بقلم: نجيب جبرائيل
منذ ان وطأت قدمى اللواء "أحمد ضياء الدين" أرض "المنيا" محافظًا لها منذ أربعة سنوات، وتصاعدت سلسلة الأحداث الطائفية على وجه غير مسبوق من قرية إلى أخرى، ومن مركز إلى آخر حتى جاز لى أن اسميها فى احدى مقالاتى بـ"المحافظة المنكوبة".
فلقد ذاقت "المنيا" فى عهده أحداثًا مريرة، راح ضحيتها أرواح وأموال، شهدت "المنيا" أحداث دير "أبو فانا" بجروح وتعذيب الرهبان العزل والإعتداء على ممتلكات الدير، وأيضًا فى عهده كانت هناك محاولة قاسية، وطمس تاريخ "مصر" وحضارتها لتحويل اسم قرية دير "ابو حنس" إلى مسمى قرية "وادى النعناع"، لولا الجهود الجبارة التى قمنا بها وغيرنا لفضح هذا الأمر، وعاد اسم دير "أبو حنس" إلى القرية التى تحمل هذا الإسم التاريخى المقدس منذ مئات السنين.
ولكن الأخطر من ذلك، أن السيد "ضياء الدين" بدلاً من أن ينام حالمًا ببناء كبرى للمشاة؛ لتجنب نزيف الدم على الأسفلت، أو تنقية مياة الشرب، أو إقامة مشروعات لتشغيل الشباب، أو مساكن للفقراء؛ لكن يبدو أن أحلامه كانت من نوع آخر، فلقد نسي أنه ترك اللباس الأمني كلواء شرطة سابق يختص بالشئون القانونية بوزارة الداخلية، لكن ربما كان يحلم بأكثر من ذلك، حسنًا يحلم القادة والمسئولين بما تحكمهم فيه وظيفتهم..
لكن المثير للجدل أن يخلط المسئول بين ماضية وحاضرة، ويتوهم أنه ما زال داخل الزى البوليسى.
وتعالوا معنا نستعرض ما حدث مع السيد المحافظ اللواء "أحمد ضياء الدين"، ومواجهته المباشرة التى تتسم بالخصومة المعلنة مع نيافة الأنبا "أغاثون"- أسقف مغاغة والعدوى، إذ بينما حصل نيافة الأسقف على كافة الموافقات الرسمية، وخاصة الأمنية، وبصفة خاصة موافقة مباحث أمن الدولة فى "المنيا" و"القاهرة" حول بناء مطرانية جديدة على أرض تمتلكها الكنيسة بدلاً من المطرانية القديمة، والمتهالكة، والتى أصبحت آيلة للسقوط، وتشكل خطرًا داهمًا على المصلين والمارة، والتى مضى على بنائها أكثر من مائة سنة، رغم تلك الموافقات الأمنية والتى تعنى بكل بساطة أنه لا توجد أى عوائق أمنية، وبتفسير أوضح تعنى تلك الموافقات أنه لا يوجد أى تطرف أو تشدد من جانب الإخوة المسلمين فى بناء مطرانية جديدة للاقباط بدلا من الآيلة للسقوط، يمارسون فيها حقهم الدستورى والقانونى والإنسانى لحرية العقيدة، لكن يبدو أن "ضياء الدين" كان وما يزال مصممًا كل التصميم على إستحداث هذا التطرف، أو تخيل وجوده، أو التحريض حتى يحبل به ثم يلد عنفًا غير مشروع.
راح السيد المحافظ يختلق المشكلة بنوع من التعسف الممقوت غير المقبول، باشتراط هدم المطرانية القديمة حتى يسمح ببناء المطرانية الجديدة، وفعلاً قام نيافة الأسقف بهدم المطرانية القديمة ماعدا مسكنه الصغير، ودورة مياه، باعتبار أنه لا يوجد مأوى أو سكن آخر للأسقف لحين اتمام بناء المطرانية الجديدة.
لكن كانت المفاجئة الكبرى والخطيرة أن السيد المحافظ اشترط هدم السور بالكامل حتى يسمح ببناء المطرانية الجديدة، ولم تشفع توسلات الأقباط، وأعضاء مجلسى الشعب والشورى، وكبار العقلاء من الإخوة المسلمين. فإنه كيف يتم بناء السور بأكمله، وتترك أرض المطرانية القديمة مكانًا يُغتصب أو يمكن أن يثير فتنة طائفية ودموية فى حالة إغتصابها من المتشددين الإسلامين، وبناء مسجد عليها كما حدث فى احداث "مرسى مطروح". بل أن الأمر المنطقى والطبيعى طبقا للقانون المدنى والجنائى، أن يخول لصاحب الأرض أن يقوم بتسويرها حماية لملكه.
لكن كان تعليل المحافظ، والذى أعلنه صراحة على قناة الحياة، بضرورة إزالة السور بالكامل حتى لا يرى المارة أن تلك هى كنيسة أو مطرانية كما لو كان من ينظر إليها أى "المطرانية" هو نوع من الموبيقات، أو المناظر المؤذية للنظر، أو المكفرة للمؤمن.
وفى اعتقادى أن تصميم المحافظ وتعنته بهذا الشكل، لا يُفسَّر إلا لثلاثة أمور:
الأول: إنه رجل متعصب يكرة المسيحيين ويعتبرهم غير مواطنين.
ثانيًا: إنه غير مدرك لتصرفاته بأنها تحرض المسلمين على المسيحيين.
ثالثًا: أنه ما زال متمسكًا أو متقمصًا بالرداء البولسى، وإن كنت أعلم أنه حينما كان ضابط شرطة برتبة لواء، كان ضابطًا نظاميًا فى الشئون القانونية، ولم يكن فى جهاز أمن الدولة، أو المباحث الجنائية حتى يمكنه أن يلعب هذا الدور.
وهكذا خلط السيد المحافظ بين مسئوليته السياسية والتنفيذية طبقًا للدستور، والمسئولية الأمنية التى يختص بها جهاز وزارة الداخلية.
أو إننى قد يُخيَّل إلىّ أن السيد المحافظ، وهو على كرسى المحافظة، يمكن أن يقوم بأعمال مدير أمن "المنيا" بالإنابة.
فكيف يلعب السيد المحافظ تلك التصرفات، محاولاً خلق فتنة أو إيقاظها فى ظل ثبات علاقة المحبة والمودة التى بين المسلمين والأقباط، ولنتذكر قول شيخنا الجليل الراحل "محمد سيد طنطاوى"- شيخ الأزهر السابق- حينما قابلته فقال لى بالحرف الواحد: إننى أود أن أرى فى كل شارع مسجدًا وكنيسة، وأن أى خير يعم على المسيحيين والمسلمين معًا، وأى ضرر يتضرر منه المسلمون والمسيحيون معًا.
ولكن يبدو أن "ضياء الدين" مصممًا على ألا يترك "المنيا" إلا وأن تكون كشحًا ثالثة، أو وحدة وطنية اثرًا بعد عين، وإننى قد أبلغت الرسالة، وأديت الأمانة، ومن له أذان للسمع فليسمع، ومهما فعل "ضياء الدين" فلنتذكر جميعًا قائد مسيرتنا وراعى وحدتنا الوطنية الرئيس "محمد حسنى مبارك"، صاحب القول المشهور: "إننا كلنا مصريين تحت علم واحد لا فرق بين قبطى ومسلم". |
|
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك
أنقر هنا
|
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر
أنقر هنا
|