بيت الأمة الذي كان !!

بقلم: عماد توماس
لم تأتى تصريحات فؤاد بدراوي" نائب رئيس حزب الوفد لـصحيفة "الأقباط متحدون" في تأييده وإصراره على وجود المادة الثانية في الدستور المصري من فراغ.
فربما الذي لا يعرفه الكثيرون أن برنامج حزب الوفد  ينص في الجزء الخاص بالشئون الدينية على أن "الإسلام هو الدين الرسمي للدولة, ولهذا يجب أن تكون الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي في التشريع" ولاحظ كلمة "يجب" فبدراوى ينفذ ويطابق برنامج حزبه الذي تأسلم مؤخرا.

ليس هذا فقط، بل أن برنامج الحزب، يطالب بزيادة  الوقت المخصص للبرامج الدينية (الإسلامية) في التليفزيون والإذاعة, حتى يستطيع الإعلام ممارسة دوره في نشر القيم الإسلامية الصحيحة ومحاربة كل ما يتعارض مع القيم الإسلامية السمجاء. ويطالب أيضا بتأهيل رجال الدين الاسلامى تأهيلاً علمياً وثقافياً ولغوياً مناسباً . هل تعرفون لماذا يطالب بهذا التأهيل؟ لإمكانية قيامهم بدور التوعية الإسلامية في المجتمعات الغربية بلغات هذه الدولة, لتصحيح صورة الإسلام والمسلمين.!!

ويطالب البرنامج أيضا بتحديث الخطاب الديني, واللجوء للوسائل التكنولوجية الحديثة في نشر الدعوة الإسلامية, والبعد عن التشنج في الخطاب الاسلامى.

واضح أن الشئون الدينية في برامج الوفد هي الشئون "الإسلامية" ويحض برنامج الحزب على  الدعوة الإسلامية في الغرب، يبدو أن الحزب تحول من مؤسسة سياسية حزبية الى مؤسسة دينية، تهتم بتخريج الدعاة ونشر الدعوة.
ونسى الحزب أو تناسى إن هناك مواطنون مسيحيون وبهائيون ، فلم يُطالب بحقهم في تقديم برامج تلفزيونية ولن أقول لك حقهم في "نشر دعوتهم" مثلما يطالب بتأهيل رجال الدين الاسلامى لنشر الدعوة الإسلامية.

ويبدو إن حزب الوفد يسير في تحقيق برنامجه بخطوات متسارعة ، فقد استحدث لجنة دينية وضع على رأسها الدكتورة سعاد صالح - المحسوبة على تيار الاستنارة الاسلامى- والتي في أول تصريحاتها رفضت تولى مسيحي رئاسة الجمهورية ووصفتهم بالكفار، وهى لا تختلف عن رأى الإخوان المسلمون.

وكانت الطامة الكبرى بحذف شعار الوفد العريق"الهلال والصليب" من قافلة الإغاثة المتجهة إلى غزة، وهو أمر لا يجب السكوت عليه، ويجب إن بكون للبقية الباقية المستنيرة في الحزب موقفا حاسما في هذا الأمر

شعار "الهلال والصليب"  اللذان حذفهما الوفد في قافلة الإغاثة، هما الرمزان اللذان خرج جموع المصريين بلحن سيد درويش، في استقبال سعد زغلول بعدما أفرجت عنه انجلترا في عام 1923 مرددين :
مصرنا وطنا سعدنا أملها...كلنا جميعا للوطن ضحية
أجمعت قلوبنا هلالنا وصليبنا...أن تعيش مصر عيشة هنية

هذا الإجماع على "الهلال والصليب" يبدو أنه أصبح خزيا عند الوفد فحذفوه من على قافلتهم !!

انتهى حزب الوفد في السنوات الأخيرة، ولم نرى هذا الحزب الذي كان عريقا في اى تظاهرة سلمية في الشارع، هذا الحزب الذي صال وجال في معارك حقيقة في الشارع منذ عام 1919 وحتى 1952، من اجل الوحدة الوطنية وطرد المستعمر وتحقيق العدالة الاجتماعية، خفت صوته، فلم نراه في أحداث نجع حمادي في الوقفات الاحتجاجية التي خرجت، ولم نراه منضما للجنة الوطنية للتصدي للعنف الطائفي،  ولم نراه في قضية الشاب خالد سعيد، اكتفى الوفد بالنضال من خلال مقره بالدقي. حزب الوفد الذي قاد الحركة الوطنية جمد عضويته في ائتلاف أحزاب المعارضة.

بيت سعد الذي كان يسمى بيت الأمة، وزوجته صفية التي سميت بأم المصريين، "الأمة" التي تحوى كل المواطنين المصريين من كافة أطياف المجتمع مسيحيين ومسلمين ويهود، تحول بيت "الأمة" إلى بيت للمسلمين، حزب الوفد العريق الذي ضم مصطفى النحاس وسينوت حنا ومكرم عبيد وويصا واصف وغيرهم يضم الآن الداعية سعاد صالح والشيخ فرحات المنجى، حزب الليبرالية العريق أصبح حزبا دينيا. ولا عزاء لليبراليين.

هوامش
برنامج الوفد ، الشئون الدينية  للقراءة انقر هنا