بقلم : صبحي فؤاد
منذ ايام قليلة وانا اسير فى احدى شوارع وسط مدينة ملبورن فوجئت بواحد يعترض طريقى كى يعطينى منشورا .. تصورت فى البداية انه ربما يكون دعاية لمطعم او متجر او فيلم جديد وكدت ان القى به فى سلة المهملات ولكن فضولى دفعنى للاتطلاع عليه على غير العادة فوجدته يتحدث عن سماحة الاسلام وفضائله وميزاته على الاديان الاخرى وانه الدين المفضل عند الله . وفى ختام المنشور وجدت دعوة صريحه تدعو الى اعتناق الاسلام لضمان دخول الجنه والتمتع بكل المزايا التى يوفرها الاسلام لمعتنقيه !!
ذهلت للجرأه التى كتب بها المنشور والحرية التى يتمتع بها هذا الشخص المسلم الذى كان يقوم بتوزيع المنشور الدعائى للاسلام بطريقة علانية فى بلد غالبيتة العظمى من المسيحيين رغم انه بلد علمانى يفصل بين الدولة والدين تماما.
بعد ان انتهيت من قراءة المنشور وجدت نفسى اسرح بخيالى واتخيل مالذى يمكن ان يحدث لو فعل انسان مسيحى نفس الشىء ووقف فى احد شوارع القاهرة او الرياض او بنى غازى او اى عاصمة عربية او اسلامية لكى يدعو المسلمين المصريين او العرب لدخول الدين المسيحى ..هل كان رجال الامن او المسلمين تركوه فى حاله يفعل ما يشاء بحرية وعدم خوف ؟؟ هل كان يمكن لهذا الانسان المسيحى ان يعود الى بيته واولاده سالما انه كان سيقبض عليه بعد دقائق قليلة ويتم ضربه وتعذيبة ورميه فى السجن وتوجيه تهم"التبشير بالمسيحيه وزعزعة الامن القومى والسلام لاجتماعى .. وهى تهم تصل بصاحبها الى حبل المشنقة ؟؟
طبعا كلنا يعرف ما الذى يمكن ان يحدث لو ان مسيحيا مصريا او من اى دولة اخرى اسلامية او عربية قام بتوزيع منشورات تدعو لاعتناق المسلمين الديانة المسيحيه او غيرها .. اكيد هذا الشخص سوف يختفى من الوجود ويصبح فى خبر كان.
فى استراليا ودول الغرب يسمح بالدعوة الى الاسلام او اى دين اخر من الاديان بحرية كاملة ودون اى قيود .. ويسمح ببناء الجوامع والمدارس والكليات الاسلامية ويتم تدعيمها بمساعدات مالية ضخمة من اموال دافعى الضرائب المسيحيين واليهود وغيرهم .. لا حظر ولا قيود تفرض من قبل حكومات الغرب على ممارسة المسلمين شعائرهم الدينية ..شروط بناء الكنائس هى نفسها بالتمام والكمال التى تطبق على بقية دور العباده الاخرى بلا تحيز او تميز او تدخل من الدولة .
اما فى الدول الاسلامية فانك تجد التبشير بالمسيحية او اى دين اخر غير الاسلام يعد جريمة عظمى يعاقب عليها فى كل الدول الاسلامية باقصى العقوبات .. وتفرض القيود والشروط على بناء دور العبادة لغير المسلمين وممارسة شعائرهم الدينيه من قبل انظمة هذه الدول.
واذا اسلم مسيحى فى الدول الاسلامية نجده فى لمح البصر يصبح نجما ساطعا من نجوم المجتمع وعبقرى زمانه وتفرش له السجاجيد الحمراء والخضراء وتلقى الزهور فى طريقه .. وتفتح له كل الابواب التى كانت مغلقة من قبل لكى ينهل من الخيرات والهبات والبركات بسخاء وكرم لا حدود او نهاية له .
اما اذا ترك مسلم دينه واصبح مسيحيا او يهوديا تجدهم بسرعة يدعون انه مجنون ومجرم وخائن وكافر ومرتد وعميل ومرتشى وباحث عن الشهره الى اخر سلسلة التهم الموجودة على وجه الارض .. ويقوم رجال امن الدوله هذه الدولة الاسلامية كما حدث فى مصر بمصادرة جواز سفره – او سفرها - وفرض الاقامة الجبريه عليها اوعليه فى محل اقامته رغم مخالفة هذا الاجراء لكل القوانين الدوليه والشرائع السماويه.
ترى لماذا كل هذا التناقض فى سلوك وتصرفات الشعوب وحكومات الدول الاسلامية ؟؟ لماذا لا يريدون لغيرهم ما يريدونه لانفسهم ؟؟ لماذا يحللون لانفسهم ما يحرموه على الاخرين ؟؟ ولماذا يرفضون بشدة التعامل معهم بالمثل ؟؟ لماذا يضعون انفسهم فوق الاخرين من ابناء الديانات الاخرى ؟؟ والى متى يظنون ان دينهم افضل عند الخالق من كل الاديان الاخرى ؟؟
ومتى يحكم العقل والمنطق والسماحة والحكمة تصرفاتهم وسلوكهم وفكرهم وردود افعالهم ؟؟ |