CET 00:00:00 - 06/08/2010

مساحة رأي

بقلم:سوسن إبراهيم عبد السيد
 في الوقت الذي تتسابق فيه المرأة لنيل المزيد من حقوقها على جميع الأصعدة العملية, نجد بعض الأصوات تتعالى بضرورة عودتها مرة أخرى إلى المنزل ورعايتها لأسرتها وابتعادها عن مجالات العمل, وحجتهم أن في ذلك درءًا لها من الوقوع في الرذيلة لاختلاطها بالجنس الآخر.

 ولا أقصد هنا عودة المرأة على كل المستويات، ولكن زوجة الكاهن تحديدًا، خاصة بعد الأزمة الأخيرة للسيدة "كاميليا"، ولم تكن هذه المرة الأولى التي أسمع فيها هذا المطلب، ولكنه نودى به من قبل أيضًا بعد حالة السيدة "وفاء قسطنطين" منذ عدة سنوات.

 وسأفترض جدلاً أنه تم تحقيق هذا، فبديهي وعند أول حادثة اختفاء لإبنة كاهن سيكون المطلب المنطقي هو ضرورة عدم تعليم بنات الكهنة حتى لا تختلط في الكلية بزملائها المسلمين، وتكون عرضة للخطر... ما هذا؟؟

 ألهذا الحد وصلت محدودية التفكير في ضرورة الإبقاء على شكل الكاهن وأسرته؟؟ في إطار جامد وجميل المظهر بغض النظر عما سيسببه ذلك من آثار نفسية واجتماعية عليهم؟ ألم يعدوا بشرًا عاديين لهم نفس المشاكل التي من الممكن أن تتواجد في أي منزل؟

 اقتصاديـًا.. وفي ظل الارتفاع الجنوني للأسعار وما تعانيه كل اللأسر المصرية على اختلاف مستوياتها, لم يعد عمل المرأة رفاهية, بل ضرورة قصوى لتحقيق مستوى مناسب للأسرة.

 لقد نسينا أو تناسينا في ظل تغليف المجتمع بأشكال التدين الظاهري, لأن لأسرة الكاهن -مثلها مثل جميع الأسر الأخرى- التي مهما بلغ دخل عائلها تحتاج لدعم مادي، ولو تكلمنا عن سلوك زوجات الكهنة في اشغالهن, فليس معنى وجود حالة أو حالتين شاذتين أنها قاعدة تُطبق على الجميع.

 الكثيرات من زوجات الكهنة تعملن، وكن خير قدوة و فخرًا للمرأة المسيحية بوجه خاص والمرأة المصرية بوجه عام، وعند التطرق لمثل هذا المطلب, أجد أننا تركنا الأصل وتشبثنا بالفرع؛ فلم يكن اختلاط المرأة بزملائها في العمل هو الحافز على اختفائها بقدر ما كانت الخلافات الزوجية هي السبب الأساسي.

 ولأن "كل الأشياء تعمل معـًا للخير للذين يحبون الله".. أجد أن هذا الحدث جاء في هذا الوقت بالذات ليعلن جليـًا للجميع أنه يوجد بند لاستحالة العشرة بين الزوجين، والذي من الممكن أن يتسبب في هجر أحدهما للآخر، وعلى عكس ما يُقال أنه من الممكن احتواء جميع المشاكل ونعتبرها صليبـًا على الطرفين تحمّله لاستمرار الحياة الزوجية.

 فلنفتش أولاً عن بيت الداء حتى نستطيع وصف الدواء.. هي سيدة عادية قبل كل  شيئ، لها متطلبات أي شابة في مثل  سنها، وتريد أن تحيا حياة كريمة مع زوجها، تريد معاملة طيبة من أهلها, يستمعوا لشكواها ويحاولون رأب الصدع الذي يهدد بيت ابنتهم وليس تعنيفها، وتحتاج لمرشد روحي يدربها على حمل صليبها بالمزيد من تدريبات الصلاة والصوم وقراءة الكتاب المقدس.

 إن استصدار مثل هذا القرار من الرئاسات الكنسية يمكن أن يسبب مشاكلاً لا حصر لها؛ فماذا لو رفضت زوجة الكاهن ترك عملها والانصياع لهذا التشدد غير المبرر؟؟ أو إذا حدث -لا قدر الله- وتم إيقاف زوجها الكاهن ولم يصبح له سوى مرتبه فقط للإنفاق على المنزل؟ والطامة الكبرى إذا تم شلح الكاهن وانقطعت عنه كل سبل الرزق!! هل ستُشرد الأسرة بكاملها؟

دعوني أقولها صراحة وبدون تجميل؛ يوجد فعلاً من الكهنة مَن هو منفصل عن زوجته بسبب عدم التوافق، وقد ترك أولاده لرعايتها، ولولا عملها لما استطاعت أن تجعل من أولادها الأول طبيبـًا والآخر مهندسـًا.

 المرأة الفاضلة لن يزحزح مبادئها شيئ أو إنسان، لأنها اختارت أن تكون حرة وسارت في طريق سليم، أما المرأة التي يكون لديها ميول للانحراف فلن يفلح معها غلق جميع الأبواب عليها وسجنها, لم أقابل حتى الآن زوجة تجد الراحة والتفاهم مع شريك حياتها, تنظر أو تنتظر إقامة علاقة مع شخص آخر؛ فالمرأة السوية تكتفي برجل واحد ولا تجد في كل رجال العالم نظيرًا له.

 الإنسان عامة هو مَن يؤثر فيمَن حوله ولا يتأثر بالسلوكيات السيئة، خاصة  إذا كان يعيش حياة القداسة و يمارسها فعليـًا.

 أرجو التروي قبل اتخاذ هذا القرار, وأحب أن أنوه أني أتحدث هنا عن الغالبية العظمى من أسر الكهنة الذين يعيشون في مستوى اجتماعي متوسط، وأعتقد أن اتخاذ مثل هذا القرار سوف يؤثر بالسلب على حياتهم.

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ١٤ صوت عدد التعليقات: ٣٥ تعليق