بقلم: أرنست أرجانوس جبران ومن يدري.. وبينما وهو منهمك في عمله هذا، قد يمر به بعض من المارة أو حتى بعض من الأصدقاء.. رأوه يحفر ويخطط من داخل ذاك الجراج الصغير.. وبعد أن أداروا ظهورهم إليه، صاروا يتهكمون ويضحكون وقد يكونون قد وصفوه بالجنون.. تمامًا كما وصِفَ نوحٌ عندما قال لقومه: إن الطوفان قادم لا محالة.. ولكن في نفس الوقت، هناك بعض من الأصدقاء المخلصين الذين يؤمنون بقوة المعجزات الخارقة لجميع قواعد الطبيعة، صاروا يعاونون صاحب الرؤيا المستقبلية.. وتمسكه بإيمانه.. بأنه يمكن لهذه الكرمة أن تنبت.. إلا أن إيمانهم لم يدمْ طويلاً عندما صُدموا بالواقع المرير، وراحوا يتراجعون واحدًا تلو الآخر.. وهم محبطين مثبطين للهمم.. جاعلين الباقين يقدحون زناد أفكارهم تارة.. وقد يكونون فقدوا رجاءهم في لحظة من اللحظات تارة أخرى.. نعم، هذا الشخص هو الأستاذ صموئيل اسطفانوس صاحب هذه الرؤيا ومؤسس قناة الكرمة التلفزيونية منذ أن كانت فكرة في أوائل الألفينيات وبدئها البث عام 2005.. وزوجته المؤمنة مدام منى.. والحقيقة تقال، عندما جعلتُ عنوان هذا المقال يخص الكرمة النباتية وكيف تنبت من داخل جراج..!! والصعوبات التي تواجه الزارع إذا ما استخدم علم الأحياء وعلم المنطق وعلم الحساب.. فالجميع سيجمع على استحالة نجاح الفكرة، فكم بالحرى يكون حال إنشاء قناة تلفزيونية من داخل جراج.. فبكل تأكيد سيكون الأمر أكثر صعوبة وأكثر تعقيدًا.. فهل يعقل أن يضع رجل مستقبل أسرته على خط النار..!! ولاسيما وهم لا يمتلكون المال الوفير، بل وضعوا كل مالهم وكل مدخراتهم في هذا المشروع.. أمّا ما يقوله العقل والمنطق، فهو مختلف تمام الاختلاف.. فمن الوهلة الأولى، تدخلتْ العناية الإلهية للتوافق الروحي والتكامل الجسدي بين الزوجين المباركين.. وكم كان افتخاري بأن أكتب هذه الكلمات لأبرز ذرّة من هذا العمل العجيب.. وكيف كانت تحتمل الأسرة تلك الصعوبات المتتالية.. منها المنزل الذي أصبح مفتوحًا للعاملين.. حتى غرف النوم، أصبحتْ لا حُرمة لها، لأنها كانت ملجأ للكثيرين من العاملين.. ثم.. متى يقضي الأخ صموئيل وقتًا هادئًا مع زوجته وأبنائه ولاسيما الأبناء الذين يحتاجون إلى عناية خاصة..!! كيف ينام قرير العينين مع كل هذه المسئوليات التي لا نهاية لها.. هذا ناهيك عن الالتزامات المالية وكم كانت شجاعتة وثقته بعمل الرب.. عندما كان يوقع على الصكوك المصرفية أو البنكية.. فإن أخلّ بدفع إحداهم في الموعد المحدد، لكانت العاقبة وخيمة لا سمح الله.. بالفعل كان الروح القدس يظلل على هذا العمل منذ أن كانت فكرة في مهدها وإلى الآن وإلى المستقبل باذن الرب.. نعم.. واليوم وعند كتابة هذه السطور، وأثناء الجمع نصف السنوي للكرمة (يونيو 2010) ونحن في اليومين الأخيرين لهذا الجمع.. أشعر بشعور عجيب يدفعني للكتابة وعلى الرغم من عدم معرفتي الشخصية بالأستاذ والأخ صموئيل كما ذكرتُ آنفًا، إلا أنني أعتقد بأنني أعرفه جيدًا كما أعرف جميع أسرة الكرمة والعاملين بها فردًا فردًا وعن قرب.. وكأنما هم تركيبة منتقاة من قِبل الرب، ليكمل بعضهم البعض لإكمال هذا العمل المُقدس.. وإنني أشعر بأن الروح القدس يظلل على هذه القناة بطريقة ملحوظة كما جاء بانجيل لو4: "روح الرب عليَّ لأنه مسحني لأبشر المساكين، أرسلني لأشفي المنكسري القلوب، لأنادي للمأسورين بالإطلاق وللعمي بالبصر، وأرسل المنسحقين في الحرية، وأكرز بسنة الرب المقبولة" والمجد لله دائمًا.. وهنا وجب عليَّ ذكر العرفان بالجميل والذي تقدمه الكرمة والمساعدات المادية والمعنوية للكثيرين.. سواء في بلاد المهجر أو في مصر.. وهذا الروح الموجود بالكرمة الذي ينبني على مبدأ هام ألا وهو، عدم التفرقة بين الطوائف.. فكل طائفة تجد طريقها إلى الكرمة بتلقائية تامة.. حقيقة أتمنى من كل طائفة ومن موقعها الكنسي أو الفردي، أن تحذو حذو الكرمة.. بل وتتمثل بالكرمة الحقيقية وهو المسيح.. حتى وإن اختلفنا في الطقوس أو الآراء.. لا نعادي ولا نهاجم.. نعمل في صمت، ونصلي بأن نكون مكملين لبعضنا البعض.. مَن هو بولس ومن هو أبلوس.. فبولس غرس وأبلوس سقى لكن الله كان يُنمِّي.. وكل واحد سيأخذ أجرته بحسب تعبه "1كو3". وهنا أيضًا يجدر بالذكر أن أرفع صوت شكر إلى الله في توافق الاختيار لكل من يخدم في الكرمة سواء الجنود الظاهرين الذين نراهم على الشاشة أو الجنود الغير مرئيين.. فالشكر وكل الشكر لهم جميعًا لخدماتهم والرب يبارك حياتهم .. أما بخصوص البرامج فهناك برامج متميزة كثيرة.. ولكن قبل كل شيء، أود أن أشكر القناة ودورها السريع والشجاع والفعّال الذي قامت به تجاه قضية شهداء نجع حمادي حيث اغتيل ستة من الأقباط في ليلة عيد الميلاد هذا العام في 7يناير 2010، ثم الدور الكرازي الذي تقوم به الكرمة ولاسيما البث المباشر من الكنيسة المرقسية بالقاهرة أثناء عظة أبينا رجل الله القمص مكاري يونان والموهبة المعطاه له من الله لشفاء المرضى وإخراج الشياطين.. وكيف أن الله يتمجد بمعجزات لا توصف.. فلهذا يرى العالم العربي بأجمعه مدى قوة إلهنا العظيم المبارك.. فهذا مجال آخر من مجالات العمل الكرازي.. وأيضًا أود أن أشيد بالبرنامج الإخباري.. وهو نواة لمستقبل قناة الكرمة.. وأنا واثق إذا ما اكتملت اللبنة الأساسية للقناة وتوافرت الإمكانات، سيكون لقناة الكرمة مراسلون في مصر لمتابعة ما يجابهه أقباطنا من اضطهادات وتفرقة.. بل بإذن الله أيضًا في بقية البلاد العربية التي تضطهد فيها أقلياتها المسيحية.. وكما قالها الأستاذ صموئيل وبمعنى: "إنْ صَمَتْنا وضَعُفنا وخفنا من المجاهرة بالحق، نجعل الفرصة متاحة للشر أن يحل محل الخير" وكم أعجبتنى هذه الكلمات وهذا التصريح ..
وأخيرًا، أرجو أن أنوهَ بأن الله يريد نشر كلمته بشتى الطرق.. لئلا يكون لدى أي إنسان عذر بأنه لم يسمع عن المسيح.. فأنت بلا عذر أيها الإنسان، ولهذا سمح الله بفتح عدة قنوات مسيحية هامة، والتي نعتبرها كعمل مكمل للآخر.. وليتنا أيضًا نقوم بتعضيدها بما يسمح به الجود والعطاء.. ويجدر أيضًا بألا ننسى بقية مجالات الإعلام الأخرى: مثل الجرائد والمجلات.. ففي وقتنا هذا أعلم علم اليقين بأن هناك بعضًا من الجرائد والمجلات الجريئة والتي تدافع عن حقوق الأقباط المهضومة، قد توقفت عن الإصدار في مواعيدها الدورية نسبة لضعف التعضيد.. فحرام علينا.. ضياع السنوات الطوال من الكفاح والجهد من أجل إبراز القضايا القبطية.. وإن توقفت تلك الجرائد أو المجلات لفقدنا مجالاً هامًا من مجالات الإعلام.. لأن هناك فئة من الناس لا يشاهدون القنوات التلفزيونية المسيحية، فيجب علينا تغطيتها بالإعلام المقروء.. من فضلكم.. أكرر من فضلكم لا تنسوا تعضيد الجرائد والمجلات.. .. هيوستن – تكساس |
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا |
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا |
تقييم الموضوع: | الأصوات المشاركة فى التقييم: ٣ صوت | عدد التعليقات: ٢ تعليق |