بقلم: محمد بربر
تطالعنا الفضائيات كل ليلة ببرامج وأخبار وضيوف وحلقات, الأحاديث اليومية شبه مكررة, والقضايا قائمة, ما تسمعه هنا تسمعه هناك، حتى والمذيع يطلب من صاحب المداخلة التليفونية "وطى التليفزيون شوية من فضلك", معظم البرامج الفضائية عزفت عن مناقشة مستقبل هذا الوطن وما ينتظره وننتظره.
فى "أمريكا" والدول المتقدمة يستغلون وسائل الإعلام فى تعريف الجمهور بمستقبل أوطانهم, اختراعات جديدة، واكتشافات الساعة, وسبل تطوير مجالات الحياة, فى "مصر" والدول الفقيرة النامية المسكينة البائسة، تستغل القنوات الفضائية الجمهور, هنا فضيحة، وهناك سى دى, نائب مختلس جاء عن طريق انتخابات أقسم الجميع أنها مزوّرة الإ الحزب الوطنى الذى يرى دائمًا "الحياة وردى".
المدهش فى وسائل إعلامنا، إنها فقدت هويتها، وتوحّدت على أن تفتّش فى الماضى أو تلعن الحاضر, حتى مناقشاتها لقضايا الساعة تأتى – غالبًا – منقوصة, وشهيد الطوارىء "خالد سعيد" ليس عنا ببعيد, تعاملت بعض البرامج الشهيرة مع القضية على أساس أنها المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية, وتناست أن من أهم وظائف الإعلام هو التحقيق العادل والحيادي.
ومن تكرار القضايا والحلقات والتقارير، إلى تكرار الأخبار والضحكات, حتى وجوه الضيوف, مكررة أيضًا, وما يؤسفنى أننى خلال عملى معدًا بإحدى البرامج الفضائية، رأيت فى بعض الضيوف ما يمكن أن نسميه "أبطال من ورق".
ورق البنكنوت أحيانًا يكون له رونقه، والإغراء قاتل. صدقنى حينما أخبرك أن ضيفًا من هؤلاء قال فى برنامج ما حديثًا طويلاً امتد لساعة، ثم تناول الشيك فى آخر الحلقة وعلى وجهه سعادة غامرة, وحتى تستمر السعادة فى حياته, استضافته قناة أخرى ليقول عكس ما قاله متعمدًا؛ لأنه يعرف الخلافات العميقة بين القناتين, ثم تناول الشيك, الشيك فى حياته سيد, ولا هم له وأمثاله سوى جمع المال, وربما تأتى الشهرة فى المرتبة الثانية, أبطال من ورق يسيطرون على إعلامنا، يزيفون الحقائق وينشرون أفكارهم المتناقضة، ولا هم لهم سوى ورق البنكنوت, أدام الله عليهم حب المال، وأدام علينا كراهيتهم. |