بقلم/سامى البحيري |
منذ نعومة أظفارى ونعومة آذناى وأنا أستمع إلى راديو صوت العرب فى الفترة الصباحية إلى برنامج "صوت فلسطين" وأتأثر بأغانى العودة وبأغانى من نوع حندمرهم ونخرب بيوتهم، أذهب إلى المسجد لصلاة الجمعة وقبل إقامة الصلاة يصرخ الخطيب على اليهود: اللهم شتت شملهم ويتم أطفالهم ورمل نساءهم ولا تبقى منهم أحدا اللهم إجعل نساءهم وأطفالهم وأموالهم غنيمة للمسلمين يارب العالمين، وكنت أصرخ بعلو صوتى بعد كل دعاء يودى فى ستين داهية قائلا: آمين. وغنينا مع عبد الناصر: "عبد الناصر ياحبيب بكرة حندخل تل أبيب"
ثم جاءت الهزيمة الكبرى فى 1967 وغنينا مع عبد الحليم حافظ (ولا يهمك ياريس من الأمريكان ياريس) وأطلقنا عليها إسم النكسة، وضاعت القدس وبكينا مع فيروز وغنينا معها عندما كانت تغنى (ياقدس يامدينة الصلاة أصلى.. عيوننا إليك ترحل كل يوم)، وقلت لنفسى خلاص القدس لا بد أن تعود بعد غناء فيروز الملائكى، وإلا فإن اليهود ليس فى قلوبهم رحمة إذا سمعوا فيروز تغنى بهذا الصوت المؤثر ولا يعيدوا لنا القدس، وتكونت منظمة التحرير الفلسطينية وبدأت نشاطها فى الأردن وكانت معركة الكرامة وقلنا خلاص هانت، إذا كانت قوة صغيرة من فتح هزمت إسرائيل شر هزيمة فى الكرامة فإن يوم العودة قريب، ثم كانت أحداث أيلول الأسود فى الأردن، وتم شحن منظمة التحرير إلى جنوب لبنان، وقلنا لا بأس و لامانع أن يتم تحرير القدس عن طريق بيروت، ومات عبد الناصر الذى علمنا "العزة والكرامة" وعلمنا أيضا أنه "لا صوت يعلو فوق صوت المعركة"، بلا تعليم وبلا تنمية وبلا قرف :هى المعركة وبس، ثم جاء السادات وتم كسر الحاجز النفسى أمام إسرائيل بعد عبور قناة السويس عام 1973، و لكن السادات "الخائن" لم يحقق حلم العودة بعد أن كان الطريق مفتوحا أمامه إلى تل أبيب، ولكنه إختار عوضا عن ذلك طريق السلام وإستعادة أرض مصر بدون حرب، تخيلوا الخيانة يفضل أن يصافح اليهود على أن يدعو عليهم بالفناء كما كنا نفعل ونحن صغارا، وقتل السادات جزاء لما فعل بالقضية الفلسطينية وقال ياسر عرفات عند سماع الخبر: "نشد على اليد التى ضغطت على الزناد" وطبعت إيران طابعا للبريد عليه صورة "البطل" الإسلامبولى قاتل السادات" الخائن"، وقلنا بعد مقتل السادات أن العرب سوف يهبون هبة رجل واحد ويخلصوا على إسرائيل بعد أن قتل "الخائن"، لكننا تساءلنا كيف سنحرر فلسطين بعد وفاة عبد الحليم وأم كلثوم وأحمد سعيد محرر فلسطين من إذاعة صوت العرب، وكانت مشكلة كبيرة وخاصة أن فيروز توقفت عن الغناء للقدس وأخذت تغنى (شايف البحر شو كبير) و (حبيتك بالصيف)، بالذمة ده كلام، سوف نترك القدس والقضية ونتفرغ للحب فى الصيف وفى البحر، لذلك إنطفأت جذوة النضال العروبى، ولكن حل محلها (الجهاد) الإسلامى وشاهدنا مولد حماس (التى ضربت فتح الإستسلامية على عينها) وشاهدنا مولد حزب الله و"سيد" المقاومة بعمامته السوداء، وشاهدنا مددا إيرانيا مباركا تمثل فى التصريحات النارية للرئيس نجاد والذى تنبأ بفناء دولة إسرائيل فاراح وإستراح، وحاول الإستعمار والصهيونية العالمية عبر مؤامراتهم الدنيئة علينا بأن يشغلوننا بأمور تافهة مثل غزو العراق للكويت وحرب الخليج الأولى والثانية، لكن لا شئ يمكن أن يشغلنا عن قضيتنا الأزلية وهى مشكلة فلسطين حتى لو كانت أمور مثل الحرب بين فتح وحماس ومحاولات المصالحة وبوس اللحى يوما والطعن فى الظهر يوما آخر، كل هذه وتلك وتلكمو أمور لا يمكن أن تشغلنا عن القضية الأزلية.
...
وحتى بعد ان تركت العالم العربى الجميل وهاجرت إلى بلاد الإمبريالية العالمية أمريكا إلا أن إنبهارى بالحياة الأمريكية "المزيفة" لم يستطع أن يحولنى عن مهمتى الأساسية فى الحياة ألا وهى مشكلة فلسطين، وحزنت كثيرا عندما رأيت بناتى لا تهمهن كثيرا مشكلة أبوهن الأساسية فلسطين، ووجدتهن مهتمات بأشياء أقل أهمية مثل الدراسة والعلم والإستمتاع بالحياة، وعندما أخبرهن عن مشكلة فلسطين وتاريخها الجميل يكون جوابهن :"الحياة قصيرة عيشها وإسمتع بها قبل فوات الأوان"، فأحزن وأقول :"آدى آخرة التعليم الأمريكانى".
والقضية الفلسطينية مرت بمفترقات عديدية للطرق والآن القضية الفلسطينية فى مفترق طرق جديد (والله مش عارفين حنجيب مفترقات طرق منين ولا منين، حتى خريطة الطريق الأمريكية ضاعت ومش عارفين راحت فين فهذا الأسبوع وافقت السلطة الفلسطينية على إستئناف المفاوضات المباشرة بعد توقف طويل وبعد ضياع 8 سنين من عمر الشعب الفلسطينى، غضبوا من شارون (ربنا يفك ضيقته) فعادوا للمفاوضات مع ليبرمان، وشارون بالنسبة لليبرمان يعتبر حمل وديع، وجاءوا إلى مائدة المفاوضات بدون أى وعد بإيقاف بناء المستوطنات ولكن مع إصرار إسرائيل على (يهودية الدولة) وهى عبارة لم أفهمها حتى الآن، هل سبق لنا أن ذكرنا أن إسرائيل دولة غير يهودية، يعنى بذمتكم كل الشتائم التى نكيلها لليهود صباح مساء ألا يثبت هذا يهودية الدولة، نحن العرب آمنا بيهودية الدولة أكثر من اليهود أنفسهم.
من قال :"إن فلسطين هى مشكلة الفرص الضائعة". ضيعنا فرصة قرار التقسيم 1948، ولم نستمع إلى بورقيبة عندما نصح عبد الناصر بالصلح مع اليهود، ولم ننضم إلى مسيرة السادات للحل السلمى، وها نحن نشحت السلام من إسرائيل بالمبادرة العربية ولكن إسرائيل تتمنع. فلا تضيعوا تلك الفرصة الأخيرة، ولكن أسحب كلامى (لا توجد فرصة أخيرة) سوف تبقى قضية فلسطين متقدة حتى لو لم يتبقى من فلسطين سوى شبر واحد ستقام عليه دولة فلسطينية وعاصمتها القدس!!
لقد تمسك اليهود بالتاريخ وعملوا وأجتهدوا بصمت فكسبوا الجغرافيا، وتمسكنا نحن أيضا بالتاريخ كما تمسكنا بالأغانى فضاعت منا الجغرافيا، فرجاء لا تضيعوا ما تبقى من فلسطين، وخلصونا بقى!! نقلاً عن إيلاف |
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع |
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا |
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا |
تقييم الموضوع: | الأصوات المشاركة فى التقييم: ٣ صوت | عدد التعليقات: ٠ تعليق |