انتهت مشكلة زوجة كاهن كنيسة مار جرجس بدير مواس بالمنيا بعد عودة الزوجة إلي منزلها بعد خمسة أيام من اختفائها, وهي الأيام العصيبة التي شغلت الرأي العام, ونشرت حالة الطوارئ بين الشرطة, وأشعلت المظاهرات في المنيا والقاهرة وبلاد المهجر..
المهم أن زوجة الكاهن بمنتهي البساطة أعلنت أنها غير مخطوفة بل كانت مختفية بمحض إرادتها وكانت تقيم لدي إحدي صديقاتها بالقاهرة, وأن اختفاءها كان لأسباب عائلية ولا يحمل أي شبهة طائفية.
وقد سادت حالة من الهدوء والاستقرار في مركزي دير مواس وملوي بمحافظة المنيا بعد عودة زوجة الكاهن, وقد وجهت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية الشكر والتقدير إلي أجهزة الأمن لجهودها في العثور علي الزوجة والتي اعتقد البعض أنها مختطفة فخرجوا للتظاهر بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية بالقاهرة, وقالت مصادر الكاتدرائية إن الأمور عادت إلي طبيعتها, وإن قداسة البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية والموجود حاليا في الولايات المتحدة كان يتابع الأمر بدقة وأنه وجه الشكر لكل الجهات المعنية علي جهودها. هكذا قداسة البابا شنودة الثالث الراعي الصالح الذي يهتم بشعبه وبكل صغيرة وكبيرة حتي وهو في خارج البلاد, وانتهي بذلك هذا الحادث أو هذه المشكلة التي لا تخرج عن أن تكون مشكلة عائلية بين مواطن مصري يعمل كاهنا وزوجته, مجرد مشكلة بين زوجين! أما من ألبسها ثوب الفتنة الطائفية وشجع الشباب علي الثورة والقيام بالمظاهرات في المنيا والقاهرة, بل تعدت المظاهرات مصر إلي كندا وأمريكا وأوروبا فلا أحد يعرف؟!
وفي منتهي البساطة خرجت علينا السيدة الفاضلة كاميليا شحاتة زوجة الكاهن مبتسمة مطمئنة هادئة لتعرفنا أنها بخير وليست مخطوفة, ثم عادت إلي بيتها, وهنا تبرز عدة أسئلة بل تفرض نفسها علينا: كيف تترك سيدة فاضلة,. زوجة كاهن, بيتها دون علم زوجها الكاهن؟ وهي التي تعلم تعاليم الكنيسة في احترام الزوج والحياة الأسرية؟
السؤال الثاني والمهم: لماذا لم تتصل هذه السيدة الفاضلة بأي قسم شرطة في القاهرة لتعرض الحقيقة علي المسئولين وهي تسمع وتري المظاهرات القائمة والمشتعلة من أجل سيادتها وصورها وأخبارها منشورة في كل الصحف والمجلات, بل انتظرت خمسة أيام حتي تفاقمت المشكلة وزادت المظاهرات وأعلنت قوات الأمن الطوارئ؟!
أليس هذا إزعاجا للسلطات بل وتصميما علي هذا الإزعاج مع سبق الإصرار؟!
المشكلة أن هذا الحادث ليس الأول من نوعه, بل إننا نتذكر حادثا مماثلا لزوجة كاهن آخر ثبت بعد الهرج والمرج والمظاهرات إياها أن الزوجة ضاقت بالحياة مع زوجها لقسوته ومعاملته غير الإنسانية.
المهم أن هذه الحوادث كثرت في السنوات الأخيرة لدرجة أنها تمثل ظاهرة, وهذه الحوادث يتجمع فيها عشرات المئات والألوف من فئات مختلفة للتظاهر والتعبير عن الاستياء والغضب, وكاتب هذه السطور ليس ضد التعبير عن الخطأ أو الظلم أو حق الفتاة في الحرية وعدم الاختطاف, لكن المشكلة أن هذه الأعداد الكبيرة المتظاهرة تجمع بين الغث والثمين, وبين من هو صاحب قضية فعلا, ومن يريد أن يهرج ويشيع نوعا من الفوضي, وهذه هي الخطورة فعلا.
نحن ضد الاختطاف والتعصب وإجبار البعض علي سلوك معين, سواء كان دينيا أو اجتماعيا, لكننا ضد الفوضي والمظاهرات التي تقوم من أجل قضايا وهمية وأخبار كاذبة. إننا نعيش في مجتمع يتغير يوما بعد يوم ونحتاج إلي الاستقرار ونشر روح المحبة والتآلف التي كنا نتمتع بها في الزمن الجميل السابق, إن كل ما يهمنا هم أبناؤنا وأحفادنا, نريد لهم حياة سعيدة آمنة مطمئنة, والوحدة الوطنية حقيقة موجودة في مجتمعنا مهما يقال ومهما يحدث, فكاتب هذه الكلمات قبطي مصري مسيحي يعتز بمصريته ومسيحيته ووطنه.
وهل لي أن أطلب محاسبة من تسبب في هذه المشكلة الأخيرة, وحولها إلي مشكلة طائفية وهي مجرد خلاف بين زوج وزوجته؟ هل لي أن أطلب تطبيق قانون إزعاج السلطات علي المتسبب الحقيقي في المشكلة, الذي أخرجها إلي هذه المظاهرات والمصادمات في مصر والخارج. إننا لا نطالب بأكثر من تطبيق القانون, فهل من مستجيب حتي لا تتكرر مثل هذه المشكلات وتتحول إلي مشكلات ومصائب كبري يصعب حلها أو معالجتها؟
نقلاً عن الأهرام |