نائب من نواب المحظورة يتهم جهاز التليفزيون الحكومي بالإساءة للذات الإلهية
• أعضاء الجماعة المحظورة يكيلون بأكثر من مكيال و لا يتورعون عن أي شيئ للوصول إلى غاياتهم
• أعضاء الجماعة المحظورة يرون أن الإبداع الإنساني قد توقف وانتهى بجمع القرآن
بقلم: يحيى الوكيل
انبرى أحد نواب المنكودة المحظورة باتهام جهاز التليفزيون الحكومي بمحاربة الإسلام، ولا أقل لعرضه فيلمـًا عدّه سيادته يسيئ للذات الإلهية ولا أخطر.
استمر سيادته في كيل الاتهامات، فصرّح: "هذا الأمر يخالف كل الأعراف والديانات السماوية وعلى رأسها الإسلام؛ فضلاً عن مخالفة الدستور، إلى جانب عدم احترام مشاعر المسلمين وإثارة غضبهم عن عمد"، مضيفـًا: "أن الأمر جد خطير، وأصبحت الحرب على الإسلام بصورة علنية".
وتساءل: "هل يليق بمصر بلد الأزهر الشريف أن تشارك في أحداث تلك الحرب الغربية المسمومة؟ وهل يليق بها أيضًا أن تقوم بعرض أفلام تسيىء للإسلام وتتعدى على الذات الإلهية، وفي الوقت ذاته تستجيب للضغوط الفرنسية الجائرة وتقوم بإغلاق القنوات الدينية وعلى رأسها "الرحمة" و"الأقصى"؟
واستمر: "مَن المسؤول عن تعمد الإساءة لسمعة مصر في الداخل والخارج؟ ولصالح مَن يتم إعداد وتنفيذ كل هذه الإساءات؟ وإلى متى سيظل إعلامنا المصري آلة في يد الغرب؛ يقومون من خلاله ببث السموم التي تدمر شبابنا وتخالف قيمنا الإسلامية، وتهدف لتدمير المجتمع المصري؛ فضلاً عن تعمد إثارة غضب جموع المسلمين"؟؟
الفيلم الذي أشار إليه سيادته هو ""Copying Beethoven و يعني "نَسْخُ أعمال بيتهوفن"، وهو يتخيل السنوات الأخيرة من حياة الموسيقار العبقري، والصراع الذي عاناه بين صممه وإبداعه الموسيقي، والذى جعله نزقـًا صعب المراس مع كل مَن كانوا حوله.
وقارن صنّاع الفيلم بين الإبداع الهندسي والإبداع الفني النابع من روح الإنسان؛ فقال على لسان شخصية "بيتهوفن" ما يعني أن إبداع "بيتهوفن" ما هو إلا تعبير عن الإله الخالق وعبقريته -هذا ما فهمته وما فهمه المثقفون من أمثالي المطّلعين على الثقافة الغربية، والفاهمين لمفردات اللغة المنطوق بها في الفيلم- أما سيادته فلم يستوعب منها إلا منطق "إنهم يؤذون الله ورسوله"؛ لفهمه القاصر ولتطبيق خطة عمل الجماعة المنكودة المحظورة.
دعوني أحلل تصريحات سيادته وأكشف طبقاتها الكاسية للوصول إلى ما تحت الكلام من غايات.
سيادته اعترض على مخالفة الدستور بالإساءة إلى الإسلام بالاعتداء على الذات الإلهية، ولكنه لا يطبق الدستور على جميع مواطني الدولة.
سيادته لم يقل لنا رأيه في كمّ المسلسلات والأفلام الدينية المسموح بعرضها في التليفزيون الحكومي، والتي اعتدت على الذات الإلهية للسيد "المسيح" كما يفهمها ويؤمن بها المسيحيون من أبناء هذا الوطن -ولا داعي للكلام عن كمّ البرامج الموجهة والحوارية على القنوات الفضائية- لماذا لم يرتج سيادته غضبـًا لهم؟ ربما يتجزأ العدل عند سيادته، بل أن هذا أكيد وليس غريبـًا على أعضاء المنكودة المحظورة.
لقد أحل سيادته لنفسه ما يشكو منه بنفسه، وهو أصدق تعبير عن إزدواجية معايير الجماعة المنكودة المحظورة.
انتقل سيادته بعد التمهيد النيراني بقصفة اعتراضية اُستخدمت فيها الكلمات من العيار الثقيل إلى الهجوم، وأوضح أن الجهد الأساسي على جبهته موجه لفتح القنوات الدينية المغلقة، وعلى رأسها "الرحمة" و"الأقصى"، وهي قنوات نعلم أنها أُغلقت لمخالفتها لقوانين الإعلام الدولية، وحضها على العنف والإرهاب والكراهية، بينما لا يجد سيادته في أسباب إغلاقها غير "استجابة للضغوط الفرنسية الجائرة".
الغرض إذن من هذه الحملة هو محاولة الضغط لإعادة فتح قنوات الكراهية تلك قبل الموسم السنوي لأمثالها، وما يأتي به من خير من أموال الإعلانات والهبات والتبرعات والتمويل الوهابي.
الأمر إذن لا يعدو محاولة إعادة فتح منفذ للدخل كان يعود على الجماعة المنكودة المحظورة بالدخل الوفير، وهو ضروري للإنفاق على موائد المشويات -المذبوحة حلالاً طبعـًا- في شهر الصيام وولائم الكرام.
لا صعوبة في قراءة خطة عمل الجماعة المنكودة الملعونة المحظورة.
بعد أن تعرّفنا على أوجه العوار في المنطق الذي هاجم به سيادته الآن فيلمـًا عُرض على الشاشة منذ أكثر من أسبوعين، والغرض الذي اختار سيادته من أجله أسلوب وتوقيت الهجوم، أود أن أسأل سيادته:
مَن الذي يسيئ إلى سمعة مصر؟
أهو جهاز التليفزيون الذي سُررت حقـًا لعرضه فيلمـًا فيه من الثقافة قدر؟؟ وساعدني في أن أقدم أعمال "بيتهوفن" لأطفالي بشكل حببهم في أحد أهم المؤلفين الموسيقيين على الإطلاق؛ فقام بدوره برفع المستوى الثقافي لجيل جديد وواصلهم بكلاسيكيات لا يجدون وصلاً بها بعد أن تحكم الإسلاميون في منابع الثقافة؟
أم هي الجماعة المحظورة، المنكودة الملعونة، التي تقدم مصر للعالم على أنها دولة لا تحترم إتفاقيات البث الفضائي والقوانين المنظمة له، وتود لو تخنق الإبداع فتمنع كل ما ينغلق على جماعة المنكودة الملعونة فهمه أو تقبله؟ ولا ننسى نغمة التهديد المبطنة في الإشارة غير مرة إلى "إثارة غضب المسلمين".
الشكوى كما قلت غير مبنية على أساس سليم، بل على كلام أُخرج من سياقه ومترجم بشكل سخيف.
إعتراض الجماعة إذن قائم على خطهم السياسى في تلطيخ كل ما حَسُن في هذا البلد حتى لا يكون بها إلا قبحـًا، فبالقبح توجد هذه الجماعة وبالقبح تستمر؛ والاعتراض أيضًا قائم على خطهم الديني، والذي يكفر الفن عامة ومنه الموسيقى وغيرها، وكأن الإبداع الإنساني انتهى بانتهاء جمع القرآن والأحاديث.
هم ضد الإبداع الإنساني، وأيما مكان أمسكوا فيه الحكم كانت نهاية الإبداع فيه.. واسألوا أفغانستان. |