وضعته الهيئة الاتِّحادية الألمانية لحماية الدستور
وضعت الهيئة الاتحادية الألمانية لحماية الدستور برنامج "هاتف" لمساعدة الذين ينون ترك الأفكار المتطرفة والميل إلى التعايش, هذا المشروع يلقى ترحيبا عاما، وسط بعض الشكوك في الأوساط الألمانية بشأن فعاليته.
وقد تناولت وسائل الإعلام الألمانية قضية الشاب الألماني من أصل سوري، رامي ميم, المطلوب دوليًا منذ الثامن والعشرين من شهر نيسان (أبريل) 2010، بسبب الاشتباه في عضويته في بتنظيم الحركة الإسلامية في أوزبكستان IBU ، وعلى ما يبدو كان ميم يروم الذهاب في الحادي والعشرين من حزيران/يونيو إلى السفارة الألمانية في إسلام أباد من أجل الاتصال هناك بالسلطات الألمانية. ولكنه لم ينجح في الاجتماع مع الموظفين الألمان، إذ تم اعتقاله قبل ذلك ببضعة أيَّام من قبل الشرطة الباكستانية.
وتريد الصحافة الألمانية معرفة ما الذي كان يريده رامي ميم بالضبط؟ وهل كان يريد تسليم نفسه للسلطات والتخلي عن أفكاره التي وصفت بالمتطرفة أم كان يريد تفجير قنبلة في مبنى السفارة، مثلما اعتقدت وزارة الداخلية؟
لكن لو أنَّ رامي ميم كان ينوي حقًا نبذ الإرهاب، فسيكون بالتحديد من ضمن الأشخاص الذين أنشأت الهيئة الاتِّحادية الألمانية لحماية الدستور (BfV) في التاسع عشر من تمّوز/يوليو، من أجل مساعدتهم برنامجًا لمساعدة المسلمين في ألمانيا في الخروج من الأوساط المتطرِّفة عبر برنامج "هاتف".
وفي برنامج "هاتف" (HATIF)، الذي يشير في الوقت نفسه إلى جهاز الهاتف في اللغة العربية ويعتبر في اللغة الألمانية اختصارًا لعبارة "أخرج من الإرهاب والتطرّف الإسلامي".
اتجاهات وأراء
لكن الباحث الألماني في الشؤون الإسلامية في برلين غوتس نوردبروخ يشكك في ما إذا كان تعريف الإسلاميين الخاص بهيئة حماية الدستور ينطبق على أعضاء جماعة ملِّي غوروش. ويقوب "مع بدء هذا البرنامج أثيرت أيضًا بعض الأسئلة. وفي البداية وقبل كلِّ شيء إلى من يتوجَّه برنامج "هاتف"؟ وما المقصود بالضبط بكلمة "الإسلاميين"؟ ".
من جانبه اعتبر أيمن مزيك الأمين العام للمجلس الأعلى للمسلمين، في اتصال مع "العربية.نت"، أن برنامج "هاتف" يمثل خطوة أولى صحيحة على الرغم كلِّ العيوب، لكونه يحاول إيجاد أداة فعَّالة لمحاربة ما يعرف باسم "الإرهاب الداخلي" ومحاربة انتشار الإسلام السياسي المسلَّح في ألمانيا.
ويضيف قائلا إن "الإسلام السياسي يمثِّل أيديولوجيا سياسية متطرِّفة ولذلك لا بدّ من محاربته بطريقة شاملة. وفي ذلك يلعب التثقيف السياسي دورًا مهمًا". كما أنَّه يقترح في هذا الصدد إرسال "مبعوثين خاصين بالتطرّف"، من المفترض أن يكونوا مسلَّحين بسلاح التثقيف السياسي ليذهبوا مباشرة إلى المساجد.
لكن، على الرغم من ذلك، يعتبر مزيك برنامج مساعدة الخارجين من الأوساط الإسلامية بمثابة خطوة أولى صحيحة، وذلك لأنَّ هذا البرنامج "يهدف أكثر من البرامج القديمة، مثل حملة التحرِّيات التي تم منعها الآن دستوريًا، وكذلك حملات مراقبة المساجد التي تعتبر موضوع جدال ويتم إجراؤها بمعزل عن وجود شبهات أو مراقبة الأئمة بشكل تعسّفي". وهذه البرامج كانت تعمل على عدم "التمييز بين الإسلام والإسلام السياسي"، هذا التمييز الذي يطالب به مزيك.
البرلمان الألماني
ويرى النائب في البرلمان الاتِّحادي الألماني والناطق باسم حزب الخضر لشؤون الهجرة، ميميت كيليج، هذه المسألة بشكل مختلف، حيث يقول: "هذا البرنامج يوهمنا بشيء ما. ويفتقر إلى إستراتيجية مجرَّبة. وعلى الرغم من عدم وجود أي أسس لمواجهة ظاهرة الإسلام السياسي بشكل فعَّال، إلاَّ أنَّه تم البدء مباشرة بعملية مدهشة جدًا، تعتبر فرص نجاحها قليلة".
وعلاوة على ذلك يخشى ميميت كيليج أيضًا من احتمال إنفاق الموارد المالية على برنامج "هاتف"، على الرغم من ضرورة إنفاق هذه الموارد في مكان آخر؛ ففي آخر المطاف يتحتَّم في العادة الإنفاق على كلِّ البرامج من المصدر نفسه. ومن وجهة نظر أيمن مزيك يجب أن يكون لدى المجتمعات الإسلامية بالذات اهتمام في دحر الأفكار التي وصفها بالإرهابية وإبعادها عمن المجتمع.
الهيئة الاتحادية الألمانية
وحاليًا تعد الهيئة الاتحادية الألمانية لحماية الدستور جهاز المخابرات الوحيد في جميع أنحاء أوروبا، الذي يقدِّم للإسلاميين برنامجًا لمساعدتهم في الخروج من أوساط التطرّف. وفي ذلك تعتمد هيئة حماية الدستور على الخبرات التي اكتسبتها من خلال البرنامج ألتأهيلي الذي أطلقته في العام 2001 لمساعدة اليمينيين المتطرِّفين في الخروج من أوساط اليمين المتطرِّف.
يشار إلى أن الصحافة الألمانية قد تناولت موضع برنامج هاتف عندما ذكرت: حتى الآن ما يزال من غير الواضح إذا كان برنامج "هاتف" سوف يحقِّق نجاحًا في آخر المطاف، وكيف سوف يتم في هذا الصدد تعريف النجاح. ولن يستطيع المرء القيام بتقييم جاد لهذا البرنامج إلاَّ عندما يكون لديه الوقت الضروري لتطويره. وربَّما كان من الممكن لبرنامج "هاتف" أن يتيح للشاب رامي ميم فرصة الاتِّصال بالسلطات بصورة مباشرة وكذلك بقدر أقلّ من المخاطر، في حال أنَّه كان حقًا يريد ذلك. |