاد فى بلادهم!  بالطبع هذا امر عجيب و محبط. فهم عندما يتحدثون الى انفسهم  لا تصل شكواهم الى العالم الخارجى ليتعرف على مدى معاناتهم و ارتباط هذه المعاناة بالارهاب الذى يتبناه اعدائهم و يتهدد كل ركن من اركان هذا الكوكب . الاقباط فى ذلك يشبهون انسان متيم بمحبوبة ولكنه يقف امام مرآة محدثا ذاته عن حبه العميق و لا يجروء على ان يتوجه الى محبوبته بهذا الحديث معبرا عن شعوره نحوها.

يبذل اصحاب الاهداف الخاصة, ومنها الفاسد و الشرير, الكثير من الجهد و المال لاستمالة الرأى العام و خداعه. و لنا فى اعدائنا الامثلة العديدة فى هذا المجال. فكلنا نعلم كم من مليارات الدولارات تنفقها المملكة الوهابية على الدعوة الى الاسلام و تطبيق شريعته على كافة عباد الله.  كم من الضمائر تشترى فى المحافل الدولية و الجامعات  و وسائل الاعلام المختلفة  فى سبيل تجميل الشرور ونشرها. و ها نحنو اقباط مصر, قد جائتنا فرصة سانحة لايقاظ ضمير العالم و توعيته  بما يحيق بنا من خطر الافناء فى بلادنا و تعريفه بقضية عادلة تعضد قوى السلام  فى العالم بفضح الارهابو ممارساته ضد شعب اعزل دون انفاق ملايين الدولارات كما يفعل الاخرون: كل ما يتطلب الامر هو ان نقف وقفة متحضرة مسالمة معبرين عن الامنا امام كاميرات الاعلام و انظار المحققين و الصحفيين المجتمعين امام البيت الابيض و داخله فى اليوم الثانى من سبتمبر فينقلون الى العالم ما يرون و بذلك يتوجه الاقباط الى الضمير الانسانى بالحديث و الشكوى عوضا عن شكواهم بعضهم للبعض بكل ما فى هذا السلوك من مظاهر الضعف و الذل و المهانة.

  بالاضافة الى حتمية الفشل المؤكد فى دفع السلطة المصرية نحو الاستجابة لمطالبهم العادلة فى المساواة بغيرهم فى الوطن  تحت حكم مبارك. وحسنى مبارك, لمن نسى,  هو ذلك الرئيس المصرى الذى لم يتحرك قدر انملة لمقتل عشرات بل مئات الاقباط من بنى وطنه و تحت ناظريه و مسؤليته, هؤلاء الذين سيدينه التاريخ عن اهماله لامنهم و حقوقهم, بينما تلوع حزنا, او هكذا ادعى, على مقتل طفل فلسطينى استتر و وتستر ابوه خلفه ليدرأ عن نفسه الاصابة برصاص الاسرائيلين.
لنخرج اذن باعداد تتناسب مع عمق شعورنا بالمأساه معبرين بشجاعة عن الحزن النبيل الذى يمزق قلوبنا. واذا فشلنا فى اظهارهذا الحزن للعالم فلن يحق لنا ان نشكو قسوة الاضطهاد او شر الاعداء. اما شكوانا بعضنا للبعض عما نعاني فهى مدعاة للرثاء على استضعافنا و فشلنا فى الصمود بشرف امام  العدوان  وما هذا بسلوك الرجال  الشجعان العقلاء.

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٨ صوت عدد التعليقات: ١ تعليق