بقلم: منير بشاى وليس هناك شك أن عملية الخطف لأى فتاة أمر مريع؛ لأنه بحكم التقاليد المصرية الصعيدية هو إعتداء على الشرف والعرض الذى يزود عنه المرء بأغلى ما يملك وهو حياته. ولكن خطف زوجة كاهن أمر يتعدى كل الخطوط الحمراء؛ لأن الضحية رمز دينى له وزنه، وهى لأنها زوجة الأب الكاهن، فهى تعتبر الأم الروحية للشعب؛ حتى وإن كانت فى الخامسة والعشرين من العمر. وعلى ذلك فإن احساس كل قبطى بالنسبة للأمر أنه اعتداء طال أعز إنسان له وهو أمه.
والذى يزيد من شناعة المأساة، أنها تبدو مخططًا مستمرًا يُنفّذ بدقة لا تبدو له نهاية. وهذا ما يجعل كل أسرة لها بنات تعيش فى قلق ورعب من إحتمال ما قد يحدث لهن. ومن أواخر هذا المسلسل قصة إختفاء طفلتين هما "مريم" و"سامرية" فى عمر (١٣) و (۱٥) عامًا، وقد ذهبتا لقضاء إحتياجات الأسرة ولم يعودا. وما يزيد من الإحساس بالظلم، وفى نفس الوقت الإحساس بالعجز عن عمل شىء، وخيبة الأمل والثقة فى رغبة السلطات فى بذل مجهودات حقيقية جادة لتحديد مكان هؤلاء الفتيات وإرجاعهن لأسرهن. ولا يبرّر المأساة الإدعاء أن هؤلاء الفتيات أو بعضهن قد ذهبن بإختيارهن الحر؛ لأن العملية كلها محاطة بالريبة وسوء النية، وتفتقر إلى العدل والشفافية. ونحن نؤيد حق كل إنسان إختيار العقيدة التى يريدها، ولكن بعد توافر أركان هامة تضمن عدم إساءة إستخدامها: ثانيا: أن الكثير من هؤلاء الفتيات قُصّر، بمعنى أنهن فى سن لا يسمح لهن بإتخاذ قرار الزواج أو تغيير الدين. بعض هؤلاء الفتيات فى سن الثالثة عشر، والخامسة عشر كما فى حالة الفتاتين "مريم" و"سامرية". فكيف يتم كسر القانون تحت سمع وبصر أجهزة الأمن دون مساءلة أو ردع؟!! ثالثا: هذه الزيجات الناتجة عن الخطف قد تكون نتيجة عواطف غير ناضجة من مراهقين، ويجب أن لا تتم قبل تقديم المشورة لتفادى النتائج المأسوية التى يمكن أن تنتج عنها. ويجب التأكد من عدم وجود محاولات للخداع والتغرير بهؤلاء الفتيات. رابعا: يجب التأكد من أن الفتيات قد أقدمن على هذا العمل فى ظروف طبيعية، وليس كنتيجة هروب من ظروف صعبة فى أسرهن. فمثلاً هل كن يواجهن قسوة فى المعاملة من الأسرة؟ هل كانت هناك ظروف مالية صعبة أرادن الهروب منها؟ خامسا: إذا كان هدف هذا الحوادث هو تغيير الدين، فيجب أن يكون هناك جلسات نصح من متخصصين تُقدّم لهؤلاء الفتيات للمساعدة على الفهم الصحيح للعقيدة، وإدراك التداعيات الخطيرة التى تتعلق بالقرار، ويساعدهن على إتخاذ القرار السليم عن وعى وإدراك. ولا يجب التعجيل بتغيير الدين، وتغيير الأوراق الثبوتية فى ساعات بالنسبة للمسيحيين الذين يسلمون، بينما المسلمين الراغبين فى ترك الإسلام ينتظرون سنوات لتغيير أوراقهم، ولا ينجحون فى ذلك. نحن أمام مشكلة حقيقية خطيرة ومعقدة. والنظرة التقليدية للمشكلة من جهة الدولة تميل إلى إنكار وجود المشكلة، والإدعاء أن جميع الحالات هى لفتيات ذهبن إلى الإسلام بمحض إراداتهن. ونحن نؤيد حرية الجميع فى اعتناق الدين الذي يروه.
وقد إعترف د. "مصطفى الفقى" فى مقال بجريدة الأهرام بتاريخ ٧ يناير ٢٠٠٨بالمشكلة، عندما روى قصة فتاة مسلمة أحبت زميلها المسيحى، وسافرت معه إلى "قبرص" لتعتنق الدين المسيحى وتتزوجه. وقال أنه التقى بأبيها الذى قال له، وهو يبكى: إنه يتمنى أن يرى ابنتها هو وأمها مرة واحدة قبل أن يفارق الحياة. ونحن نشارك الدكتور "الفقى" قلقه، بل ونتعاطف مع مشاعر أسرة الفتاة المسلمة. ولكننا نعلم أن هذه الفتاة المسلمة لو كانت تعيش فى "مصر" لما سمحت لها الدولة أن تترك دينها، أو أن تتزوج الشاب المسيحى. ولو حدث ذلك بطريقة ما، لكنا نرى محاكمات وعقاب مشدد لمن اشتركوا فى هذا العمل. هذا مع أن الفتاة المسلمة بالغة السن، وقد اتخذت قرارها بمحض إرادتها. ولكن فى الحالات القبطية التى أشار إليها د. "الفقى" كان يتكلم عن فتيات قاصرات، ليس لهن صلاحية قانونية لإتخاذ هذا القرار. وهناك إعتقاد إنهن أُجبرن على ذلك، أو تم إغرائهن والتغرير بهن. إنها مسئولية الدولة أن تحمى الفتيات القبطيات. ولكن موقف الدولة التقليدى يثير الشك أنها إما ضالعة فى المأساة، أو أنها عاجزة عن القيام بدورها فى حماية الفتيات الضعيفات من الذئاب الخاطفة. |
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا |
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا |
تقييم الموضوع: | الأصوات المشاركة فى التقييم: ٢٦ صوت | عدد التعليقات: ٢٥ تعليق |