CET 23:16:35 - 09/07/2010

الكلام المباح

بقلم: ميرفت عياد
" ياحيوان ..ياكلب..أنا هاقطعك..أنا هاموتك..أنا هاشويك فى النار..ربنا يخدك ياشيخ ..ربنا ياخدك..كان يوم أسود يوم ما جيت....".
عفوًا أيها القارئ العزيز، هذا ليس جزء من حوار فى فيلم دراكولا، أو أمنا الغولة، بل هو جزء من حوار موجّه إلى طفل لم يتعد عمره السبعة أعوام، رأيته فى الشارع وأمه تمسك به، وتكيل له الضربات واللكلمات والشتائم، كأسد زائر يريد أن يفتك بفريسته، هكذا خُيّل إلىّ وهى تمسك به، وتقذفه على الأرض.

وظلت ملامح تلك السيدة تزداد وحشية، وهى تصرخ فى هيسترية غريبة لاعنة ابنها، وهى تصب عيه وابل من اللعنات، فأحسست أن هذا الطفل المسكين قارب أن يفارق الحياة من كثرة الدموع والبكاء؛ حتى كاد أن يُغشى عليه، ومع ذلك لا تريد أن تتركه تلك المرأة.

فقررتُ التدخل لأهدئ من روع المرأة، ولكنها دفعت بيدى التى كنت أربت بها على كتفها، وهى تقول: "أنت مالك..هو ابنك ولا ابنى..وبعدين ده ولد مش متربى ..ده حيوان لازم يضّرب علشان يمشى زى الجزمة...".

وللمرة الثانية أعتذر لعزيزى القارئ عن تلك الألفاظ النابية، والحقيقة إننى شعرت بنفس احساس الإستياء والغضاضة التى أنتم تشعرون بها الآن من فظاظة تلك المرأة، المهم إننى تركتها وأنا أقول فى نفسى: يا سيدتى إن التربية بريئة من التعذيب الذى تمارسينه تجاه ابنك.

وتأسفت على مصير هذا الولد عندما يكبر، وتكبر معه الكثير من العقد النفسية التى ستحول دون ممارسته لحياته بصورة طبيعية، لأنه، ببساطة، تحول نبع الحب والحنان إلى بركان من الغضب والإهانة والتنكيل به، فكيف إذًا يحترم ذاته وإنسانيته، وبالتالى غيره، وهو مُهان من أقرب الناس إليه.

وفى تلك اللحظات، أحسست بمشاعر الحزن تسرى فى قلبى، كسريان السم فى الجسد، وهذا صوّر لى المجتمع بصورة قاتمة مرشوشة بلون الدماء التى سالت من أرجل هذا الصبى من كثرة ارتطامه بالأرض. ووجدت نفسى أتساءل إذا كانت هذه هى صورة الأمومة فى أجمل معانيها، فكيف ستكون صورة العلاقات الإجتماعية الأخرى؟ إذا كانت الرحمة والحب والحنان جفت منابعهما، فمن أين سيرتوى هذا المجتمع؟ من المؤسف إنه سيبحث عن الإرتواء من أى بئر مياهه أسنة، وهذا سيؤدى إلى العديد من الأمراض الإجتماعية التى سيظل يعانى منها المجتمع. حقاً فقد صدق الشاعر الكبير "أحمد شوقى" حين قال: الأم مدرسة إذا أعددتها..أعدت شعب طيب الأعراق.

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٩ صوت عدد التعليقات: ٤ تعليق