بقلم: سحر غريب
آه بلدنا عسل، ولكنه عسل أسود، عليه طبقة سميكة من النيلة، التي تحمل قدرة خارقة علي تحويل حياتنا إلي فنطاس نيلة سوداء مطينة.
هذه هي الرسالة التي وصلتني بعد مُشاهدة فيلم "أحمد حلمي" الأخير "عسل أسود"، ورغم أن البعض هاجم الفيلم، وقال عنه إنه فيلم يسيء إلي سُمعة "مصر"، قال يعني سُمعة "مصر" محتاجة لفيلم حتي يتم الإساءة لها، سُمعة "مصر" أصبحت هي حجة البليد، أو حجة النعامة التي تدفن وجهها في الرمال؛ لأن وجهها فضيحة وعورة لا يجب أن تنكشف علي القاصي والداني، فكم من الجرائم والتكتيم علي الجرائم تُرتكب تحت مُسمي عدم الإساءة لسُمعة "مصر"؟!!!
يحكي الفيلم عن شاب يُدعي مصري عائد من "أمريكا" وكله حنين إلي بلده "مصر"، لدرجة أنه عاد وليس معه باسبوره الأمريكي، واكتفي بالباسبور المصري؛ ليفاجأ بأن المصري ليس لديه حقوق في بلده، وتستمر الأحداث.
يقولون عن الفيلم إنه غير واقعي، وأقول عنه واقعي بنسبة تكاد تصل إلي 99 % ، فأي عائد من الخارج يتعامل بالحتة مع كل ما يقابله في بلده "مصر"، أو بمعني أدق يري التفاصيل ويقف عندها، أما نحن أهل البلد فنري "مصر" بالجملة، لا ندقق في عيوبها، فلو دققنا تعبنا وأصابتنا القُرح النفسية والأمراض الجسيمة.
أما العائد من الخارج، حيث الدول التي تهتم بأدق التفاصيل الآدمية الصغيرة، فإنه من الطبيعي أن يري "مصر" دولةً مُقصرة، دولة ينقصها الكثير والكثير.
لي صديق يعيش في "أمريكا" كلما زار "مصر" مُجبرًا، يتمني وهو علي سلم الطائرة أن يعود إلي "أمريكا" البلد الحاضنة له، جميع كلماته تبدأ عندنا "في أمريكا مافيش الكلام دا خالص"، أنتم لازم تيجوا "أمريكا" معانا عشان تعرفوا بنفسكم، أنتم هنا في "مصر" مش عايشين.
وصديقي هذا يتابع أخبار "مصر" يوميًا من خلال الفضائيات والجرائد المصرية، ويحلو له دائمًا أن يمصمص الشفاة، ويتحسر علي حال البلد، لا هدف له من تلك المتابعة إلا المشاركة الوجدانية مع أهل "مصر" المطحونين، ثم يحمد ربه علي هروبه من جحيم بلاده.
ويتفنن صديقي هذا عند عودته في تعكير صفو صمتنا ورضانا بالمهزلة الغير آدمية التي نحيا فيها، صديقي هذا لم يضع في أعتباره أننا راضون بالواقع لعجزنا عن تغييره، مُجبر أخاك لا بطل، فما تحتاجه مصر لكي تتغير إلي الأفضل يفوق قدراتنا وقدراته ويحتاج منا إلي وقفة جادة مع النفس لكي تتحرر من جمودها وتخلفها. |
|
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك
أنقر هنا
|
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر
أنقر هنا
|