بقلم: أنور عصمت السادات
كلنا نخاف على "مصر"، ونتطلع إلى مستقبل أفضل يجد فيه الأفراد ما يعينهم على حياة كريمة، فى مناخ من الحرية والعدالة والمساواة التى يتعطش إليها كثير من المصريين؛ لتعود إليهم الرغبة من جديد فى الحياة على أرض "مصر" .
أسئلة كثيرة تجول بخاطرى، ولا أجد تفسيرًا مقنعًا أقف به عند حقيقة الأمر، والسبب الرئيسى الذى قد يساعدنى فى حل تلك الشفرة أو اللغز؛ لأننى وبصراحة، كلما طالعت أى صحيفة مصرية أو أجنبية وجدت حديث أو مقال أو خبر حول صحة الرئيس "مبارك"، وما هى ملامح المستقبل فى "مصر" ما بعد "مبارك"؟ ومن سيخلف "مبارك" فى حكم "مصر"؟ ومن هو مرشح الحزب الوطنى لخوض إنتخابات الرئاسة 2011م؟ وأنباء حول سفر الرئيس للعلاج بالخارج، ثم النفى والتكذيب للخبر، أو ظهور الرئيس إعلاميًا أمام الجمهور.
البعض يخرج بتصريح ليؤيد "جمال مبارك" فى حكم "مصر"، وآخر يمانع ترشيحه، حتى تكاد الصحف أن تتنبأ بوفاة الرئيس. هذه الأسئلة الكثيرة تدفعنى لأتساءل وقد أكون مصيبًا أومخطئًا: هل المشكلات التى يعيشها الشعب المصرى جعلته إلى هذه الدرجة لم يعد لديه أى جزء، ولو بسيط، من الصبر والتحمل والتطلع لإصلاح الخلل السياسى والإجتماعى؟ أم أن الشعب أصبح محرومًا من أشياء كثيرة يرغبها، ويرى أن النظام الحالى لن يمنحها له، ومن ثم فهو يبحث عمن يحقق له آماله؟
أم أن الحالة المتردية التى يعيشها الشعب جعلته إلى هذا الحد خائفًا على مستقبله؟ ويريد أن يعرف من المرشح القادم ليتحقق من صدقه وإخلاصه لكى يستأمنه على حياته وممتلكاته وطموحاته؟ الحقيقة أننى حائر..
ولو نظرنا إلى "مصر" فى عهد "مبارك" ومن قبله من الرؤساء، تجد أن الظلم والديكتاتورية والإستبداد كان موجودًا أيضًا، لكن هل النهب المنظم فى القطاعين العام والخاص الذى أصبح الآن مستفحلاً يأكل الأخضر واليابس، هو ما جعل المصريين مشغولين بالتغيير إلى هذه الدرجة؟
هناك من الرؤساء العرب من فعلوا بشعوبهم فظائع أكثر، وكانوا يحكمونهم بما يشبه الكرباج، وأبادوا وقتلوا ودمروا، والآن تجد شعوبهم تتأسف عليهم، وتتمنى أن يعودوا إليهم من جديد. ولن نذهب بعيدًا فالعراقيين الذين ظنوا أن الأمريكيين سوف يخرجوهم من بأس "صدام" تجدهم يتمنون الآن يومًا مما عاشوه فى حياة "صدام حسين"، وغيره من الحكام فى "سوريا" و"ليبيا" و"اليمن" .
لا أعرف ماذا حدث؟ هل هو التغير فى طباع المصريين وأخلاقهم؟ أم هى الفوضى، والعشوائية، وتفكيك البلد، وإهدار حقوق المصريين وأموالهم وكرامتهم؟ أم هو التراجع الشديد للدور المصرى إقليميًا ودوليًا بعد أن كنا مصدرًا للعلوم والثقافة والفنون؟ هو ما جعل المصريين لا يأتمنون أحدًا على وطنهم، ولا يعرفون مَن الأنسب لحكم "مصر".
نهايةً..إن كانت فترة حكم الرئيس "مبارك" قد طالت، ورأى المصريون من حكومات "مبارك" المتعاقبة فوضى وفساد فاقت كل الأوصاف، فأعتقد أن المصريين جميعًا بأخلاقهم وطبيعتهم، يعتبرونه أبًا لهم، وقد أوصتهم الأديان بأن يبروا آبائهم، فقد جاء فى القرآن الكريم "وقضى ربك آلا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا"، وتجد تعاليم السيد المسيح تقول "اكرم أباك وأمك تطل أيامك على الأرض"..
وإن كانت تصريحات بعض قيادات الحزب الوطنى تعتبر أن التغيير من أجل فئة أو شخص عيب فى حق النظام، وأن الحديث عن ذلك الموضوع يتنافى مع الأدب والذوق، فى حين الشعور الطيب من المصريين تجاه الرئيس "مبارك"، وهو يرى أنهم متعطشون للتغيير- ليس تقليلاً من شأن ما قدمه لـ"مصر"، ولكنها رغبة- فليمنحهم الفرصة؛ إحترامًا لرغباتهم وميلهم إلى التغيير. |