CET 00:00:00 - 20/08/2010

مساحة رأي

بقلم: جرجس بشرى
يوجد بـ"مصر" أقليات دينية متعددة، كالأقباط، والبهائيين، والمسلمين من أتباع المذهب الشيعي. وهذه الأقليات تعاني من الإضطهاد الحكومي؛ لأنها لا تنتمي لدين الأغلبية المسلمة ذات المذهب "السني". وتستند الحكومة المصرية في سياساتها التمييزية ضد هذه الأقليات إلى المادة الثانية من الدستور، وهي المادة الخاصة بالشريعة الإسلامية، والتى تنص على أن "الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها ومبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع".
 وهذه المادة تحديدًا تعتبر- وبلا أدنى مبالغة- حجر عثرة في طريق وصول الأقليات الدينية في "مصر" إلى حقوقها المشروعة والعادلة. ومن أهم هذه الحقوق على الإطلاق حق المواطنة، الذي يُفترض أنه يساوي بين جميع المواطنين المصريين في الحقوق والواجبات، بغض النظر عن اللون، أو الجنس، أو الدين، أو المعتقد.
 
 ومن المؤسف حقًا أن الحكومة المصرية ترفض الإعتراف بالدين أو المعتقد البهائي في "مصر" إستنادًا إلى نص المادة الثانية من الدستور، حيث يرى الإسلام أن البهائية ما هي إلا كفرًا، وتُعد خروجًا على الإسلام، كما أن الحكومة المصرية تستند في إضطهادها للأقباط على المادة الثانية أيضًا، حيث أنه لا يجوز للقبطي إستنادًا إلى المادة الثانية من الدستور، أن يتولى منصب رئاسة الجمهورية؛ إستنادًا إلى النص الإسلامي الذي يقول "لا ولاية لغير المسلم على المسلم"، و"لن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً". وحتى بناء الكنائس في "مصر" يتم تقييده بشدة استنادًا إلى المادة الثانية من الدستور، وإلى نصوص فقهية وفتاوى  إسلامية متشددة جدًا في هذا الأمر، بإعتبار أن الكنائس ديار للشرك والكفر.
 
 ولقد رأينا بأم أعيننا، الفتوى الإسلامية التي تنظر للكنائس على أنها دور للكفر، وأشبه بالمراقص، وبحظائر الكلاب والقطط والخنازير! كما أن هناك محاكم مصرية رفضت قبول شهادة مسيحيين أمامها مثل محكمة "شبرا الخيمة" إستنادًا إلى النص الشرعي الذي يقول: لا تجوز شهادة غير المسلم على المسلم!
والأخطر من ذلك كله، هو أن الحكومة المصرية نفسها تتدخل كخصم في المحاكم ضد المتحول من الإسلام إلى المسيحية! هذا بخلاف مطاردة المتحولين من الإسلام للمسيحية، وملاحقتهم وحصارهم!
 
وربما يسأل البعض: لماذا تتكلم عن اضطهاد الأقلية الشيعية في "مصر" مع إنها مسلمة، وهنا أقول أن الإضطهاد الواقع على الشيعة في "مصر" يرجع إلى أنهم لا يؤمنون بالمذهب السني، وهو مذهب الأغلبية المسلمة في "مصر"، فهناك من يتناولون الشيعة على أنهم كفار، وخونة.
 
المسألة الجوهرية والخطيرة التي لا يجب السكوت عنها، هي موقف الحكومة المصرية من حماية الأقليات الدينية بها. والحقيقة الجلية التي يجب أن نؤكد عليها في هذا الشأن، أن الأقليات الدينية في "مصر" لا تتمتع بغطاء قانوني يوفر لها الحماية والأمن، والدليل على ذلك هو تبرئة الجناة المعتدين على الأقباط في حوادث العنف الطائفي، وتضليل إجراءات سير العدالة بالطريقة التي تجعل الجناة المعتدين على الأقباط، يفلتون من العقاب والمساءلة. وفرض الحكومة- وخاصةً جهاز أمن الدولة المصري- جلسات صلح عرفية على المجني عليهم من الأقباط في حوادث العنف الطائفي التي تمارس ضدهم بشكل متكرر، وعلى نطاق واسع، والغرض من هذه الجلسات هو تغيبب القانون لإفلات الجناة من العقاب..
 
إن الحاجة أصبحت مُلحة الآن لتأسيس منظمة مصرية دولية يكون مقرها "مصر"، تكون لسان حال الأقليات الدينية في "مصر"، وترفع شكواهم ومعاناتهم أمام الحكومة المصرية والمجتمع الدولي. كما يجب أن يكون الهدف الرئيسي لهذه المنظمة هو مناشدة الحكومة المصرية للإضطلاع بدورها بتوفير الحماية للأقليات الدينية في "مصر"، ومحاسبة المعتدين عليهم، والدفع بقوة لإدراج قانون بالدستور ينص على إيجاد ضمانات حقيقة لتوفير الحماية للأفليات الدينية المصرية، ورفع كافة مظاهر التمييز الحكومي العنصري ضدها، قبل أن تتصاعد وتيرة الهجمات والعدوان الطائفي على الأقليات المصرية الدينية، ونعطي مبررًا كافيًا للتدخل الدولي في شئوننا الداخلية بنشر قوات دولية لحماية الأقليات في "مصر"، ليت الحكومة تستفيق من غيبوتها وغبائها السياسي المُفرط تجاه الأقليات قبل فوات الأوان.

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٤ صوت عدد التعليقات: ٨ تعليق