بقلم: أرنست أرجانوس جبران
لو قُدّرَ لى إرجاع عقارب الساعة إلى الوراء..لفعلت.
لو قُدّرَ لى إرجاع السنين إلى عمر الشباب..لأرجعت.
وعند ذاك الوقت، ستُستبدل القرارات القديمة وتُصَحح.
ويومذاك أيضًا، سيُستبدل القلب القديم بقلب جديد..وهكذا ستتغير كل الموازين..وسأصبح إنسانًا جديدًا..إنسانًا مُعدَّلاً..ولكن ما باليد حيلة..فالذى كان، فقد كان..فالقرار القديم يصعب تجديده ..والقرار الخطأ يصعب تصحيحه..
فعندما يُولد الإنسان، يكون خاضعًا لقرارات والديه..وعندما يكبر، تكبر شخصيته معه..إلا أن قوة الشخصية وضعفها تتفاوت من إنسان لآخر.. فالشخصية القوية، هى التى تحتكم إلى حكمة العقل والقلب..وأيضًا قوة الشخصية، لا تعنى بأى حال من الأحوال..الإستبداد بالرأى، وإلا أصبحت شخصية دكتاتورية قاسية..والشخصية القوية لا تتنافى مع مبدأ المشورة وأخذ رأى الآخرين..والعكس صحيح..إن كان الإنسان يتبع قرارات الغير، دون تفكير أو اقتناع، سيصبح مثله كمثل الريشة فى مهب الريح..أو " كشُرّابة خُرج" .. ولا تسألونى عن التفاصيل؛ لأننى هكذا سمعتها..وهكذا فهمتها..وهكذا كتبتها..فحياتنا..كلها قرارات ..قرارات..منها ما يصيب ومنها ما يخيب..
وإتخاذ القرار..قد يكون عشوائيًا بغير تفكير..أو كيديًا بغير تدبير..فى ساعة غضب مثلاً، أو فى حالة شطط..وأبعد من ذلك، قد يكون قرارًا لإرتكاب معصية من المعاصى، والرب يغطى على عباده من أمثال هذه القرارات..
وقد يكون القرار، سهلاً متكررًا..أو صعبًا محيرًا..أو نادرًا قلما يُكرر..والتكرار يعلم الشطار..كما كان يقولها الأستاذ "عازر"- أستاذ الكيمياء الشاطر- أيام زمان..أيام توجيهى..أمد الله فى حياته، إن كان عائشًا، ويرحمه الله، إن كان مع الله..
فمشكلة القرارات هذه، هى التى دفعتنى للكتابة..والأمثلة كثيرة..قرار لشراء قميص، ثم قرار لإختيار نوع ولون رابطة العنق..قرار لإختيار كلية فى احدى الجامعات، قرار لدعوة على العشاء..قرار لشراء منزل..قرار لدخول قفص الزوجية، أو للهروب منه.. أو قرار لدخول قفص الإتهام، أو للهروب منه..أو قرار لدخول قِط، لقفص القطط كنوع لإشباع هواية ما..أو قرار لترك العالم لإنعدام فضيلة الرجاء..أو قرار لترك العالم وشهواته، كما فعل أبو الآباء، الأنبا "أنطونيوس"، وغيره من آبائنا القديسين..
وهكذا تلعب القرارات المختلفة، والتى تتفاعل من حيث النوع، والزمان، والمكان؛ لتبرهن؛ ولتمتحن نوعية الشخصية التى تتخذ القرار أو القرارات..
ففى أيام زمان..أيام كان ياما كان..وإرجاعًا للذاكرة، كانت تدور بمخيلتى أفكار كثيرة..أم أنها كانت قرارات تحت التمرين.قرارات لم تنضج بعد؟ من ضمنها قرار بتشكيل شكل شريكة حياة المستقبل، كنت أخالها..بشعر طويل..وبعينين زرقاوين..ثم بعد قليل من الأيام، أخالها بشعر قصير، وبعينين لمّاحتين تدلان على ذكاء فطرى..فيتغير إتجاه القلب المسكين بين ليلة وضحاها..وأتعب أنا من كثرة التلاعب بالعواطف والأعصاب ..فالبنات ما أحلاهن، وما أجملهن..تارة يميل القلب إلى هذه؛ لأنها جميلة..وتارة إلى تلك؛ لأنها رشقته بنظرة عابرة..أما الأخرى ذات الغمازتين اللتين تظهران بوضوح على جانبى خديها، تجعله يذوب هيامًا كلما ابتسمت..كانت لغة العيون، تلعب دورًا هامًا فى أيامنا؛ لأن الكلام مع فتاة، كان ضربًا من ضروب "قلة الأدب"..والذى يتجاسر ويقف مع فتاة فى ركن من الأركان الخالية النائية، كان يُوضع فى قائمة "من قطع السمكة وذيلها"..فهذه القائمة السوداء، كثيرًا ما كانت تقف عائقًا بالنسبة للشباب سواء من الإناث أو الذكور..ولكن على الرغم من كل التحفظات، خرجتُ من تلك الفترة، بحب فتاة تكبرنى بثلاث سنوات..لم أجرؤ بمصارحتها أيامها، كنتُ فى المرحلة الإعدادية، وكانت هى فى الثانوية العامة..هكذا كانت بعض القرارات الوقتية، والتى تُستبدل بأخرى عندما يأون لها الأوان..وسرعان ما تمر السنون..وسرعان ما ينضج القلب الصغير المسكين..ليصبح كبيرًا حصيفًا..ويبدأ فى عمليات المفاضلة، وكأنه يُعيد ما تعلمه فى مادة الرياضيات.. من تفاضل وتكامل..ومن تباديل وتوافيق..وهو لا يعلم أن التباديل والتوافيق، هى من عند الله..
كانت جدتى، رحمها الله، تقول لى: بنات العائلة كثيرات..وإياك والنظر إلى الخارج..إلا أننى نظرت إلى الخارج..واتخذت القرار..وخرجتُ عن الطوع..والحمد لله كانت نظرة موفقة..كرفقة واسحق– وكشن وطبقة- كما يقول المثل العربى- وألف حمد وألف شكر لله، الذى رزقنى بزوجة حكيمة، تحتكم إلىّ وأحتكم إليها..دون تحكم من الطرفين..أكمّلها وتكملنى..فالشكر منى واجب..مادمت فى الحياة. ولكن هذا أيضًا لا يمنع من وجود مشاكل، تنتج عند تضارب القرارات..
وتتوالى القرارات ..
والعجيب والغريب فى الموضوع ..هو إننى كمثل باقى الخلق..خلق بنى آدم، والذين يفكرون بطريقة تختلف تمامًا عن تفكير رجالات الله المحبين..فعندما أرى، أو أسمع، أو أقرأ، بأن شخصًا قد إتخذ قرارًا بأن يكون قسًا أو راهبًا، أشعر بفرحة عارمة، فرحة إجلال وإعزاز..كيف استطاع هذا الإنسان، الخروج من خطوط الجاذبية لمغناطيس هذا العالم بشهواته ومشتهياته؟! وكيف استطاع الفكاك من دوامة هذه الحياة ولجتها، ليصبح هذا الإنسان خادمًا أمينًا، يخدم مذبح الرب؟! فإننى أعتقد أن اتخاذ قرار الخدمة المقدسة، ليس بالسهولة بمكان..فنحن أهل العالم، عندما نريد اتخاذ قرار، لابد من اخضاعه للدراسة والتمحيص..فهناك فريق منا نحن بنو البشر، إن أراد إتخاذ قرار لوضع العطاء فى صندوق العطاء..يتساوى قراره مع قرار شراء منزل، أو حتى يتساوى مع أى نوع من أنواع الأثاث الذى بداخله، يضرب الأخماس فى الأسداس..وكأن أساس الأثاث، هو أساس الحياة..
فالذى يود الزواج، قد يستغرق قراره عدة سنوات..فكم بالحرى الكاهن الذى يود إتخاذ قرار لزواج كنيسة ما..أو لراهب وهب حياته كلها للتنسك والتعبد؟
إننى لواثق من أن الله يقوى رجالاته ويعطيهم القوة لخدمته ولخدمة شعبه..وعلى الرغم من كل هذا، فإننى أتجرأ وأسائل نفسى، لماذا منذ البداية، لم أفكر كما يفكر أناس الله المخلصين؟ كيف يكون إتخاذ قرار للتعامل مع الله؟!!.. كيف يرتبط الإنسان إرتباطًا روحيًا بعلاقة أبدية مع خالقه؟!!..
ولكن على الرغم من هذا وذاك، أجزم بأن الله يهب الوزنات حسب إستعداد الشخصية..ولابد أن يَجّدَ الشخصُ لإقتنائها..ولكن كما قلتُ، إننى أخال وأتخيل..فرحت فى خيال بعيد المدى..تخيلتُ فيه أننى إتخذتُ قرارًا بأن أصبح قسًا، وأول ما تبادر إلى ذهنى، هو المظهر الخارجى..كيف سيكون مظهرى..وأنا بسترة الكهنوت السوداء..والعمامة السوداء؟! كيف أكون، وأنا من اعتاد لباس زى "الخواجات" طوال عمرى؟ "القميص والبنطال".
فالعبد لله كان يحب الأناقة، والإختيار الدقيق للألوان وتناسقها..هل كل هذه "الأناقة" ستصبح فى عداد النسيان؟ هل سأحتمل هذه السترة السوداء طوال العمر، دون تغيير للّون أو للشكل؟ هل سأحتمل لبسها صيف شتاء..صباحًا ومساءً؟ ياله من عناء ..نعم..وقفت وقفة حساب طويلة..هل ستندثر كل هذه الملابس الجميلة، لتُستبدل "بجبة سوداء"..لا تتغير بتغيير المناسبات، أو فصول السنة..حتى فى فصل الصيف وحره القاتل؟!! يالها من تضحية..كان الله فى عونكم أيها الكهنة المباركين..
عندها سِرْتُ نحو المرآة، ورحت أخال نفسى بالحلة الجديدة..وباللحية الجديدة..ثم رسمتُ صورة لشكلى، بلحية وشارب طويلين..وقلت فى نفسى..نعم، سأطلق لهما العنان ليطولا ويطولا..إلا أننى أدركت نتيجة هذا القرار..ماذا لو تداخلت خصلات الشعر فى بعضهم البعض، وأسفرت عنها عقدًا يصعب حلها؟ إنها لمشكلة عويصة..وقد لا تُحَل إلا بالمقص..إلا أننى تعقدتُ من حلول المقصات..لسابق تجربتى مع "المقص الذى لا يقص"..يوم أن قرّر أبى الكاهن، وسيدى الأسقف أن أصبح شماسًا..
ونرجع إلى قرارات التخيلات..كيف يكون فك عقد اللحية؟!!..ولهذا فكرتُ وقدرتُ ثم قررتُ، وقلتُ فى نفسى: سأحتفظ بمشط صغير أدسه فى جيب سحرى..سأخيطه فى السترة الداخلية خصيصًا لهذا الغرض..ثم هززت رأسى وكأننى راض عن هذا الحل الذى لا أنزل الله له من سلطان..وبينما وأنا فى هذه الحال، قفزتْ إلى خيالى الخصب، مشكلة أخرى، ألا وهى: كيفية تعامل اللحية، مع ما لذ وطاب من المأكولات، التى يسيل لها اللعاب..
ودارت بمخيلتى بعض السيناريوهات..وعلى أية حال، هذه أولها:
* المشهد الأول- يغمس أبونا قطعة خبز فى طبق من عسل النحل الأصلى الذى يحبه..وأثناء الرحلة إلى الفم، تسافر نقطة عسل لا بأس بها، لتندس بين شعيرات اللحية الطويلة..وتستمر نقطة العسل التى "لا بأس بها" متخذة طريقها إلى أسفل- فى إتجاه يخالف إتجاه الجاذبية الشعرية- ولسوء الحظ..يرن جرس الباب، ويسرع أبونا على عجل إلى الخارج- دون أن يراجع مكونات لحيته- ليرافق شخصًا آخر فى سيارته لقضاء أمرًا هامًا؛ ليعود بعد منتصف الليل متعبًا مرهقًا من مشواره الذى استغرق اليوم بأكمله..ويغط فى نوم عميق، دون أن يقوم حتى بخلع جلبابه..
* المشهد الثانى- حدوث الكارثة..حضور واحدة من محبى العسل الصغار والنشطاء دومًا..قد اشتمت رائحة عسل النحل الزكية..نملة صغيرة ذكية، استغلت هذه الفرصة الثمينة..وقامت باستدعاء بقية الأصدقاء..جيش جرار من قرية نمل قريبة، قد لقى لقية فى لحية أبينا المسكين.
* الخاتمة- أتركها لخيال القارىء..
وبمناسبة " الجاذبية الشعرية" فالعبد لله، يحب الشعرية جدًا..
ومن جديد، عدتُ إلى خيالى الخصب..وأنا بلحيتى مع طبق الشعرية الرفيعة التيلة..والنفس أمّارة بالسوء..نعم، إننى أعز الشعرية، ولاسيما باللبن الساخن..وقد تشاء الأقدار بأن تقفز شعرة من شعيرات الشعرية، وتستقر بين شعيرات لحية المسكين العبد لله.."ووقف حمار الشيخ فى العقبة"..لا أدرى كيف تتم عملية انتشال شعرة الشعيرية من بين شعيرات اللحية؛ لأن أى تلاعب غير دقيق، سيترتب عليه عواقب وخيمة..ستهرس مكونات الشعيرية مع شعيرات اللحية..وتصبح الحالة "خلطبيطة"..والحل كما تعودنا دائمًا "الغاية تبرر الوسيلة"..إذن، لابد من وجود ملقط صغير..لا يضر.على الأقل سيتآنس مع المشط الصغير الموجود فى الجيب الصغير..فالعسل والشعيرية، ما هما إلا مثالين بسيطين..وهذا يجرنا إلى مسألة فنية، وهى كيفية الإعتناء باللحية ونظافتها؛ لأننى أعتقد أن عملية غسل اللحية، بالنسبة لى تمثل أحد المشاكل الرئيسية، فهى تتطلب تدريبًا و تكتيكًا خاصًا..نعم..كيف يتم غسلها دون أن تبتل الجبة السوداء..وإلا لزم تغيير الطاقم من أوله إلى آخره..فكلها مواضيع تستحق البحث والدراسة ثم التأمل قبل إتخاذ القرار..مرة أخرى، كان الله فى عونكم أيها الآباء الكهنة الأفاضل..
وهنا أفقت من شرود أفكارى التى راحت بعيدًا، والتى "لا أنزل الله لها من سلطان"..فهناك الكثير من المسائل، أهم من الملبس والمأكل..ألا وهى قرارات الخدمة وما بعد الخدمة..
كيف يكون التعامل مع قدسية القداس الإلهى؟ ثم كيف يكون التعامل مع الأسرار المقدسة، وخاصة سر الإعتراف؟ ثم هل سأكون كالتلميذ "تيموثاوس" الذى نصحه "بولس الرسول" فى (2تى4): "اكرز بالكلمة، اعكف على ذلك فى وقت مناسب وغير مناسب.وبخ انتهر، عظ بكل أناة وتعليم"؟ ثم كالخادم الأمين "أنيسيفورس"، الذى ترك بيته، وتكبد مشاق السفر؛ ليبحث عن "بولس" ويزوره فى سجنه، و لم يخجل، ولم يخف من زيارته التى كانت تعرِّض حياته إلى الخطر؟..أم إننى سأكون على النقيض، وأتخذ قرارًا مثلما فعل "هيمينايس" و"فيليتس" اللذان زاغا عن الحق، و"ديماس" الذى أحب العالم؟!! وهنا يكمن باب القصيد..ماذا وكيف تكون قراراتى؟ هل أقف مع الحق مهما كانت النتائج، أم أكون كالريشة فى مهب الريح؟!!! فهناك أمور لا يمكن السكوت عنها..علاقة الكاهن بالشعب..كل فرد من أفراد الشعب بمثابة وزنة من الوزنات..وأن مسئولية رعايتها وافتقادها، تقع على عاتقى..بل يجب توعيتها على الواقع المعاش، وتوعية الأجيال الجديدة، والتى لا تفقه شيئًا عما يجرى فى بلاد أجدادهم من إضطهادات وخلافه..كيف يكون التدريب على المحبة والعطاء؟ فلابد وأن أكون أنا القدوة التى يُحتذى بها..فى المحبة، ومساعدة المحتاج، والإفتقاد.. إلخ. وإلا فباطلة خدمتى..كيف تكون قرارات القيادة والرعاية ونخوة الايمان؟ فها هى تعاليم ومبادىء "يوحنا المعمدان"، وتلك مبادىء وتعاليم القمص "سرجيوس "..وكم..وكم من الآباء المباركين الذين وقفوا وقفة الأسود لإعلاء كلمة الحق والايمان، ولاسيما فى أيامنا هذه حيث كثرت الإضطهادات والإعتداءآت..مذبحة "الزاوية الحمراء" فى يونيو 1981، ومذبحتا "الكشح" فى عامى 1998 و2000، وفى يوم 7 يناير من هذا العام 2010، مازالت دماء شهداء مذبحة "نجع حمادى" تصرخ من الأرض..وغيرها.
فهذه المذابح تحكى نوعًا واحدًا من أنواع الإضطهاد..وكم وكم من حكايات لا تُحكى من خطف بنات الأقباط..ومن التهجم على مساكن الأقباط وحرقها..كلها تثبت تواطؤ السلطات ضد الأقباط.
ثم نأتى إلى خدمة هامة ألا وهى خدمة المتنصرين ..كيف يكون الوقوف معهم ومساعدتهم ومساندتهم إلى بر الأمان؟ فهم الذين يلاقون من العذاب ألوانًا!! .. كل هذه مسئولية كل راع..يا ترى أين يكون موقعى؟ وماذا يكون موقفى؟؟..يا إلهى..
إننى أؤمن بأن الحق لابد وأن يكون واضحًا وضوح الشمس فى منتصف النهار..ولا يمكن إخفاؤه..تمامًا، كما قال السيد المسيح، هل يمكن أن نضع السراج تحت السرير؟ فلا يمكن أن أرى أو أسمع أن قدسية الكنائس تُهدر، وأقف متفرجًا..أو أعراض بناتنا تُهتك، ولسان حالى لا ينطق..وقلمى لا يكتب ويتكلم..هنا يظهر قرار القيادة لإظهار الفروقات..وهكذا يظهر المعنى الكامل، عندما قال "بولس الرسول" فى (2تى2): "مفصلاً كلمة الحق بالإستقامة". تمامًا كالحائك الذى يفصل الملابس..فكلام الله لابد وأن يُفصَّل..ولا يمكن تفصيله إلا بعمل الروح القدس..للإرشاد متى تحوّل الخدود للطم، ومتى يكون الدفاع عن عقيدة تُهان أو كنيسة تهدم..أيضا هناك فاصل بين محبة الأعداء والخنوع – التغاضى أوعدم المطالبة بالحق والوقوف مع الحق والدفاع عنه- فعندما أرى كنيسة تُهدم..الأجدر بى أن أكون بين أحد أنقاضها أدهس تحت آليات هدمها، ولا أن أقف متفرجًا أبكى على أطلالها..أن أكتب ويعلو صوتى أينما كان ليُسمع فى الأروقة، أو فى الطرقات ضد الظلم والظالم..
وهنا أود أن أقف لأدلى برأى، والذى قد يعارضنى فيه مَن يعارض..
كيف تكون قرارات..توعية الشعب، وغرس مبادىء الغيرة على قبطيتنا والدفاع عن حقوقنا المسلوبة فنجاهر بالحقيقة؟..ثم قرارات التفاكر فى كيفية خلق طريقة للتعامل بين الطوائف المسيحية المختلفة، وإحترام الرأى الآخر..نعم هناك إختلافات فى العقيدة والطقوس، ولكن هذا لا يمنع من تبادل زيارات المحبة؛ لأن المحبة لا تقبح..
يا إلهى، اسمح لى بأن أدلى بقرارى الأخير. إننى أرى نفسى فى المرآة..ولكن هذه المرة أرى شكلى الداخلى..إننى أرى باطنى المليىء بالخطايا السوداء.. كلا..لن أكون رجلاً من رجالات الله المخلصين..فأين أنا من المسكنة بالروح؟..ومن الوداعة؟..من الجوع والعطش إلى البر؟..من الرحمة؟..من نقاء القلب؟..من صنع السلام؟..من الطرد من أجل البر؟..من التعيير؟؟؟ وأخيرًا، أين أنا من التهليل بالروح ؟!!
وطوبى لمن اختار النصيب الصالح..وطوبى للذى يضع يده على المحراث ولا يلتفت إلى الوراء..وطوبى لمن يكتب اسمه ضمن أسماء الفعلة القليلين؛ لأن الحصاد كثير والفعلة قليلون..والله وحده القادر على انتشال هؤلاء وهؤلاء..وهو القادر على وضع الرجاء فى أنفس عبيده الذين فقدوا كلمة تعزية..وأيضًا هو وحده القادر على جذب النفوس الضالة، وإذابة القلوب الحجرية، والتى لم تؤمن للآن بأن المسيح هو الله الكلمة المتجسد، ولا بالروح القدس، ولا بخلاص الفداء..وهكذا يرسل الله لهم عونًا عن طريق أمثال هؤلاء الخدام.
وهكذا قرّرت قرارى الأخير والوحيد..إننى سأكون كما أنا..أدافع عن المظلوم بطريقتى..أجول أبشر بطريقتى..وأؤمن بمسيحيتى فى حدود معتقداتى وامكاناتى..وأكون مستعدًا دائمًا لمقابلة ربى الديان العادل..آمين..آمين..ومن هنا أقول لكل شخص..
استعد أخى، وأنتِ يا أختى؛ لأن العمر مقصّر، ولا نعلم متى يكون اللقاء على السحاب..آمين. |
|
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك
أنقر هنا
|
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر
أنقر هنا
|