بقلم/ أمنية طلعت |
مازال مشايخ النصب والاسترزاق، يقتاتون على الفن المصري. في الماضي...ليس بعيداً جداً. تطايرت الفتاوي الدينية من أفواه مشايخ، رسخوا لأنفسهم بين المصريين الطيبين، وروجوا لحرمانية الفن. تلاعبوا بألفاظ مثل العري والقبلات والمشاهد الساخنة في السينما، واتهموا الفنانين والفنانات بالزنا، بل ذهبوا إلى القول بأن كل تمثيل وغناء حرام. اعتزلت العديد من الفنانات مرتديات الحجاب، وعادت بعضهن إلى الحظيرة الفنية، ليعلن أنه تم دفع الأموال لهن حتى يعلن تبرأهن مما قدمن من فنون. فنانون آخرون، تم تمويل مشاريع إعلامية لهم، لإنتاج أوعية إعلامية ذات محتوى ديني وهابي، يروج لفكر التحريم والحجاب والفن الحرام، وإطلاق اللحية وقص الشارب، وغيره من قشور الإسلام، أو بدع الوهابيين. تغير فكر المجتمع نفسه. أصبحت كل الراقصات عاهرات في نظر الناس، وكل فنانة داعرة حتى تتحجب وتعتزل. بل إن الفنانين أنفسهم اضطروا أن يركبوا الموجة، حتى لا يفقدوا أعمالهم وقبول المجتمع لهم، ورددوا أقول بلهاء مثل، السينما النظيفة! اضطرت فنانات مثل المخرجة إيناس الدغيدي، أن تعيش حياتها كلها بين قضايا التكفير والاتهام بالترويج للفسق وغيره. لكن الشهادة لله وحده، أن أمثال إيناس الدغيدي وغيرها، كانوا سبباً رئيسياً في أن لا يموت الفن المصري تماماً، لكن علينا أن لا ننكر، أنه ظل قابعاً في غرفة الإنعاش قرابة الثلاثة عقود على الأقل، ليبدأ في الانتعاش قليلاً قليلاً، مع منتصف التسعينات.
انساق المصريون وراء ترهات الفتاوي الوهابية، وساروا وراء المشايخ المصريين المرتزقة، الذي اقتاتوا على بيع ريادة مصر الفنية والثقافية، بأرخص الأثمان، حتى استيقظنا ذات يوم، لنجد أن السعوديين نهبوا تراثنا الفني والثقافي واحتكروه لأنفسهم، وأنهم سحبوا من أسفل أقدامنا ريادتنا الفنية والإعلامية، وأصبحوا هم الآن محتكري الإعلام العربي ورواده، وأصحاب أقوى شركات إنتاج سينمائي وموسيقي. من الذي اشترى تراث مصر السينمائي واحتكره في قنواته الشهيرة؟ أليس الأمير الوليد ابن طلال السعودي؟ من الذي احتكر الإنتاج السينمائي بعد ذلك؟ أليست شركة روتانا للإنتاج السينمائي؟ من الذي أنتج أول فيلم سينمائي سعودي؟ أليست نفس الشركة؟ من الذي احتكر المطربين المصريين والعرب في شركته للإنتاج الموسيقي، وكاد أن يتسبب في خراب بيت محسن جابر وشركة عالم الفن؟ أليس الأمير ابن طلال وشركته، روتانا للإنتاج الموسيقي؟ من صاحب أكبر وأقوى مجموعة تلفزيونات عربية الآن؟ أليس الشيخ السعودي الوليد الإبراهيمي صاحب مجموعة تلفزيون الشرق الأوسط " إم بي سي"؟
بالطبع لا أنفي عنا التواطؤ مع الوهابيين ضد أنفسنا؟ مصر مليئة بالخونة والأرزقية، الذي سهلوا بيع تراثنا الفني من أجل حفنة ريالات. هؤلاء الخونة من مشايخ وإعلاميين ومثقفين، مازالوا يسيرون بيننا إلى اليوم، يركبون أفخر السيارات ويرتادون أفضل الأماكن ويعيشون في أرقى الأحياء والمنازل، بينما نحن نشقى بغبائنا واتباعنا لفتاويهم الممجوجة والعميلة. ما لا يعرفه بعضنا أيضاً، أن أصحاب تلك الفتاوي العظيمة يعيشون الحياة الفاسقة والماجنة بأدق تفاصيلها في قصور الأمراء العظام، بل بإمكانكم أن تتأكدوا، أنهم يمارسون تلك الأفعال، التي قد تقرأونها في ألف ليلة وليلة، وتتخيلون أنها ضرب من خيال المؤلف، أو حياة قديمة انتهت بتطور وتحضر الإنسان.
كنت أعتقد، أن فتاوي النصب والاسترزاق الخاصة بالفن، انتهت وعفا عليها الزمن، لكن فيما يبدو، أن مشايخ الاسترزاق، لم يهن عليهم أن يخرج الفن المصري من الإنعاش ويبدأ في تنسم بعض الهواء النظيف، فقد عاد أحد أكبر أساطين الاسترزاق الديني، الشيخ المزواج، الذي يجمع أربع زوجات على زمته، يطلق واحدة ليأتي بأخرى، وكله بالدين وكله بأمر الله. خرج هذا العفن، ليشوه سمعة الفن والفنانات المصريات من جديد، وتحدث من خلال قناته غير المعلوم مصدر الإنفاق عليها، مثلها مثل كل قنوات الاسترزاق الديني، ليتحدث عن الفنانات ويصفهن بأن كل رصيدهن الفني سرير وخروج عن الآداب العامة. يا شيخ يا مبجل، وما هو رصيدك أيها المزواج " بتاع النسوان والزواج العرفي" أليس سريراً أيضاً ؟ إن الفنانات المصريات أشرف منك ومن أمثالك.
أيها المرتزقة، يا من تبيعون الإسلام بالجملة والقطاعي. يا من حولتم مصر إلى مجتمع متطرف متوهبن، يصدر الظلام للمنطقة، بعد أن كنا رواد العلم والفن والثقافة والمعرفة. إرفعوا أيديكم العفنة، وتوقفوا عن فتاويكم القذرة، اتركونا نحيا من جديد، ربما استطعنا أن نلحق ما فات ونعود لنصبح منارة الكون من جديد. نقلا عن الحوار المتمدن |
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع |
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا |
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا |
تقييم الموضوع: | الأصوات المشاركة فى التقييم: ٢ صوت | عدد التعليقات: ٠ تعليق |