بقلم: مادونا شاكر
فوق تل القمامة وعلى أطلال منزل قديم كانت تجلس حينما أقبل نحوها خادم من خدام أخوة الرب من فريق خدمة الراعى وأم النور .. يقدم حلقة خاصة عن المحتاجين والفقراء الذين يعيشون تحت خط الفقر بمراحل .. أقترب منها مقبّلاً يدها بدت سيدة مسنة تخطت العقد التاسع من عمرها رثة الثياب .. يعف الذباب على وجهها وتنشه كما لو كانت معتادة على ذلك أو أنه أصبح جزء من معيشتها ... بجانبها جلس كلب أبيض لطيف كانت تربت عليه برفق يبدو أنه يرافقها منذ فترة طويلة وأصبح كل ما لديها فى الحياة .. سألها الخادم هل لديك أحد يعيش معكِ أو يسأل عنكِ ؟ ..
قالت ( المراحيم اللى كانوا معايا والبركة فيكم أنتم وربنا ).. تعيش بمفردها فى ذلك المكان الذى تقول عنه أنه كان منزلها ولكنه تحول بمرور الوقت إلى سلة مهملات نظراً للفقر الشديد وعدم وجود مصدر رزق تقتات منه .. وما بقى من منزلها مجرد أطلال مغطاة بالقمامة تعيش عليها السيدة عفيفة .. ثم سألها الخادم ماذا تأكل ؟ .. قالت أنها تجلب بعض الخبز من المخبز المجاور بلا مقابل فإتجهت على الفور كاميرا المصور إلى كسور من الخبز ملقاه على الأرض تجمعت عليها الحشرات والذباب .. فقال لها الخادم هل تأكلين خبز فقط ؟ فقالت : ( أومال آكل أيه ممكن جنبها شوية بطاطس مقلية كده ) .. إستطردت حديثها : ( كنت عايزة حلة وصحن ولا أتنين وكسوة يعنى وسلامتكم ) ..
فقال لها الخادم ممكن نستضيفك عندنا عشر أيام حتى يتم تجهيز هذا المنزل من جديد ؟ قالت له ( طب والكلب أخده معايا ) .. فبدأ الخادم يشرح للمشاهد وضع السيدة عفيفة ووضع منزلها الذى لا يصلح للإستخدام الآدمى وأنهم سيأخذونها لتقيم مؤقتاً فى دار للمسنين أو مستشفى حتى يفرغون من تنظيف هذه الاكوام من القمامة وبناء المنزل الذى كان بابه مفتوحاً صيفاً وشتاءً لأنه لا يُغلق من كثرة القمامة المحيطة به فكانت تنام بذات الملابس الرثة الخفيفة وباب المنزل مفتوحاً حيث برودة الشتاء القارصة التى لا يتحملها أحد .. لكن الله كان يعتنى بها فى كل لحظة حسب قوله المقدس :( لا أهملك ولا أتركك عب 13 :5 ) .. عزيزى القارئ نرى كثيرين لديهم أموال ومعيشة رغدة وحولهم أولادهم وأقاربهم وأصدقائهم ويأكلون كل ما تشتهى نفوسهم ولكن عندما تجلس معهم وتتحدث إليهم تكتشف أنهم لا يتمتعون بسلام داخلى فيظهر ذلك على وجوههم .. يضطربون لأقل شيئ ويفكرون فى الغد ويتوجسون مما قد يخبئه لهم .. يعانون أمراض نفسية وجسدية أحياناً ومعظمهم لا يشكرون أو يقدّرون نعم الله الكثيرة عليهم .. وقد يتمردون على معيشتهم ويتطلعون للأفضل طمعاً فى رفاهية أو رخاء زيادة ليسوا فى حاجة إليه ..
أما هذه السيدة المسكينة التى تعيش على أكوام من القمامة عندما تنظر إلى عينيها تجد سلام عجيب يتدفق من داخلها ويعطى وجهها هدوءً وإطمئناناً رغم أنها تعيش على الكفاف ولا تملك أى شيئ من حطام هذه الدنيا .. إلا أنها تملك الدنيا كلها وهى جالسة بوضعها المذرى هذا .. تملك أهم ما فيها من راحة البال والضمير والحمد والشكر لله .. غير مبالية بما سيجلبه لها غدها فقد سلمت أمسها ويومها وغدها إلى من لا ينسى أحداً ولا حتى الرضيع الذى قد تنساه أمه أو طيور السماء السابحة فى الفضاء بلا أوكار .. أخوتى الاحباء ما أجمل أن نشكر الله الذى يعطينا بسخاء ولا يعير فنعبر له عن شكرنا بأن نعطف على أخوته المساكين والفقراء المهملين والضعفاء والمرضى والذين ليس لهم أحد يذكرهم خاصةً فى هذه الأيام المباركة .. فالرب قال ( أريد رحمة لا ذبيحة ) .. وقال أيضاً ( كنت جوعاناً فاطعمتمونى .. كنت عطشاناً فسقوتمونى ... كنت عرياناً فكسوتمونى .. كنت مريضاً فزرتمونى ) ..
من الرائع حقاً أن نساهم فى رسم إبتسامة على وجه طفل فقير بملابس جديدة كما نرسمها على وجوه أولادنا الصغار .. ومن الأروع أن نساهم فى إدخال البهجة على قلب فقير مُعدم يشتهى مثلنا أن يأكل قطعة لحم على العيد هو وأبنائه .. ومن المفرح لقلب الله فعلاً أن نزور مريضاً أو نسأل على أحد متروك من الجميع وليس له أحد يذكره .. الله يبتهج كثيراً يا أخوتى بأعمال الرحمة التى توجه إلى أخوته الأصاغر وما يحزن قلب الله هو من لا يبالى ولا يشعر بمعاناة وإحتياج غيره ويعيش حياته لنفسه فقط أو يوجه إهتماماته لأمور غير مجدية .. إذا كنا لا نبالى بأخوة يسوع من المساكين والفقراء من سيبالى بهم ؟!!!! .. وهل نطلب من الله أن يبالى بنا ونحن لا نبالى بغيرنا ؟!!!! . |
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع |
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك
أنقر هنا
|
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر
أنقر هنا
|