بقلم : مأمون فندي |
المملكة العربية السعودية بدخولها قمة العشرين أصبحت «جوه»، أي في داخل غرفة الحوار حول السياسات العالمية، ولم تعد كما اعتاد العرب أن يكونوا خارج الغرف، فقط يستمتعون بالطرق غير المجدي على الأبواب. السعودية اليوم تساوم وتعقد الصفقات حول النفط وحول فلسطين وحول السياسات الاقتصادية العالمية، لأنها «جوه». الدول «اللي بره» تظل «بره» اللعبة العالمية، مهما كان ضجيجها خارج الأبواب المغلقة. قمة العشرين هي التجمع الاقتصادي للكبار الموازي لمجلس الأمن الاقتصادي العالمي، وربما يكون نموذج قمة العشرين هو نموذج توسعة مجلس الأمن في الأمم المتحدة، تجمع دولا ذات ثقل اقتصادي وسياسي. لقاء الملك عبد الله بن عبد العزيز مع الرئيس الأميركي باراك أوباما في قمة العشرين كان مقدمة للقائهما الثنائي في البيت الأبيض. لقاؤهما في قمة جادة مثل قمة العشرين يدور الحديث فيها حول مستقبل الاقتصاد العالمي، ثم يتبع ذلك زيارة تناقش القضايا الثنائية بين البلدين، هذا يمنح العلاقات الثنائية بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة بعدا دوليا مهما. وعندما يكون لدولة مثل المملكة العربية السعودية دور عالمي في القضايا الاقتصادية، يصبح من المقبول ومن المشروع أن يكون لها دور سياسي في نظر صانعي القرار في الولايات المتحدة وفي العالم كله. إنجاز الملك عبد الله بن عبد العزيز في إدخال المملكة إلى الأندية الدولية الكبرى التي تقرر سياسات العالم وليس منطقة الشرق الأوسط فقط، هو إنجاز غير مسبوق في العالم العربي. هذا الإنجاز يحسب للملك ولسياسة المملكة. ولولا أن المملكة مثقلة بحقائب الشرق الأوسط السياسية الثقيلة، أي لو أنها تسافر خفيفة بحقائبها وحدها، لكنا شهدنا لها دورا أكثر تميزا مما عليه الآن. ومع ذلك، لا يرضى من هم خارج غرفة تحديد السياسات العالمية (من جماعة طرق الأبواب والزعيق من بره) عن أداء المملكة، يريدون المملكة مناضلا مفلسا، بدلا من كونها لاعبا حقيقيا في تشكيل السياسات العالمية. ويستوقفني هنا تناقض غريب في الوجدان العربي، لقد فرح العرب عندما نجح فريق عربي (فريق الجزائر) في الوصول إلى كأس العالم واعتبروه ممثلا لهم في هذه المناسبة الرياضية العالمية، ولم يفرح البعض لأن المملكة هي ممثل العرب الوحيد في قمة العشرين البالغة الأهمية، فلماذا هذه الغيرة غير المبررة؟ من واجب العرب أن يفرحوا لأن لهم صوتا قويا يمثلهم في هذا المحفل الدولي الهام، ولأن من يمثل هذا الصوت هو الملك عبد الله بن عبد العزيز الرجل الأمين على مصالح العرب كما يقر العدو قبل الصديق. فليس هناك عربي يشك في أن الملك عبد الله سيحافظ على مصالح العرب مهما كلفه ذلك. ويذكر له الجميع مواجهته مع الرئيس بوش في مزرعة الأخير في تكساس عندما أصر على أن يرى الرئيس الأميركي شريط الفيديو الذي يبين بشاعة العنف الإسرائيلي تجاه الفلسطينيين. مقابل مقاومة الاحتلال بأدوات حقيقية جادة التي تقوم بها المملكة العربية السعودية، لدينا في عالمنا العربي دول يمكن تسميتها بدول الاختلال، ففي المنطقة لدينا دولة احتلال هي إسرائيل، ودول اختلال تعرقل الجهود البناءة ولا تنظر إلا إلى مصلحتها الضيقة. المملكة العربية السعودية، هي مصدر توازن لحالة الاختلال السائدة في العالم العربي، وحجر عثرة أمام قوة الاحتلال الغاشمة التي تحاول ابتلاع الأراضي العربية. بات ضروريا اليوم أن يدعم العرب الدور السعودي الجديد، بدلا من إلقاء عصا في العجلة بدافع الغيرة. لنغلب مصالحنا الكبرى على مصادر الغيرة الصغيرة، ونقف خلف الملك عبد الله من أجل دعم القضايا العربية العادلة. لا نحتاج إلى نواح وعويل من «بره»، أو من خارج غرف رسم السياسات العالمية، نحتاج أن ندعم لاعبنا الوحيد «اللي جوه». فبدلا من إصدار أصوات تشويش من الخارج، علينا دعم من بالداخل. إن الوقوف العربي خلف المملكة اليوم هو الضمان لنقل القضايا العربية من عالم التسول السياسي إلى عالم المقايضات السياسية المبنية على مبدأ «خذ وهات»، أي أعطني شيئا كي أعطيك شيئا في المقابل. المملكة لديها الكثير القادر على التأثير والعطاء، لذا ستكون لها القدرة أن تأخذ وبقوة، وهذا ما نحتاجه اليوم. |
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع |
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا |
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا |
تقييم الموضوع: | الأصوات المشاركة فى التقييم: ٠ صوت | عدد التعليقات: ٠ تعليق |