بقلم : يوسف سيدهم معتقدات قديمة ضاربة في جذور الثقافة المصرية آن الأوان لمراجعتها،لكن لأن الرجال هم حجر الزاوية في تقرير الأمور ولأنهم مستفيدون من بقاء الأوضاع كما هي عليه يبقي ذلك الأمر تحت السطح لا يمتلك أحد شجاعة وأمانة إثارته ودفعه علي مائدة الهموم المجتمعية المصرية لعلاجه...ويظل الخلل سائداً ويستمر الغبن واقعاً علي كثير من المظلومين والمحتاجين-أقصد المظلومات والمحتاجات-ويعجب المرء كيف أن مصر القديمة قدست الأم وبجلت المرأة وساوت بينها وبين الرجل حتي إن تاريخ مصر يفخر بالمرأة حاكمة تجلس علي قمة السلطة،ثم تلت ذلك عصور أعطت للمرأة هيبتها واحترامها ولم تفرق بينها وبين الرجل، ويذكر الدارسون في التاريخ القبطي أن التشريع القبطي الذي وضعه أولاد العسال حدد أنصبة متساوية للمواريث توزع بين الذكور والإناث...فما بالنا مازلنا نفرق بينهما ونبرر ذلك بمقولات عفي عليها الزمن مثل:«الولد بيعول البنت وبيصرف عليها يبقي لازم ياخذ أكتر منها «ومثل» البنت مصيرها الجواز وفلوسنا ما تروحش لراجل غريب»!! وتظل هذه التبريرات الواهية تسود ويستمر الرجل في حصد نصيب الأنثيين، أو حتي في استحلال مصادرة إرث الأنثي تماما واغتصابه لنفسه فيأخذ ما يعتقد أنه حق له بينما يفرط في واجب الرجولة...وكم من حالات مؤلمة نسمع عنها لأرامل فقدن أزواجهن ويقمن بتربية وإعالة بنات، أو لفتيات لم يتزوجن وقد استولي ذووهن من الرجال علي ميراثهن دون أن يتحملوا أي مسئولية تجاههن.. فأين واجب الإعالة؟.. وأين شهامة الرجولة؟ أمامي رسالة مؤسفة تصرخ من جراء هذا الواقع القبيح جاءتني من السيدة «س.غ» من بني مزار- المنيا تقول فيها: «أنا أرملة توفي زوجي من سبعة عشر عاماً وترك لي طفلتين الكبري عمرها أربعة أعوام والصغري عامان. وبالرغم من الظروف القاسية التي واجهتني أكرمني الله في تحمل مسئولية تربيتهما وتعليمهما حتي أصبحتا اليوم الكبري في الفرقة الثالثة بكلية الطب بجامعة قنا والصغري في الفرقة الأولي بكلية الطب بجامعة بني سويف...مشكلتي التي أعانيها منذ وفاة زوجي والتي ألقت بظلال كئيبة علي حياتي وحياة ابنتي هي رفض إخوته إعطاءنا نصيبنا في ميراثه لديهم، ولم تفلح مطالباتي المتكررة وإلحاحي عليهم في زحزحتهم عن صلفهم وقسوتهم وتنكرهم لحقنا، الأمر الذي دفعني إلي اللجوء للقضاء، حيث أقمت دعوي قضائية قيدت برقم 210 لسنة 1995 حسبي جزئي بني مزار، ثم رقم 305 لسنة 1999 حسبي كل بني مزار، وفي عام 1998 حصلت علي حكم المحكمة بميراث شرعي لي ولبنتي قدره أربعة أفدنة وستة قراريط من الأرض الزراعية.. هذه الرسالة أرفعها إلي السلطة المحلية والأمنية بمحافظة المنيا لعله يمكن عمل شيء لحماية هذه السيدة من المصير الذي يحيق بها.. لكنها تبقي رسالة تفضح الخلل البشع في مجتمعنا والمتصل بحق أصيل من حقوق المرأة، وسكوت المجتمع علي الظلم الفادح الناتج عن هذا الخلل.. أين الرجولة المصرية؟ .. وإذا كانت غائبة فأين الضمير المصري؟ |
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا |
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا |
تقييم الموضوع: | الأصوات المشاركة فى التقييم: ٨ صوت | عدد التعليقات: ٤ تعليق |