CET 00:00:00 - 22/04/2009

مساحة رأي

بقلم: نبيل المقدس
الجنس في حد ذاته لا يحمل أية صفة أخلاقية، الجنس هو أمر طبيعي وجزء من حياتنا كالأكل والشرب وغيره من احتياجات الجسد، لذلك فإن كيفية ممارسته هو الذي يحدد ما إذا كان بركة أم لعنة... أو يقودنا إلى السماء أم ينزل بنا إلى جهنم، كما أن بمقدور بعض الناس يجنون من الجنس الثمر المفيد والبعض الآخر يحصدون العواقب الجسيمة.
والجنس غير المنضبط يُعتبر واحداً من أوسع الطرق التي تنتهي بطرف مسدود -أي الطريق الذي لا يؤدي إلى معرفة الحق-، ولنا مثال واضح في الكتاب المقدس في حياة الملك سليمان، فقد إتجه إلى حياة الجنس غير المنضبط في أواخر حياته.. ليس عن جهل.. بل مدرك تماماً معنى الإنحراف, "وأحب نساء غريبة من الأمم الذين قال عنهم الرب لبني إسرائيل لا تدخلون إليهم وهم لا يدخلون إليكم لأنهم يُميلون قلوبكم وراء آلهتهم, فإلتصق سليمان بهؤلاء بالمحبة... وكان في زمان شيخوخة سليمان أن نساءه أملن قلبه وراء آلهة أخرى ولم يكن قلبه كاملاً مع الرب إلهه كقلب داود أبيه!!" (ملوك الأول 11: 1–4).
ما الذي يجعل سليمان الملك إبن داود أن ينغمس في هذه الشهوات الجنسية وهو يعلم تماماً أن هذا لا يُسر به الله؟؟ أكيد ميوله الجنسية كانت غير منضبطة.! فقد قرر سليمان أن يجرب الملذات الحسية ولكنه لم يجد فيها شيئاً تشبع نفسه، حتى أنه قال في أواخر سنين عمره في سفر الجامعة 2: 10–11 "ومهما اشتهته عيناي لم أمسكه عنهما.. فإذا الكل باطل وقبض الريح ولا منفعة تحت الشمس." لذلك ماتت الحياة بين يديه.. لأنه كان يسعى في طلب مغلوط غير منضبط.. ولم يطلب الأهم أولاً.

لكن لنا مثل حي للجنس المنضبط في تجربة يوسف.. ففي تكوين 29: 7-9 "وحدث بعد هذه الأمور أن إمرأة سيده رفعت عينيها إلى يوسف وقالت اضطجع معي, فأبى وقال لها هوذا سيدي لا يعرف معي ما في البيت وكل ما له قد دفعه إلى يدي, ليس هو في هذا البيت أعظم مني, ولم يُمسك عني شيئاً غيرك لأنك إمرأته.. فكيف أصنع هذا الشر العظيم وأخطئ إلى الله." نجد هنا أن يوسف كان منضبطاً جنسياً بالرغم من كونه شاباً وسيماً وكان يُعتبر أجيراً في بيت فرعون -أي ليس له سلطان أن يرفض- بعكس سليمان الذي شاخ وكان له السلطان في أن يتحكم في ميوله الجنسية، الفرق بينهما والذي جعلهما مختلفان في عملية الإنضباط أن يوسف كان يخاف الله أي أنه كان منضبطاً... أما سليمان لم يكن قلبه كاملاً مع الله أي أنه كان غير منضبطاً.

كثيراً ما نذهب بعيداً محاولين تبرير السير في الطريق الخطأ... تركت زوجة خطاباً قبل أن تهجر زوجها تذكر فيه أنها سوف لا ترجع مرة أخرى إلى بيتها لأنها سوف تقيم علاقة مع رجل آخر، وأضافت في رسالتها أن المسيح وافق ولم يمانع بإقامة علاقات جنسية خارج الزواج إذ أنه قال للمرأة التي أمسكت في ذات الفعل "ولا أنا أدينك"، لكن صاحبة الرسالة تجاهلت بقية كلمات المسيح لتلك المرأة، فقد أضاف "اذهبي ولا تخطئي أيضاً"، فصاحبة الرسالة حاولت أن تدنس الطاهر بتبرير ما هو غير طاهر.
علينا أن نتذكر أن الجنس عطية منحها الله ولذلك من الممكن أن يباركها في حياتنا ويستخدمها في الأمور المثمرة، فالجنس جزء لا يتجزأ من كياننا، فلن نستطيع أن نتهرب منه أو نتجاهله ولا نلاشيه من حياتنا، لذلك لا ندعو إلى موقف غير طبيعي من الجنس مثل الكبت, لأن نتيجة الكبت والضغط يختفي الجنس في العقل الباطن فكأنك تقفل عليه تحت الغطاء وتجلس فوقه، فيشعر الفرد بقلق واضطراب وهو يجهل السبب.

فأغلب حالات الطلاق والزواج الثاني هي نتيجة شهوة الجسد لأي من الطرفين، وهذا ما كان يقصده يوحنا في رسالته الأولي 2: 15–17 "لا تحبوا العالم ولا الأشياء التي في العالم, إن أحب العالم فليست فيه محبة الآب, لأن كل ما في العالم شهوة الجسد وشهوة العيون وتعظم المعيشة ليس من الآب بل من العالم, والعالم يمضي وشهوته وأما الذي يصنع مشيئة الله فيثبت إلي الأبد."، ولكي تنتصر على الشهوة والتي هي مصدر الطلاق والزواج الثاني عليك أن تراقب محور تفكيرك، فكل ما يتقبله فكرك من المتوقع أن ينتقل إلى حيز التنفيذ, لأن الفكرة أو الرأي ليست مجرد أمور سلبية خاملة بل هي أمور إيجابية عاملة، أي أنه لو قبلت فكرة معينة لوقت ما, فإن هذه الفكرة تتحول إلي فعل, شاءت إرادتك أم رفضته، فالفكر يتحكم في المصير، فإذا سمحت لفكر الشهوة أن يشغل عقلك فلا تتوقع أن ينقذك الله من الوقوع في الخطية.؟ وكما نعلم أن القضاء على الأفعى هو دحر البيضة قبل أن تفقس, كذلك فالقضاء على ظاهرة الطلاق والزواج الثاني تتجسد في القضاء على الشهوة المغلوطة وغير المنضبطة في بدايتها.

يقول بولس في رومية 13: 13–14 "لنسلك بلياقة كما في النهار ولا بالبطر والسكر لا بالمضاجع والعهر لا بالخصام والحسد, بل البسوا الرب يسوع المسيح ولا تصنعوا تدبيرا للجسد لأجل الشهوات."، وما يقصده الوحي هو أن نغلق أذهاننا في وجه الأفكار الجنسية المغلوطة، بل كل ما علينا أن ندخل المسيح في بداية الفكر وسيظل معنا حتي النهاية.
قال أحدهم: عندما تطرق التجربة بابي, أطلب من المسيح أن يرى من على الباب, وعندما يفتح هو لا أجدها..!!!

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٥ صوت عدد التعليقات: ٢٠ تعليق